ما هي صفات الرسول
صفات الرّسول الخَلْقيَّة
وردت العديد من أوصاف النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الخَلْقيّة، يُذكر منها:
- لونه: كان -صلّى الله عليه وسلّم- أزهر اللون، ليس بالأبيض شديد البياض، ولا بالأدهم؛ أي ليس بأسود اللون.
- وجهه: كان عليه الصلاة والسلام أملس الوجه مستوٍ، غير مُستدير الوجه، كالشمس والقمر في إشراقة الوجه والضياء.
- جبينه: كان جبينه -عليه الصلاة والسلام- واسعاً؛ يمتدّ طولاً وعرضاً، فسِعة الجبين من الصفات المحمودة.
- حاجبيه: مُقوّسان الشكل، قوّيان، متّصلان اتصالاً خفيفاً، لا يُرى إلّا في السَّفر؛ بسبب الغُبار.
- عينيه: كانتا واسعَتين جميلتَين، مُشّربتَين بالحُمرة؛ أي أنّ فيهما عروق حمراء رِقاق، شديدَتي سواد الحدقة، برموشٍ طويلةٍ.
- أنفه: كان أنفه مستقيم الشَّكل، طويلاً من وسطه، مع ارتفاعٍ، ودقيق الأرنبة؛ وهي ما لان من الأنف.
- خدّيه: كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- صلب الخدّين، وكان يظهر بياضهما عندما يُسلّم عن اليمين والشمال، كما ورد عن عمّار بن ياسر -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يسلِّمُ عن يَمينِه وعن يَسارِه حتَّى يُرَى بياضُ خدِّهِ).
- فمه وأسنانه: كان -صلّى الله عليه وسلّم- أشنب الأسنان؛ أي أنّ فيها تحديداً ورِقّةً، وكانت أسنانه بيضاء اللون، مُفرّقةً بين الثنايا والرّباعيات، وكان فمه واسعاً، جميلاً، وشفتاه من أحسن وألطف الشِفاه شكلاً.
- رِيقه: أخرج الإمام مُسلم في صحيحه عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه في بيان وصف رِيق النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أَرْسَلَنِي إلى عَلِيٍّ وَهو أَرْمَدُ، فَقالَ: لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسولَهُ، أَوْ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسولُهُ، قالَ: فأتَيْتُ عَلِيًّا، فَجِئْتُ به أَقُودُهُ وَهو أَرْمَدُ، حتَّى أَتَيْتُ به رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَبَسَقَ في عَيْنَيْهِ فَبَرَأَ).
- لِحيته: كان -عليه الصلاة ووالسلام- حَسْن وكثّ اللحية؛ أي كثيرة منابت الشَّعر، وكانت عنفقته ظاهرةً، والعنفقة هي: الشَّعر بين الشَّفة السُّفلى والذَّقن، وكان ما حول لِحيته مثل بياض اللؤلؤ، كما ثبت في صحيح البخاريّ عن عبدالله بن بسر في وصف النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (كانَ في عَنْفَقَتِهِ شَعَرَاتٌ بيضٌ)، وكان يُحسّنها، ويضع عليها الطِّيب، ويحرص على دِهْن رأسه، وتسريح لِحيته.
- رأسه: كان رأسه -عليه الصلاة والسلام- ضخماً.
- شَعْره: كان شديد السَّواد، ليش بالشَّعر المُجعّد، ولا المُسترسل، بل على هيئة المُتمشّط، أمّا طُوله؛ فكان شعره إلى نصف أُذنيه، وكان أحياناً يجعله إلى شحمة أُذنَيه، ولم يكن في شَعْر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- شَيْباً، إلّا شعيراتٍ قليلةٍ، وكان يُفرّق شَعْر رأسه من وسط رأسه، ويُمشّط شَعْره ويتعاهده من وقتٍ لآخرٍ، وجاء في وَصْف شَعْره -عليه الصلاة والسلام-: (كثيرَ شعرِ الرَّأسِ راجِلَهُ).
