تفسير آية (وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد)
تفسير آية (وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد)
قال -تعالى-: (فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)،قصّ لنا الله -عز وجل- قصة ذاك الرجل الصالح، الذي آمن من قوم موسى -عليه السلام-، وقد أيد الله -عز وجل- موسى -عيه السلام- بذلك الرجل الصالح، حيث كان هذا الرجل الصالح يذكر فرعون وقومه بالنعم التي منها الله- عز وجل- عليه.
وكان هذا الرجل الصالح، يقارن حاله من الإيمان بحالهم من الكفر، وكذلك بين لهم مصير كل من الفريقين من الجنة والنار، فلما انتهى من وعظهم وتذكيرهم بالله -عز وجل-، قال ذلك القول (فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله).
التفسير العام للآية
- قوله -تعالى-: (فستذكرون)
التذكر: هو التيقظ والتفطّن بعد السهو و الغفلة ، والخروج من حالة النسيان، والمعنى: إذا عاينتم العذاب حين لا ينفعكم الذكر، [2] قيل: يوم القيامة، يوم يقفون بين يدي الله، ويأخذ كل واحد منكم كتابه.
- قوله -تعالى-: (ما أقول لكم)
من هذه النصائح، والتذكير بالله -عز وجل- والجنة والنار، وسترون مغبّة عدم قبولها حين يحل بكم العقاب الشديد، وتحرمون جزيل الثواب.
- قوله -تعالى-: (وأفوض أمري)
ثم لما يئس منهم قال أفوض أمري، أي: ألجأ إليه وأعتصم، وألقي أموري كلها لديه، وأتوكل عليه في مصالحي ودفع الضرر الذي يصيبني منكم أو من غيركم.
- قوله -تعالى-: (الله)
الله هو المألوه المعبود، ذو الألوهية، والعبودية على خلقه أجمعين، لما اتصف به من صفات الألوهية التي هي صفات الكمال ، وأخبر أنه الله الذي له جميع معاني الألوهية وأنه هو المألوه المستحق لمعاني الألوهية كلها، التي توجب أن يكون المعبود وحده المحمود وحده المشكور وحده المعظم المقدس ذا الجلال والإكرام، واسم الله هو الجامع لجميع الأسماء الحسنى، والصفات العلى.
- وقوله -تعالى-: (إن الله بصير بالعباد)
يعلم أحوالهم وما يستحقون، يعلم حالي وضعفي فيمنعني منكم ويكفيني شركم، ويعلم أحوالكم فلا تتصرفون إلا بإرادته ومشيئته، فإن سلّطكم علي، فبحكمة منه تعالى، وعن إرادته ومشيئته صدر ذلك، فالله -عز وجل- لا تخفى عنه خافية، ولا يغيب عنه شيء، أحاط بكل شيء علماً وقدرة.
العبرة والعظة في هذه الآية الكريمة
لما دعا موسى -عليه الصلاة والسلام- فرعون وقومه إلى دين التوحيد ، كذّبوه، واتهموه بالسحر والشعوذة، فقيظ الله -عز وجل- رجلاً آمن من قوم فرعون، يؤكّد صدق موسى -عليه الصلاة والسلام-، ويخبرهم بما أنعم الله -عز وجل- عليه من نعمة الهدى والإيمان.
وما أعدّه الله -عز وجل- لفريقي الكفر والإيمان، فأبوا إلا الكفر بالله -عز وجل-، فأراد فرعون وجنوده أن يمكروه، فدعا الله -عز وجل- فأنجاه الله -عزوجل، وأهلك فرعون وجنوده، ومن العبر المستفادة أن هذا الرجل الصالح لم تأخذه في الله -عز وجل- لومة لائم، بل جهر بالحق، وأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر.