موضوع عن تأثير كورونا على التواصل الاجتماعي
كورونا والتواصل الاجتماعي
- أثر جائحة كورونا الكبير على العلاقات الاجتماعيّة.
- تغير العادات والتقاليد الخاصة بالأفراح والأتراح وغيرها بسبب جائحة كورونا.
- سلبيات جائحة كورونا وإيجابياتها.
- التباعد الفيزيائي لم يمنع دوام المحبة والتواصل الممكن أثناء جائحة كورونا.
عودة إلى الذات
كان لجائحة كورونا أثرٌ كبير على العلاقات الاجتماعيّة بين الأصدقاء والأقارب، فخلال هذه الجائحة التزم كلّ شخص منزله، وأغلق الأبواب على نفسه، ولم يخرج إلا للضرورة القصوى أو للحالات الطارئة، فالجائحة حدّت بشكل كبير من التواصل الجسدي والزيارات بين الأشخاص، لكنها في الوقت نفسه لم تحدّ من قدرتهم على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع أحبابهم وأصدقائهم وأقاربهم للاطمئنان عليهم ومعرفة أحوالهم، فهذه الجائحة جعلتنا نعود إلى ذواتنا ونتقوقع حول أنفسنا انتظارًا للّحظة التي يتم فيها القضاء على المرض، وإعلان عودة الحياة الطبيعيّة والعلاقات الاجتماعيّة إلى ما كانت عليه في السابق.
العلاقات الاجتماعية أثناء الجائحة
اعتاد أفراد المجتمع على ممارسة حياتهم الطبيعيّة ونشاطاتهم اليوميّة وزياراتهم الاجتماعيّة دون أدنى شعور أو توقع منهم بأنهم سيفقدون هذه النعمة الكبيرة في لحظة ما، وعندما جاءت جائحة فيروس كورونا قلبت الموازين، وغيّرت من العادات والتقاليد التي كانت قبل ذلك روتينًا يوميًّا معتادًا قبل ظهور الجائحة، هذه الجائحة بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير، وأوقفت الحياة بكل نواحيها وأشكالها، بدءًا من إغلاق قطاعات العمل والمدارس والجامعات انتهاء بمنع التواصل الجسدي والزيارات بكل أشكالها وأنواعها للحدّ من انتشار الوباء وحصره قدر المستطاع.
على صعيد التعليم بعد أن كانت المدارس والجامعات تمثل البيت الثاني للطلاب، تحوّل التعليم بكافة أشكاله إلى التعليم عن بُعد، وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي والمنصّات التي تتيح اجتماعات الفيديو طريق الطلبة للحصول على المعلومة والتعبير عن آرائهم وأفكارهم، فحلّت التطبيقات الرقميّة الحديثة محلّ التواصل الفعلي في مكان واحد بين الطلبة وأساتذتهم.
أمّا الموظّفون في الشركات فقد استبدلوا غرفة اجتماعاتهم داخل الشركات بتقنيات وبرامج حديثة يتم تحميلها على الهواتف المحمولة، فيتم عَقْد الاجتماع عن بُعد وكل موظف في مكانه وبحضور جميع الموظفين، ممّا حدّ من عملية التواصل الوجاهي بين الموظفين والعاملين، وانقطاع الزيارت والعلاقات التي كانت تجمعهم بعد انتهاء دوامهم الرّسمي.
أثرت جائحة كورونا أيضًا على طريقة عَقْد الناس لمناسباتهم الاجتماعيّة من أفراح وأتراح وحفلات تخرّج ونجاح؛ ففي مجال الأعراس أصبح الاحتفال بالزواج داخل المنازل وليس في القاعات الكبيرة أو الفنادق وصالات الأفراح، وبحضور عدد معين من الأشخاص المقرّبين من العروسين مع الالتزام بالتباعد الجسدي وارتداء الكمامة، وكذلك ضُيّقت حفلات التخرج الجامعي والمدرسي لأبعد الحدود وألغي أغلبها.