- عُنقه ورقبته: كانت رقبته -عليه الصلاة والسلام- فيها طول، وذكر عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّ عُنق النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كإبريق الفِضّة، وورد عن عائشة -رضي الله عنها- أنّ عُنق النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لم يكن طويلاً ولا قصيراً، كبياض الفِضّة، وحُمرة الذّهب.
- مِنْكَبَيه: يُقصد بالمنكب؛ الموضع الذي يجمع بين الكتف والعَضد، وكان كثيف شَعْر المنكبين، وقد ورد عن أبي زيد الأنصاريّ فيما يتعلّق بذلك: (قالَ لي رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: اقتَرِبْ مِنِّي. فاقتَرَبتُ منه، فقالَ: أدخِلْ يَدَكَ فامسَحْ ظَهري. قالَ: فأدخَلتُ يَدي في قَميصِهِ، فمَسَحتُ ظَهرَهُ، فوقَعَ خاتَمُ النُّبُوَّةِ بَينَ إصبَعَيَّ، قالَ: فسُئِلَ عن خاتَمِ النُّبُوَّةِ، فقالَ: شَعَراتٌ بَينَ كَتِفَيْهِ)، وكان النبيّ عريضاً ما بين المنكبين؛ أي عريض أعلى الظَّهر والصَدْر، كما كانا كَتِفَاه عظيمَين وعريضَين.
- إِبطَيْه: كان أبيض الإبطين، كما ثبت في الصحيح في وَصْفه -عليه الصلاة والسلام-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا سَجَدَ يُجَنِّحُ في سُجُودِهِ، حتَّى يُرَى وضَحُ إبِطَيْهِ).
- ذِرَاعيه: كان -عليه الصلاة والسلام- طويل الذراعَين.
- كَفّيه: كان -عليه الصلاة والسلام- واسع الكفّ، وكان كَفّه ممتلئ، ومع ضخامتها كانت ناعمةً ليّنةً، وفي ذلك أخرج الإمام مُسلم في صحيحه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (وَلَا مَسِسْتُ دِيبَاجَةً، وَلَا حَرِيرَةً أَلْيَنَ مِن كَفِّ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ).
- أصابعه: كان -صلّى الله ليه وسلّم- طويل الأصابع، غير مُنعقدةٍ.
- صَدْره: كان -عليه الصلاة والسلام- عريض وممتلئ الصَدْر، ليس بالسمين ولا النَّحيل، كان على أعلى صَدْره شَعْرٌ، دزن الثديَين والبطن.
- بَطْنه: لم يكن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كبير البَطْن، كما ورد عن أمّ معبد في وَصْفه: (لمْ تُعِبْهُ ثُجْلةٌ)، ويُراد بالثلجة: كُبْر البَطْن.
- سُرّته: كان متصلاً ما بين السُّرة واللّبة بِخطٍّ من الشَّعْر، ويُقصد باللّبة المَنْحر؛ وهو النقرة الواقعة فوق الصَدْر.
- رُكبتيه ومفاصله: عُرف -عليه الصلاة والسلام- بضخامة رُكبَتَيه؛ ممّا يدلّ على قوّته -عليه الصلاة والسلام-.
- ساقَيه: كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أبيض السَّاقين، كما ثبت في صحيح الإمام البخاريّ عن وهب بن عبدالله -رضي الله عنه-: (خَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَأَنِّي أنْظُرُ إلى وبِيصِ سَاقَيْهِ)، ويُراد بلفظ الوبيص؛ أبيض السَّاقَين.
- قَدَمَيه: كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- مرتقع القدم ما بين أوّلها وآخرها، ليس فيهما تكسّرٍ، وكان غليظ الأصابع والرّاحة.
- قامته وطُوله: كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- مربوع القامة، ليس بالطويل ولا القصير، إلّا أنّه كان أقرب إلى الطول، وكان حَسن الجسم، متناسب الأعضاء.
