تفسير سورة الحاقة للأطفال
القسم بالحاقة ودلالاته
أقسم الله -تعالى- في بداية السورة بالحاقَّة وهي يوم القيامة؛ فالحاقَّة اسمٌ من أسماء يوم القيامة، وأعاد الله تعالى القسم وكرَّره لتهويل هذا اليوم وتعظيم شأنه، وجاء هذا القسم للدَّلالة على وجوب وقوع هذه السَّاعة التي وعد الله -تعالى- بها، وأنَّه لا شكَّ من مجيئها.
وابتدأت السُّورة بالسؤال عن يوم القيامة لما في هذا اليوم من رهبةٍ وعظمةٍ، فعند سماعه يخشع القلب وتنصت الأذن لمعرفة أحداث هذا اليوم العظيم.
وأمَّا سبب تسمية يوم القيامة بالحاقَّة؛ لأنَّه أمرٌ حقٌّ، وواجبٌ وقوعه، فلثبوت وقوعها ومجيئها وإثبات أنَّ هذا اليوم حقٌّ سمِّيت بالحاقَّة.
إعراض الأقوام السابقين وهلاكهم
عرضت السُّورة حال الأقوام السَّابقين، وبيَّنت الحال الذي انقلبوا إليه بعد كفرهم وإعراضهم، والعقوبات التي أنزلها الله عليهم، وذلك ليتعظ أهل مكَّة من ذلك، وفيما يأتي بيان حال الأقوام التي ذكرتها السورة:
- قوم ثمود: وهم قبيلة النبيِّ صالح -عليه السلام-، فقد كذبوا بيوم القيامة، فأهلكهم الله -تعالى- بالطاغية؛ وهي الصاعقة أو الصَّيحة التي كانت شديدة الأثر فأهلكهتم جميعًا.
- قوم عاد: وهم قبيلة النبيِّ هود -عليه السلام-، فقد كذبوا بيوم القيامة، ولم يستجيبوا لأمر نبيهم، فأهلكهم الله -تعالى- بريحٍ شديدةٍ قاسيةٍ، استمرت عليهم ثمانية أيَّامٍ متتاليةٍ فقتلتهم جميعًا، ولم يتبقَّ منهم أحدٌ، ولم يبقَ منهم أثرٌ سوى أنَّهم مُلقون على الأرض كأنَّهم أشجار النخيل التي سقطت وهلكت.
- قوم فرعون: وهو الطاغية التي كان في عهد موسى -عليه السلام- ، وكان له اتباعٌ وقد أصروا على الشِّرك بالله -تعالى- فأهلكهم الله -تعالى- بالغرق.
- المؤتفكات: وهي قرى قوم لوط -عليه السلام- وكانوا قد أشركوا بالله -تعالى- واستمروا بفعل المعاصي بعد تحذير نبيهم، فأهلكهم الله -تعالى- ودمر قريتهم.
- قوم نوح: وقد ذكر الله -تعالى- كيف نجَّى المؤمنين من الهلاك والطوفان في عهد نبيِّ الله نوح -عليه السلام-، فقد أهلك الكافرين، ونجَّى المؤمنين من الغرق عن طريق حملهم في السَّفينة.
التذكير بأحداث يوم القيامة
استعرضت السورة أحداث يوم القيامة لتذكير النَّاس بها وبحتميَّة وقوعها، وفيما يأتي الأحداث التي ذكرتها الآيات:
- النفخ في الصور: وهي النفخة الأولى لإسرافيل في البوق، وهي التي تُعلن قيام الساعة، فلا يتبقَ مخلوق على قيد الحياة.
- تفتت الأرض والجبال: فتصبح كلُّها على نفس المستوى، متكسِّرةً ومتفتتةً.
- وقوع يوم القيامة: فبعد تفتت الأرض، تتشقَّق السَّماء، وتبدأ بالزَّوال والتلاشي.
- وجود الملائكة على أطراف السَّماء: تقف الملائكة تنتظر أمر الله -تعالى-، فيذهبون بأهل النَّار للنَّار، ويكرمون أهل الجنَّة بالجنَّة.
- وجود ملائكة تحمل عرش الله -تعالى-: ولا يعلم عددهم إلَّا الله.
- الحساب والجزاء: يعرض العباد على الله -تعالى- لحسابهم على ما قدَّموا من أعمالٍ، ولجزائهم عليها.
ما يستفاد من سورة الحاقة
يستفاد من سورة الحاقَّة مجموعةٌ من الدروس والعبر منها ما يأتي:
- يجب أخذ العبرة من الأمم السَّابقة، والاتِّعاظ بما وقع لهم من عذاب نتيجة كفرهم وعصيانهم وإنكارهم ليوم القيامة، وعدم استجابتهم للرسل، فهذه الأفعال هي السَّبب في إنزال العقوبات من الله -تعالى-، واستحقاق العذاب في اليوم الآخر.
- نعم الله -تعالى- على عباده كثيرة، ومنها نعمة السَّفينة التي جعلها الله سببًا لينجي عباده المؤمنين.
- يجب على المسلم أن يكثر من الأعمال الصَّالحة، ويتهيّأ لوقوع يوم القيامة في كلِّ وقتٍ، فالله -تعالى- لم يُعلم أحدًا بوقته، وأمر عباده أن يبقوا على استعداد لهذا اليوم، ليجزي المؤمنين خير الجزاء، ويلاقي الكافرين نتيجة كفرهم وعصيانهم.
- الدين الإسلامي أوصى بالفئات المستضعفة في المجتمع، فيجب الاهتمام بالفقراء والمساكين والضعفاء، وتعليم ذلك للنَّاس؛ لتسود المحبة والألفة بين الناس.
- الإكثار من الثناء على الله تعالى وذكره وتنزيهه في كل وقت وحين، وذلك شكرًا له على نعمه وفضله على العباد، وأعظم هذه النعم هي القرآن الكريم.
سورة الحاقَّة سورةٌ مكيَّةٌ ابتدأت بالحديث عن يوم القيامة، وسمِّي يوم القيامة بالحاقَّة؛ لأنَّه حقٌ وثابت الوقوع، ثمَّ بدأت السورة تستعرض حال الأمم السَّابقة، والعذاب الذي حلَّ بهم نتيجة كفرهم وإشراكهم بالله -تعالى-، ومنهم قوم ثمود وعاد، وقوم لوط ونوح، وفرعون وغيرهم، وبينت السورة أحداث يوم القيامة ابتداءً من النفخ في الصور وحتى الحساب والجزاء للمؤمنين، وحملت السورة العديد من العبر، من أهمها وجوب الاتعاظ من حال الأمم السَّابقة، وأهميَّة الاستعداد لليوم الآخر.