أدعية الرسول لأمّته
دعاء رسول الله لأمته
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رحيماً وكثير الخوف على أمته، فقد حرص أشدّ الحرص على نجاتهم وبيان طريق الحق لهم، فقد قال -تعالى-: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ).
وفي قوله -تعالى-: (حريص عليكم)؛ أي أنه يحبُّ لكم الخير ويسعى جاهداً لإيصاله لكم ويحرص على هدايتكم للإيمان، ويكره أن تنقادوا وراء الشر، وهو أرحم بالمؤمنين من والديهم،ومن حرصه عليهم أنه كان يُكثر من الدعاء لهم، فمن هذه الأدعية ما يأتي:
دعاء رسول الله لأمته في كل صلاة
قد كان من حرص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أمته أن يتذكرهم في كل صلاة؛ وذلك للحديث الذي ترويه عائشة -رضي الله عنها-: (لَمَّا رأَيْتُ مِن النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- طِيبَ نفسٍ قُلْتُ يا رسولَ اللهِ ادعُ اللهَ لي فقال: (اللَّهمَّ اغفِرْ لِعائشةَ ما تقدَّم مِن ذنبِها وما تأخر ما أسرَّتْ وما أعلَنَتْ) فضحِكَتْ عائشةُ حتَّى سقَط رأسُها في حِجْرِها مِن الضَّحِكِ قال لها رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: (أيسُرُّكِ دعائي)؟ فقالت: وما لي لا يسُرُّني دعاؤُكَ؟ فقال -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: (واللهِ إنَّها لَدعائي لِأُمَّتي في كلِّ صلاةٍ). [3] [4]
ومن الأحاديث التي تبين حرص رسول الله على أمته: (أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- تَلا قَوْلَ اللهِ -عزَّ وجلَّ- في إبْراهِيمَ: (رَبِّ إنَّهُنَّ أضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فمَن تَبِعَنِي فإنَّه مِنِّي)، الآيَةَ وقالَ عِيسَى -عليه السَّلامُ-: (إنْ تُعَذِّبْهُمْ فإنَّهُمْ عِبادُكَ وإنْ تَغْفِرْ لهمْ فإنَّكَ أنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ)، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وقالَ: اللَّهُمَّ أُمَّتي أُمَّتِي، وبَكَى، فقالَ اللَّهُ -عزَّ وجلَّ-: يا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إلى مُحَمَّدٍ، ورَبُّكَ أعْلَمُ، فَسَلْهُ ما يُبْكِيكَ؟ فأتاهُ جِبْرِيلُ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-، فَسَأَلَهُ فأخْبَرَهُ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- بما قالَ، وهو أعْلَمُ، فقالَ اللَّهُ: يا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إلى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إنَّا سَنُرْضِيكَ في أُمَّتِكَ، ولا نَسُوءُكَ).
دعاء رسول الله لأمته فاستُجيب بعضه
قال خباب بن الأرت -رضي الله عنه-: (صلَّى رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ- صلاةً فأطالَها قالوا يا رسولَ اللهِ صلَّيتَ صلاةً لم تَكُن تصلِّيها قالَ أجل إنَّها صلاةُ رغبةٍ ورَهَبةٍ، إنِّي سألتُ اللهَ فيها ثلاثًا فأعطاني اثنتينِ ومنعَني واحدةً: سألتُهُ أن لا يُهْلِكَ أمَّتي بسَنَةٍ فأعطانيها، وسألتُهُ أن لا يسلِّطَ عليهم عدوًّا من غيرِهِم فأعطانيها، وسألتُهُ أن لا يذيقَ بعضَهُم بأسَ بعضٍ فمنعَنيها).
وممّا يدل عليه هذا الحديث أنّ رسول الله قد دعا لأمته أن لا ينقطع نسلها مثل نسل بعض الأمم السابقة؛ عاد، وثمود إذ اندثرت وانقطعت ولم يبقَ لها نسل، وهذا من ميزات هذه الأمة أنها محفوطة وباقية -بإذن الله-.
دعاء رسول الله لأمته يوم القيامة
إنّ جميع الأنبياء -عليهم السلام- كانت لهم دعوة مُستجابة لأُمتهم، أما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبر أنه قد خبأ هذه الدعوة لتكون شفاعة يوم القيامة، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ، فَأُرِيدُ إنْ شاءَ اللَّهُ أنْ أخْتَبِيَ دَعْوَتِي، شَفاعَةً لِأُمَّتي يَومَ القِيامَةِ)،وهذا يدل على أنّ لكلِّ واحدٍ من الأنبياء دعوة أجابها الله -عز وجل-، أما نبينا فقد أجّل استجابة دعوته ليوم القيامة، وذلك للحاجة الشديدة الشفاعة حينها.