- عَرَقُه: كان عَرَقُ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كاللؤلؤ، صافياً، أبيض اللون، رائحته كالمسك، كما ثبت في صحيح البخاريّ عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (ما شَمَمْتُ عَنْبَرًا قَطُّ، وَلَا مِسْكًا، وَلَا شيئًا أَطْيَبَ مِن رِيحِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَلَا مَسِسْتُ شيئًا قَطُّ دِيبَاجًا، وَلَا حَرِيرًا أَلْيَنَ مَسًّا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ).
تم في الفقرة السابقة تفصيل الصفات الخَلقية للنبي-صلى الله عليه وسلم-.
صفات الرسول الخُلُقيِّة
كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أحسن الناس خُلقاً؛ فكان يُلاعب الأطفال، ويتعامل معهم بِلطفٍ، وعُرِف كذلك بكَرَمِه، وإنفاقه في سبيل الله، وعلى الفقراء والمُحتاجين، وكان يُؤثْر الناس على نفسه، وإن لم يجد ما يأكله، وكان أكثر الناس شجاعةً، ويعفو عمّن أساء له، وكان يتعامل مع أصحابه بحبٍّ، ويُمازحهم، ويقبل دعوة مَن دعاه، و يزور المريض، ولم يكن يذمّ أو يعيب أحداً، وكان أكثر الناس سَعْياً للآخرة، زاهداً في الحياة الدُّنيا.
وكان كذلك أكثر الناس عِلْماً بالله -تعالى-، وأحسن الناس عِشْرةً، لا ينتقم لنفسه، شديد الحياء، يغضب لانتهاك حُرمات الله، لا يُفرّق بين أحدٍ، ولا يعترض على الطعام؛ فيأكل ممّا تيّسر دون تكلّفٍ، وكان يخدم أهل بيته، شديد التواضع، يُحبّ المساكين، ويُشاركهم في جنائزهم، ولا يستحقر الفقير أبداً.
الصدق والأمانة
كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أكثر الناس صِدْقاً، وعُرف بين قومه بالصَّدْق، دون أن يشكّ أحداً بِصدقه، وقال عنه هِرَقل عظيم الرّوم باستحالة كَذبه على الله؛ لأنّه لم يكذب على الناس قطّ، وذكر عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان أصدق الناس في كلامه، وقال ابن القيّم -رحمه الله-: "أصدق الناس لهجةً، هذا ممّا أقر له به أعداؤه المحاربون له، ولم يجرّب عليه أحدٌ من أعدائه كذبةً واحدةً قطّ، دع شهادة أوليائه كلّهم له به، فقد حاربه أهل الأرض بأنواع المحاربات، مشركوهم وأهل الكتاب منهم، وليس أحدٌ منهم يوماً من الدَّهر طعن فيه بكذبةٍ واحدةٍ، صغيرةٍ ولا كبيرةٍ".
كما اتّصف النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بالأمانة، في جميع أُمور حياته، سواءً قبل البعثة أو بعدها، فقد أطلق عليه قومه لقب الأمين قبل بعثته، وكان الحكم بين قبائل قريش حينما اختصموا في وَضْع الحجر الأسود، كما أنّ زواجه من أمّ المؤمنين خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- كان لأمانته، إذ كان يعمل قبل البعثة بالتجارة، وعُرف بين التُّجار بأمانته، وصِدْقه بالحديث، وأخلاقه الحميدة، ومن أمانته بعد البعثة؛ تبليغه للرسالة التي كلّفه الله -تعالى- بها كاملةً، وتحمّل وعانى التعب والمشقّة في سبيل تبليغ الرسالة، وكان حريصاً على أداء الأمانة، وإرجاع الودائع إلى أصحابها، فقد كانت قريش تضع أماناتها عنده.
