تحليل قصيدة الدموع لأبي القاسم الشابي
شرح قصيدة الدموع
يعتبر الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي واحدًا من أشهر رواد الأدب العربي، إذ يمكن أن يلتمس القارئ في شعره الأسلوب الأندلسي العريق، كما يتبع الأسلوب الشعري القديم، حيثُ يوردُ جملًا متوازية ذات معانٍ جميلة، وفيما يأتي شرح لقصيدة الدموع التي تصنف ضمن البحر الخفيف وهي من القصائد العمودية ذات الشطرين المتناظرين:
الأبيات (1-2)
نقَضي العَيْشُ بَيْنَ شَوْقٍ ويأْسِ
- والمُنَى بَيْنَ لَوْعَةٍ وتَأَسِّ
هذِهِ سُنَّةُ الحَيَاةِ ونَفْسي
- لا تَوَدُّ الرَّحيقَ في كأسِ رِجْسِ
يعتبر هذان البيتان اللذان استهل الشاعر فيهما قصيدته من الحكم التي استنبطها من خلال تأملاته الحياتية، حيثُ أخبر أن الحياة تنقضي ما بين الاشتياق والشعور باليأس واللوعة ولكنه يعود ليوضح رضاه بأن هذه هي سنة الحياة التي لا تهب الشراب الطيب في كأسٍ قذر.
الأبيات (3-9)
مُلِئَ الدَّهْرُ بالخداعِ فكمْ قَدْ
- ضَلَّلَ النَّاسَ مِنْ لإمامٍ وقسِّ
كلَّما أَسأَلُ الحَيَاةَ عن الحقِّ
- تَكُفُّ الحَيَاةُ عن كلِّ هَمْسِ
لمْ أجدْ في الحَيَاةِ لحناً بديعاً
- يَسْتَبيني سِوى سَكينَةِ نَفْسي
فَسَئِمْتُ الحياةَ إلاَّ غِراراً
- تتلاشى بهِ أَناشيدُ يَأْسي
ناولتني الحَيَاةُ كأساً دِهاقاً
- بالأَماني فما تناولْتُ كأْسي
وسَقَتْني من التَّعاسَةِ أَكْواباً
- تَجَرَّعْتُها فيَا شدَّ تَعْسي
إنَّ في روضَةِ الحَيَاةِ لأَشْواكاً
- بها مُزِّقَتْ زَنابِقُ نفسي
يصف الشاعر في هذه الأبيات سأمه ويأسه من الحياة التي تعاكسه بكل قسوة، وتجعل من معاناته معاناةً كبيرة لا يمن احتمالها، كما يذكر الشاعر سؤاله للحياة عن الحق ولكنها تصمت ولا تُجيبه.
لم يجد الشاعر في الحياة ما يسعده سوى السكينة التي يشعر بها، ولم ينس الحديث عن شعوره بالسأم من الحياة التي ناولته كأسًا مليئًا بالألم والعذاب، سقته التعاسة في أكواب تجرعها بمرار، وهناك أشواكٌ في الحياة مزّقت الزنابق وهو نوع من الزهور في نفسه اليائسة.
الأبيات (10-15)
ضاعَ أَمسي وأَينَ منِّي أَمسي
- وقَضَى الدَّهْرُ أَنْ أَعيشَ بيَأْسي
وقَضَى الحبُّ في سُكونٍ مُريعٍ
- ساعَةَ الموتِ بَيْنَ سُخْطٍ وبُؤْسِ
لمْ تُخَلِّفْ ليَ الحَيَاةُ من الأَمسِ
- سِوى لوعَةٍ تَهُبُّ وتُرْسي
تَتَهادَى مَا بَيْنَ غَصَّاتِ قلبي
- بسُكُونٍ وبينَ أَوجاعِ نَفْسي
كَخيالٍ من عالَمِ الموتِ يَنْسابُ
- بصَمْتٍ مَا بَيْنَ رَمْسٍ وَرَمْسِ
تِلْكَ أَوجاعُ مهجةٍ عَذَّبتها
- في جحيمِ الحَيَاةِ أَطْيَافُ نَحْسِ
تحتوي هذه الأبيات على تحسر الشاعر على ماضيه الجميل الضائع والذي تسببت بضياعه كثرة الآلام والأوجاع والمعاناة، كما يذكر قضاء الدهر بأن يعيش الشاعر مُنغمسًا في يأسه، واختفى الحب من حياته في سكون ولكنه جلب له الموت البائس، ويذكر الحياة التي لم تترك له سوى اللوعة التي تهب بين الحين والآخر، وتلك اللوعة تتنقل من خلال غصّات قلبه وأوجاع نفسه.
معاني كلمات قصيدة الدموع
فيما يأتي توضيح لبعض المعاني التي قد يجدها القارئ صعبة الفهم:
المُفردة | معنى المُفردة |
التأسي | الصبر |
الرجس | الشيء القذر |
يستبي | يأسر |
الكأس الدِهاق | الكأس الممتلئة |
الرمس | القبر |
الأفكار العامة لقصيدة الدموع
وردت في القصيدة العديد من الأفكار العامة والتي تلخيصها فيما يأتي:
- وصف معاناة الشاعر في الحياة.
- تأمل الشاعر في الحياة المتقلبة ما بيت اليأس و الشوق .
- سأم الشاعر من الحياة بسبب معاكستها له وبسبب كثرة همومه وأحزانه.
- تحسر الشاعر على ماضيه المؤلم ما بين حزنه وبؤسه ولوعته ويأسه.
- التعبير عن اليأس من الحياة التي رأى منها أشكالًا متنوعة من العذاب واللوعة والوجع.
الصور التعبيرية في قصيدة الدموع
احتوت قصيدة الدموع لأبي القاسم الشابي على مجموعة من الصور التعبيرية نوضحها فيما يأتي:
- أسأل الحياة
استعار الشاعر خاصية إنسانية وهي الكلام والسؤال وهي استعارة مكنية.
- كَخيالٍ من عالَمِ الموتِ يَنْسابُ
:::بصَمْتٍ مَا بَيْنَ رَمْسٍ وَرَمْسِ
يوجد هنا تشبيه مرسل ومفصل، والمشبه هو اللوعة والمشبه به هو الخيال والكاف هي أداة التشبيه.
- أين أمسي
استخدم الشاعر هنا الأسلوب الإنشائي وهو أسلوب الاستفهام.
- ياشدّ تعسي
وهو أسلوب نداء والهدف منه هو الإقناع والتأثير.
- تهب-تُرسي، الموت- الحياة
استخدام المحسنات البديعية هنا وهو طباق الإيجاب.
- يأسي- كأسي، همس- رمس
استخدم الشاعر في قصيدته الجِناس وهو جناس غير تام، حيث استخدمها الشاعر من أجل تصوير الصراع فيما بين أمسه الجميل وحاضره الأليم.