تعبير كتابي عن غروب الشمس
المقدمة: غروب الشمس لحظة جمالية من الكون
هناك ما لا يُعـدُّ ولا يُحصى من المناظر الجميلة في هذا الكون الشاسع، ويُعـدُّ مشهد غروب الشمس أحد هذه المناظر، إلاّ أنّه يتميز عن سواه بجمالٍ مُنقطع النظير، فالسماء الواسعة عندما تنسجم فيها الألوان بطريقةٍ باهرةٍ في هذه اللحظة تُمثّل مشهدًا فنيًا لا يوصف لشدة سحره، ويُجسّد الإبداع الإلهي بأبهى حلَّةٍ يمكن أن تراها العين، حيثُ إن هذه اللوحة الفريدة من نوعها تلفت الأنظار إليها، فتأمّلها يسرق القلوب؛ حيث يطغى الجمال على أي شيءٍ آخرٍ.
العرض: غروب الشمس تهييج لمكنونات النفوس
مظهر غروب الشمس يُولّد الكثير من المشاعر في نفوس الأشخاص، ويختلف الشعور الذي تـُسببه من فردٍ إلى آخرٍ، فبعض الأشخاص يُسحَرون برؤية الجمال السماويّ في وقت الغروب، ويرون أنّ هذه المشاهد الجميلة تفيضُ على الروح بمشاعر إيجابيةٍ وتُمدها بالطاقة، وحينما تمتلئ الرُوح فرحًا تعطينا القدرة على مواجهة الأحزان التي تعترض طريقنا.
بينما يشعر البعض بالكثير من الكآبة في هذا الوقت، فغياب الشمس يُنبّـه الإنسان إلى أنَّ كل شيءٍ سينتهي، فكما انتهى هذا النهار ستنتهي بقية الأيام، وبالتالي سيُواجه كل شخصٍ نهايته لأنَّ حياته ستنتهي في زمانٍ ما، لكنَّ هذا الأمر يجعلنا نحاول القيام بكل ما ينبغي علينا فعله على أحسن وجه.
ويُعلّمنا ألاّ نطمع في الحياة ولا نمشي كما تشاء أنفسنا، ولا نقوم بتنفيذ كل ما نرغب به لمجرد أنّنا نريده بل نُفكر بشكلٍ منطقيٍ هل سيعود علينا هذا الفعل وعلى الآخرين بالفائدة على المدى البعيد أم أنه سيحقّق لنا السعادة المؤقتة في الوقت الحالي؟ ثم يجلب لنا المتاعب في النهاية، وبهذه الطريقة نستطيع التصرف بشكلٍ صحيحٍ.
كما يُعطينا درسًا بأنَّه في وقتٍ ما سيرحل الجميع مثلما ترحل الشمس وتُفارق السماء في كل مساءٍ، سيُفارقنا الجميع في النهاية، أو نفارقهم نحن مهما طالت الفترة التي تجمعنا معًا، لكنَّ السماء تبقى موجودة حتى بعد غروب الشمس، ممّا يعني ألاّ نقوم بتعليق آمالنا على الآخرين وإيقاف حياتنا عندهم، فيُمكننا دائمًا الاعتماد على أنفسنا عندما نضع هذه الحقيقة أمام أعيننا.
لا يقتصر غروب الشمس على المشاعر، إنما يبعث الكثير من الأفكار في أذهاننا التي تعطينا دروسًا عظيمةً تنفعنا في حياتنا، فغروب الشمس يدلّ على أهمية الوقت، لأنَّ اليوم الذي انتهى قد ذهب ولن يعود، ولن نستطيع العودة بالزمن إلى الخلف للاستفادة من الوقت الذي أضعناه سابقًا ولم نحسن استغلاله في الأمور التي تفيدنا.
يُفكر بهذه الطريقة مَن أراد الاستفادة من قوانين الكون ومجرياته، بينما البعض الآخر يُحبُّ التمتع بجمال الطبيعة، فينظرُ إلى غروب الشمس من منظورٍ آخرٍ، لأنَّ غروب الشمس يحتوي على العديد من العِبَر، وفي الوقت ذاته يحمل الجمال والبهاء في ثناياه، ويُعطي لمن يتأمله شعورًا بالطمأنينة.