الرّحمة
كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- رحيماً بأمّته، يتوجّه إلى الله -تعالى- بالدُّعاء للمُسلمين بالنّجاة باكياً، ومن مظاهر رحمته بأمّته؛ أنّه نهى عن السؤال عن الأمور المسكوت عنها؛ لئلا تُفرض على الأمّة، فتترك ذلك الأمر، فيكون سبباً في هلاكها، وكان رحيماً بالمرأة، وأوصى بها خيراً، وتحمّل كثرة كلام النّساء معه، وارتفاع صوتهنّ أمامه، وكان رحيماً بالأطفال؛ يُشفق عليهم، ويُقبّلهم، ويُخالطهم، ويتحبّب إليهم.
تبسّم وضحك النبيّ
كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- دائم التبسّم، قليل الضحك، كما ثبت فيما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه، عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (ما رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُسْتَجْمِعًا قَطُّ ضَاحِكًا، حتَّى أرَى منه لَهَوَاتِهِ، إنَّما كانَ يَتَبَسَّمُ).
الرِّفق واللين
كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- سهلاً، لطيف المُعاشرة في جميع أقواله وأفعاله، وكان يدعو الناس إلى الرِّفق في الأمر، ويمتدح مَن اتّصفوا به، وقد ثبت في الصحيح عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ في الأمْرِ كُلِّهِ)، فالرِّفق سبب كلّ خيرٍ، إذ وردت العديد من الأحاديث التي تدلّ على فَضْل الرِّفق، وتحثّ على التحلّي به، منها: قَوْله -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ الرِّفْقَ لا يَكونُ في شيءٍ إلَّا زانَهُ، ولا يُنْزَعُ مِن شيءٍ إلَّا شانَهُ).
الزُّهد
كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أكثر الناس زُهداً في الحياة الدُّنيا، فاكتفى منها بتبليغ رسالته، راضياً بحياته، وكان يكتفي بالتمر والماء في كثيرٍ من الأحيان، وكان الخبز الذي يأكله من الشعير، ولم يكن يتكلّف في لِباسه، ولم يترك شيئاً بعد وفاته، كما ثبت في صحيح البخاريّ عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (لقَدْ تُوُفِّيَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وما في رَفِّي مِن شيءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ، إلَّا شَطْرُ شَعِيرٍ في رَفٍّ لِي، فأكَلْتُ منه، حتَّى طَالَ عَلَيَّ، فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ).
الصَّبْر
صَبَر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- صبراً عظيماً، إذ صَبَر على أذى المُشركين، واتّهاماتهم له بالكذب، والسَّحر، والكهانة، وقد ثبت عن ابن مسعود -رضي الله عنه-: (بيْنَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَاجِدٌ، وحَوْلَهُ نَاسٌ مِن قُرَيْشٍ، جَاءَ عُقْبَةُ بنُ أبِي مُعَيْطٍ بسَلَى جَزُورٍ، فَقَذَفَهُ علَى ظَهْرِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ فأخَذَتْهُ مِن ظَهْرِهِ، ودَعَتْ علَى مَن صَنَعَ)، وصَبَر كذلك على المُنافقين، وعلى فَقْد الأولاد والأحباب؛ إذ مات عمّه أبو طالب، وماتت زوجته خديجة، وماتوا جميع أولاده في حياته إلّا ابنته فاطمة، وقُتِل عمّه حمزة بن عبد المُطّلب.
الكرم والبَذْل
عُرِف النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بكَرَمه وجُوده، وخاصّةً في شهر رمضان، فكان كثير التصدّق على الفقراء والمساكين، فكان ينفق كلّ ما معه من مالٍ في سبيل الله -تعالى-، أو من باب تأليف قلوب الذين دخلوا في الإسلام، أو من باب التّشريع للأمّة، وتحقيقاً للعديد من الغايات.