وفي حالات الوفاة عندما كان يتوفى شخص في السابق كانت تُقام له مراسم دفن وعزاء وبحضور أفراد العائلة والأقارب والأصدقاء، وكانت تستمر مراسم العزاء لثلاثة أيام متتالية، وبوجود أعداد كبيرة من الأشخاص القادمين للعزاء، ولكن في الوقت الحالي اقتصر العزاء على إعلان بوفة الشخص على مواقع التواصل الاجتماعي وقبول التعازي عن طريق إرسال رسالة أو تعليق على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
من ناحية التعامل مع الجائحة، فقد اختلفت طريقة التعامل من شخص إلى آخر ومن مكان إلى مكان آخر، فمنهم من التزم منزله ولكن لم تُثنه الجائحة من تطوير ذاته وممارسة هواياته التي كان يحبها والتي لم يكن يجد وقتًا لممارستها في السابق، بل اكتشف العديد من الأشخاص مهارات جديدة لم يكونوا ليكتشفوها لولا جلوسهم في المنازل لوقت طويل ولولا هذه الجائحة، ومنهم من استغل الوقت وأخذ دورات أونلاين مهمة تفيده في حياته العمليّة والعلميّة، وآخرون استغلوا الجائحة وجلوس الناس في منازلهم وحاجتهم للكثير من الأمور والحاجيات الأساسيّة، فطوّروا من أعمالهم وأشغالهم ووصلوا للناس في بيوتهم ولبّوا احتياجاتهم الشرائيّة من طعام وشراب ولباس وأدوية مقابل مبلغ مالي، فحسّنوا من ظروفهم المالية والمعيشيّة.
أما القسم الآخر من الناس فهم الأشخاص الذين تسببت لهم الجائحة بالعزوف عن كل نشاطات الحياة، وأقعدتهم في غرفهم وبيوتهم من دون أدنى استفادة من وقتهم الثمين الذي يضيع سدىً، فأدّت كورونا إلى إصابتهم بالعزلة والاكتئاب والإحباط، لأنهم لم يستطيعوا التكيّف مع هذه الظروف الاستثنائيّة الطارئة.
على الرغم من وجود العديد من السلبيات لجائحة كورونا إلا أنه لا يزال هناك إيجابيات عديدة يمكننا الحديث عنها، حيث إنّ الروابط الاجتماعيّة أصبحت أكثر قوة ومتانة بين أفراد الأسرة الواحدة من خلال قضاء أفراد العائلة الكثير من الوقت مع بعضهم وتجاذبهم لأطراف الحديث ومعرفة كل شيء عن بعضهم خلال فترة الحجر المنزلي، وأسهمت هذه الجائحة في تعرّف الآباء والأمهات الذين لم يجدوا وقتًا في السابق للجلوس مع أبنائهم بسبب طبيعة عملهم إلى التعرف على سلوكهم وميولهم وهواياتهم واتجاهاتهم، وأن يكونوا أقرب إليهم أكثر من أي وقت مضى.
من إيجابيات الجائحة أيضًا أنها علّمتنا التكيّف مع الظروف الاستثنائيّة والطارئة، واستعمال الخطط البديلة لاستمرار الحياة باتجاهها الصحيح، ودفعت هذه الجائحة الشباب إلى التفكير بالزواج دون الخوف من المبالغ الهائلة والإضافيّة التي سيتم دفعها في حال تمّ الزواج في الظروف العاديّة قبل الجائحة، وقلّصت كورونا أيضًا من من التكاليف الدراسيّة من تكاليف المواصلات والطعام والشراب وغيرها التي كان يدفعها الأهل عند ذهاب أبنائهم للمدارس والجامعات، وبذلك يكونوا قد حققوا وفرًا ماليًا.
المودة باقية رغم المسافات
على الرّغم من انقطاع الناس عن الزيارات والتواصل الجسدي بكافة أشكاله وأنواعه، إلا أنّ المحبة والمودّة باقية ومستمرة في النفوس رغم المسافات، فكورونا لم تمنعنا من استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة للسؤال عن بعضنا، فإذا استطاعت هذه الجائحة أن تفرّق الأجساد، فإنها لن تستطيع حتمًا أن تفرّق القلوب والنفوس والمشاعر الجيّاشة النابضة بالحب لأصدقائنا وأحبابنا.