يُشكّل هذا المشهد الفريد مصدرًا عميقًا للإلهام لِمن يبحث عن الفنّ في الطبيعة، فإذا نظر الشاعر إلى السماء ورأى الشمس تجرُّ ذيولها وتُلقي الوداع وقد همَّت بالرحيل ، خطرت له مئات الأفكار حول الغياب والرحيل والفراق، فنجده يكتب الكثير من القصائد، فمشهد الغروب هو الملهم الذي أعطاه الفكرة والكلمات المناسبة لينظم الشعر.
إنّ نظر الرّسام إلى مشهد غروب الشمس مأخوذٌ من الألوان البهيّة وكيفيّة تداخلها وانسجامها، فقد وجد السماء لوحةً عظيمةً ومشهد غروب الشمس عبارةٌ عن ألوانٍ وريشةٍ، تُلهمه طرقًا جديدةً في الرسم وتُساعدُه على اختيار الألوان المناسبة ليُبدع أجمل اللوحات مأخوذًا ببهاء ما رآه أمامه.
إنّ تأمل ألوان الشفق الأحمر الذي يُلقي ظلاله على السماء، تَجعلنا نُفكّر بعظمة الله الذي خلق فأبدع في خَلقه وأبهرنا بجمال الطبيعة التي أوجدها، وأنَّ هذا الإله القادر على كل شيء، قادرٌ على أنْ يُحقّق أحلامنا مهما كانت صعبة أو مستحيلة في نظرنا، ولا نحتاج سوى العمل على أهدافنا والإيمان بالله والثقة بقدراتنا.
إذا نظرنا إلى الشمس يُمكننا تشبيهها بالأميرة الجميلة التي تظهر بعد فجر كلّ يوم لتلقي السلام على أبناء المملكة وتمنحهم الدفء بحرارتها، وتنشر النور بأشعتها على كل أنحاء المملكة فتُضيء الظلام الذي كان قبل مجيئها، وتتميز هذه الأميرة بوشاحها الذهبي الذي يأسر القلوب، وبمحبتها فهي تأتي كل يوم دون انقطاع، وعندما يحين موعد حُلول الظلام تتوارى رويدًا رويدًا، وكأنّها تقصد مُعانقتنا فتمدُّ لنا أيديها وتُخبرنا بأنّها ستُعاود المجيء عند صباح اليوم التالي ولن تُطيل الغياب.
حين أرى الشمس تُودّع السماء بعد أنْ قضيتُ بصحبتها ساعاتٍ طويلةً أشعرُ بأنَّ نهايةً ما قد أوشكت، في الوقت الذي تبدأ فيه حكاية أخرى، فعندما تُقرّر الشمس الغروب لتغادر وينتهي النهار، يأتي القمر ويُلقي السلام على السماء مُصطحبًا معه بداية الليل.
ذلك يعني أنَّ كل نهايةٍ تُمثّل بدايةً بشكلٍ آخر، وتمنحنا الشعور بالتفاؤل بأنَّ يومًا جديدًا سيأتي عمّا قريب ويُحضر معه خيرًا كثيرًا، كما تُعلّمنا ألاّ نحزن وألّا يُسيطر علينا اليأس إن رأينا أمرًا قد أوشكت نهايته، بل أنْ نفكّرَ بحكمةٍ في أمر غروب الشمس لنأخذ منه العبرة ونستمدّ منها الأمل في الوقت ذاته.
الخاتمة: غروب الشمس سكينة عند البأس
آخر ما يشار إليه أنَّ مشهد غروب الشمس يُنزل السكينة على القلب؛ إذ يمنح كل شخصٍ يُشاهده شعورًا بالطمأنينة، وكأنَّ صخب العالم يتوقفُ في هذه اللحظات لينعم الكون بهدوءٍ يُذهبُ البأس ويُضفي السرور في النفس، ويُساعد هذا المشهد الساحر الشخص على التفكير بأنّ الهموم ستزول وتنتهي مع انتهاء هذا اليوم، فعندما تغرب الشمس تأخذ معها قلق اليوم وتوتره فالليل سيحلُّ قريبًا، وفي اليوم التالي وعند شروق الشمس ستأتي بداية جديدة.