الشجاعة
كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- المثل الأعلى في الشجاعة، فقد خالف قريش في عبادتهم، فلم يسجد لصنمٍ قطّ، ولم يكن يخاف أحداً ما دام أنّه على حقٍّ، وزادت شجاعته بعد البعثة؛ للمسؤوليّة التي كانت على عاتقه، وامتاز بهدوء النَّفس، وثبات القلب عند مقابلة العدو، فكان يزداد قوّةً وشجاعةً كلّما زاد أذى المشركين له، وقد ظهرت شجاعته في الهجرة؛ عندما أخذ يُثّبت أبو بكر الصدّيق، ويذكّره بالتوكّل على الله -سُبحانه-، وكان يُشارك أصحابه والمسلمين في الغزوات، ويتقدّمهم، ولم يُذكر أنّه غادر أرض المعركة، أو تهاون في القتال، بل كان يحمل سَيْفه، ويواجه عدّوه دون خوفٍ، واستمراره في القتال رغم تعرّضه للعديد من الجروح.
حُسْن العِشرة الزوجيّة
كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- خير الناس لأهله، إذ استطاع إدارة جميع بيوته بكلّ حكمةٍ، ومودّةٍ، وحبٍ، يُلاطف أهله، وينفق عليهم، ويُمازح زوجاته، إذ ورد أنّه سابق عائشة -رضي الله عنها-، كما كان يُؤنس أهله قبل نومه، عادلاً بين زوجاته، فكان يقرع بينهنّ في السَّفر معه، ورافَقْنه جميعهنّ في حَجّة الوداع، يُعاملهنّ بمودّةٍ، وحُبٍّ، ولُطفٍ، ورفق، صابراً عليهنّ، رافعاً من شأنهنّ، حريصاً على إسعادهنّ، وإدخال البهجة إلى قُلوبهنّ، وكان يُعلمهنّ أمور الدِّين، دون مبالغةٍ وتشدّدٍ، وقد علمهنّ الذِّكر، والعبادة على أكمل وجهٍ، ولم يكن يُوقظ إحداهنّ من نومها دون سببٍ، وكان يغار عليهنّ.
الثّقة بالله تعالى
كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- شديد الثّقة بالله -تعالى-، إذ كان في أصعب المواقف ثابتاً، ذو إرادةٍ قويّةٍ، حريصاً على التمسّك بالحقّ؛ إذ كان يذهب للأسواق وأماكن التجمّع؛ ليدعوهم لعبادة الله -تعالى-، ممّا يدلّ على ثقته بالله، وصَبْره وتحمّله في سبيل الدعوة، فثقته -صلّى الله عليه وسلّم- بالله كانت خير مُعينٍ له عند الشدائد والمصاعب، فكان واثقاً بأنّ الله يحميه ويحفظه من كلّ شرٍّ.
إنّما بُعث النبي -صلى الله عليه وسلم- ليتمم مكارم الأخلاق، وكان أحسن الناس أخلاقاً؛ فامتاز بالصدق والأمانة والزهد والشجاعة والصبر والرفق واللين.
أسماء وفضائل الرسول عليه الصلاة والسلام
وردت أسماء النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- صريحةً في نُصوص القرآن الكريم، والسنّة النبويّة، إذ سُميّ في القرآن بمُحمّد، وأحمد، كما ثبت أيضاً في صحيح الإمام مُسلم فيما أخرجه عن جُبير بن مُطعم -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إنَّ لي أسْماءً، أنا مُحَمَّدٌ، وأنا أحْمَدُ، وأنا الماحِي الذي يَمْحُو اللَّهُ بيَ الكُفْرَ، وأنا الحاشِرُ الذي يُحْشَرُ النَّاسُ علَى قَدَمَيَّ، وأنا العاقِبُ الذي ليسَ بَعْدَهُ أحَدٌ)،
وقد وردت عدّة أحاديث حدّدت عدد أسماء النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بخمسة أسماءٍ، وهي: مُحمّد، وأحمد، والماحي، والحاشر، والعاقب، وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- فيما يتعلّق بذلك: "وَالَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ لِي خَمْسَة أَسْمَاء أَخْتَصّ بِهَا، لَمْ يُسَمَّ بِهَا أَحَد قَبْلِي، أَوْ مُعَظَّمَة، أَوْ مَشْهُورَة فِي الْأُمَم الْمَاضِيَة، لَا أَنَّهُ أَرَادَ الْحَصْر فِيهَا".
