تعريف بالإمام جلال الدين المحلي
الإمام جلال الدين المحلي
لقد امتلأ تاريخنا الإسلامي العريق بالعديد من الرجالات العظماء الذين برعوا في شتى المجالات، وكان من هؤلاء العظماء الإمام صاحب العقلية الفذّة والتفسير البديع جلال الدين المحلي -رحمه الله تعالى-.
اسم الإمام ومولده
هو محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد الشيخ جلال الدين المَحَلِّي الشافعي، وُلِدَ بمصر سنة إحدى وتسعين وسبعمئة (791)،
وسُمي المَحَلِّي بالفتح والحاء المهملة المفتوحة واللام المشددة، نسبةً إلى المحلّة، وهي خمسة عشر موضعاً كلها بمصر، بل بمصر نحو مئة قرية يُقال لها محلة كذا، وأكبرها محلة دقلا؛ مدينة ذات أسواق وحمامات، وهي أم الغربية.
نشأته العلمية ومؤلفاته
اشتغل الإمام المحلي رحمه الله وبرع في الفنون فقهًا وكلامًا وأصولًا ونحوًا ومنطقًا وغيرها، وقد كان آيةً في الذكاء والفهم، وقال عنه بعض أهل زمانه: "إن ذهنه يثقب الماس"، وكان يقول عن نفسه: "إن فهمه لا يقبل الخطأ، ولم يك يقدر على الحفظ". ويُذكر أنه حاول حفظ كرّاسة مرةً فامتلأ بدنه حرارة.
وله العديد من المؤلفات التي لم تكتمل، وقد برع الإمام المحلي -رحمه الله تعالى- في التأليف، وله مؤلفات عديدة وشروح منها:
- شرح له على كتاب تاج الدين السبكي
والمُسمّى "جمع الجوامع"، وأسماه: "البدر الطالع في حل جمع الجوامع".
- شرح الورقات
وهو شرح على كتاب الورقات للإمام الجويني رحمه الله تعالى، ودُرّس في الأزهر.
- كنز الراغبين في شرح منهاج الطالبين
وهو شرح على منهاج الطالبين في فقه الإمام النووي -رحمه الله-.
- تفسير الجلالين
لم يتمه كاملاً وإنما فسّر من سورة الكهف إلى سورة الناس وبدأ في تفسير سورة الفاتحة وانتهى من تفسيرها ثم توفي رحمه الله قبل أن يتمه، وأتمه تلميذه جلال الدين السيوطي.
أخلاق الإمام وورعه
كان الإمام المحلي -رحمه الله تعالى- على قدر عظيم من الورع والصلاح، سالكاً طريق السلف في ذلك، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم، وقد عُرض عليه القضاء الأكبر فلم يقبله، وكان تاجرًا لا يتكسب بدينه، متقشفًا في معيشته ولبسه، وكان حاد الطّبع لا يُراعي أحداً في القول، وقد أقبل الناس على مؤلفاته وتلقوها بالقبول.
شيوخه وتلاميذه
تتلمذ على عدد كبير من الشيوخ نذكر منهم:
- سراج الدين بن الملقن.
- سراج الدين البلقيني.
- برهان الدين إبراهيم الأبناسي.
- الحافظ ابن حجر العسقلاني.
وممن تتلمذ على يد جلال الدين المحلي:
- جلال الدين السيوطي.
- شمس الدين السخاوي.
- نور الدين السمهودي. وخلق كثير.
تفسير الجلالين
وهو عبارة عن تفسيرٍ مختصر لكتاب الله -عز وجل-، وسُمي تفسير الجلالين بهذا الاسم نسبة لمؤلّفيه؛ وهما الإمامان الفذّان جلال الدين المحلي، وجلال الدين السيوطي، وقد سبق التعريف بالإمام المحلي -رحمه الله تعالى-، أما الإمام جلال الدين السيوطي فهو الإمام أبو الفضل عبد الرحمن بن كمال الدين.
وكنيته أبو بكر الأسيوطي أو السيوطي بضم السين، نسبةً إلى أسيوط أو سيوط بضم الهمزة والسين، وهي إحدى مدن الجنوب في مصر، وتعرف الآن بأسيوط بفتح الهمزة، المتوفى سنة إحدى عشرة وتسعمئة (911) هجرية الموافق سنة (1505) ميلادية.
والإمام المحلي -رحمه الله تعالى- هو الذي ابتدأ تأليف تفسير الجلالين، وقد فسّر نصفه تقريباً من سورة الكهف إلى سورة الناس، وابتدأ في تفسير باقي القرآن الكريم، لكنّه -تُوفّي رحمه الله- بعد أن أنهى سورة الفاتحة، ومال في تفسيره هذا إلى الاختصار كثيرًا، بحيث تكون كل كلمة من القرآن تقابلها كلمة من التفسير تقريبًا؛ يعني "كلمة بكلمة".
وقد ذُكر صاحب كشف الظنون عن بعض علماء اليمن أنه قال: "عددت حروف القرآن وتفسيره للجلالين فوجدتهما متساويين إلى سورة المزمل ، ومن سورة المدثر التفسير زائد على القرآن فعلى هذا يجوز حمله بغير وضوء". وعندما توفي الإمام المحلي -رحمه الله تعالى- تابعه تلميذه جلال الدين السيوطي على نفس النسق من الاختصار والدقة والترتيب.
وقد حظي هذا التفسير باهتمامٍ عظيمٍ من العلماء منذ أن أُلّف إلى يومنا هذا، ولذا قام الكثير من العلماء بشرحه وتوضيح دقائقه في مؤلّفات وحواشي بلغ بعضها أربعة مجلدات، ونذكر بعضاً من حواشيه فيما يأتي:
- حاشية الشيخ محمد بن عبد الرحمن العلقمي (قبس النيرين على تفسير الجلالين).
- حاشية الحافظ الملا علي القاري (حاشية الجمالين على الجلالين).
وفاة الإمام جلال الدين المحلي
توفي جلال الدين محمد بن أحمد بن إبراهيم المحلي الشافعي المصري بالقاهرة يوم الأحد مستهل المحرم، في سنة أربعٍ وستين وثمانمئة (864) هجرية، الموافق سنة ألفٍ وأربعمئة وتسعٍ وخمسين (1459) ميلادية.