تفسير سورة الفجر للأطفال
تفسير سورة الفجر للأطفال
سيتمّ في هذا المقال بيان تفسير سورة الفجر بحسب موضوعاتها بطريقةٍ سهلةٍ وميسّرة يُمكن الاستعانة بها في شرح السورة للأطفال:
القسم الإلهي في السورة
افتتح الله -سبحانه وتعالى- السورة الكريمة في الآيات من (1-5) بالقسم بخمسة أشياء لها مكانتها وشرفها، فقال -تعالى-: (وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ* وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ* وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْر* هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ)، وقد أقسم الله -سبحانه- بوقت الفجر، وأقسم بالليالي العشر من ذي الحجة، وأقسم -تعالى- ب الشفع والوتر ، وأقسم أيضاً بالليل إذا أرخى ظلامه على العباد، وهذا القسم الذي أقسمه الله -تعالى- لكل ذي عقل وإدراك وفهم.
بيان ما حلّ في الأقوام السابقة من العذاب
تحدّثت الآيات من (6-14) عن قصص بعض الأمم السابقة المكذبة للرسل؛ كعاد وثمود و قوم فرعون وما وقع بهم من العذاب، ونبيّنها فيما يأتي:
- قال -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ* إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ* الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ)
وجّه الله -تعالى- الخطاب في هذه الآيات لرسوله -صلى الله عليه وسلم- وللمسلمين؛ ألم تروا كيف أهلك الله هذه الأمم الطاغية؟ مثل قوم عاد الجبارين؛ وهم قبيلة إرم القبيلة المعروفة في اليمن ذات القوة والأبنية العالية، والتي لم يُوجد مثلهم بالقوة والبأس.
- (وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ* وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ)
أي: وكيف أهلك الله ثمود؛ وهم قوم النبي صالح -عليه السلام- الذين نحتوا الصخور بقوّتهم، فاتّخذوها مساكن، وكيف أهلك الله -تعالى- فرعون مَلِك مصر الذي كان له الكثير من الجنود الذين ثبَّتوا مُلْكه، وقوَّوا له أمره.
- (الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ* فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ* فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ* إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ)
أي قوم عاد وثمود وفرعون ومن تبعهم، فإنهم ظلموا الناس، وآذوهم في دينهم ودنياهم، ونشروا الفساد في الأرض، فلما أكثروا فيها الفساد، وسَعَوا في محاربة الرسل وصدّ الناس عن سبيل الله؛ عاقبهم الله -تعالى- عقوبةً شديدة، فعذّبهم عذاباً شديداً، وذلك بسبب طغيانهم.
بيان أن الحياة ابتلاء للناس بالخير والشر
تحدّثت الآيات من (15-20) عن كوْن الحياة ابتلاءً للناس بالخير والشر؛ ووضّحت أن كثرة النعم على العبد ليست دليلاً على إكرام الله له، وليس ضيق العيش دليلاً على إهانته، وفيما يأتي توضيح ذلك:
- (فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ* وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ)
أي إن بعض الناس إذا وسّع الله لهم في رزقهم؛ يعتقدون أنّ هذا من إكرام الله لهم، وأمّا إذا ضيَّق عليه رزقه فيعتقد أن ذلك لهوانه على الله.
- (كَلاَّ بَل لّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ* وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين* وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَّمًّا* وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا)
أي وليس الأمر كما يظنّ الناس، بل الإكرام يكون ب طاعة الله، والإهانة تكون بمعصيته، أما الرزق ففيه اختبارٌ من الله -تعالى-؛ هل يكرم اليتيم، وتسد حاجة المسكين المحتاج، ويحثّ بعضهم على إطعامه، أم يُؤكل مال الميراث بدون وجه حق؛ لحبهم الشديد المفرط للمال.
أهوال يوم القيامة
تحدّثت الآيات من (21-23) عن وصف يوم القيامة وأهواله وشدائده، وفيما يأتي توضيح لذلك: (كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا* وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا* وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى)
يتوعد الله -تعالى- هؤلاء الناس يوم القيامة، فإذا زلزلت الأرض، وتحطّمت الجبال، وجاء ربُّك والملائكة معه صفوفًا صفوفًا، وجيء في ذلك اليوم العظيم بجهنم تقودها الملائكة بالسلاسل؛ ففي ذلك اليوم يتّعظ الكافر ويتوب فلا تنفعه التوبة؛ لأنّ أوانها قد فات.
بيان انقسام الناس إلى فريقين في الآخرة
تحدّثت الآيات من (24-30) عن انقسام الناس إلى فريقين في الآخرة؛ سعداء وأشقياء، وتمنّي الأشقياء العودة إلى الدنيا، وظفر السعداء بالنعيم العظيم في الجنان، وفيما يأتي ذكر الآيات المتعلقة بذلك:
- (يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي* فَيَوْمَئِذٍ لّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ* وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ)
أي يقول الإنسان الكافر يوم الحساب: يا ليتني قدَّمتُ في الدنيا من الأعمال الصالحة ما ينفعني لحياتي الدائمة الباقية في الآخرة، ففي ذلك اليوم سوف يعذب عذاباً شديداً لا يعذب مثله أحداً، ولا يوثِقَ أحدٌ بالسلاسل والأغلال مثل وثاقه.
- (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي* وَادْخُلِي جَنَّتِي)
أي في ذلك اليوم تُنادى النفس المطمئنة؛ وهي أنفس الناس المؤمنين، فتُنادى: عودي إلى جوار ربك راضية عن نفسك، وعمّا أعطاك الله من ثوابٍ ونعيمٍ دائم، والله -تعالى- قد رضي عنك، فادخلي أيتها النفس في عباد الله الصالحين المقربين، وادخلي معهم جنتي.