وتجدر الإشارة إلى أنّ للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- العديد من الفضائل الثابتة في نُصوص القرآن والسنّة، يُذكر منها:
- قال -تعالى-: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا).
- قال -تعالى-: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ).
- قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (أنا أكْثَرُ الأنْبِياءِ تَبَعًا يَومَ القِيامَةِ، وأنا أوَّلُ مَن يَقْرَعُ بابَ الجَنَّةِ).
- قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (أنا أوَّلُ شَفِيعٍ في الجَنَّةِ، لَمْ يُصَدَّقْ نَبِيٌّ مِنَ الأنْبِياءِ ما صُدِّقْتُ، وإنَّ مِنَ الأنْبِياءِ نَبِيًّا ما يُصَدِّقُهُ مِن أُمَّتِهِ إلَّا رَجُلٌ واحِدٌ).
- قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (بُعِثْتُ مِن خَيْرِ قُرُونِ بَنِي آدَمَ، قَرْنًا فَقَرْنًا، حتَّى كُنْتُ مِنَ القَرْنِ الذي كُنْتُ فِيهِ).
- قال -عليه الصلاة والسلام-: (مَثَلِي ومَثَلُ الأنْبِياءِ مِن قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بُنْيانًا فأحْسَنَهُ وأَجْمَلَهُ، إلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِن زاوِيَةٍ مِن زَواياهُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ به ويَعْجَبُونَ له ويقولونَ: هَلّا وُضِعَتْ هذِه اللَّبِنَةُ قالَ فأنا اللَّبِنَةُ، وأنا خاتَمُ النبيِّينَ).
ورد للنبي -صلى الله عليه وسلم- عدداً من الأسماء؛ فهو الماحي والعاقب والحاشر، وله العديد من الفضائل؛ فهو خاتم الأنبياء والرسل، وهو أول شفيع في الجنّة.
خصائص الرسول عليه الصلاة والسلام
اختُصّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- دون أمّته بالعديد من الأمور، ومن تلك الخصائص:
- وجوب صلاة الضحى، وصلاة الوتْر، والتهجّد، والسِّواك.
- الخصائص التي اختُص بها في الآخرة؛ الشّفاعة، ودخوله الجنّة قبل أهلها.
- العديد من المُعجزات؛ مثل: انشقاق القمر، وأنّه خاتم الأنبياء والمُرسلين -عليهم الصلاة والسلام-، فلا يكتمل إيمان أحدٍ إلّا بالإيمان برسالة النبيّ محمّدٍ -عليه الصلاة والسلام-، كما أنّ له مكانةً محمودةً، بالإضافة إلى أنّه خطيب الأنبياء وإمامهم، وتعدّ أمّته خير الأُمم.
ميز الله النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدد من الخصائص جون أمته؛ منها وجوب صلاة الضحى والتهجد، وبالعديد من المعجزات كامشقاق القمر، وله في الآخرة ما ليس لأحد غيره؛ فيدخل الجنة قبل أهلها.
الاقتداء بالرسول عليه الصلاة والسلام
يتوجّب على كلّ مُسلمٍ الاقتداء بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، في كلّ ما أُنزل إليه من أقوالٍ، وأفعالٍ، وأخلاقٍ، وآدابٍ، وسُنَنٍ، وأحكامٍ، بالإضافة إلى الإيمان، والتوحيد، ويكون الاقتداء به في كلّ الأمور، باستثناء ما اختُصّ به من النبوّة، والوحي، وزواجه بأكثر من أربع نسوةٍ، وحُرمة نكاح زوجاته من بعده، وعدم انقطاعه عن الصيام، وعدم الإرث، وعدم الأخذ من الصدقة؛ فهذه أمورٌ خاصّةٌ بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام-.
يجب على كل مسلم أن يقتدي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بأقواله وأفعاله وأخلاقه.