حكم شهادات الاستثمار
ما هي شهادات الاستثمار؟
يمكن تعريف شهادات الاستثمار بأنها: "عبارة عن قرض طويل الأجل تتعهد الشركة المقترضة بموجبه أن تسدد قيمته في تواريخ محددة". وهذه الشهادات والتي تسمى بشهادات الاستثمار من المعاملات المالية المعاصرة والمستجدة في الفقه الإسلامي التي أنتجتها حوائج هذا العصر، ويطلق عليها أسماء أخرى، وهي:
- السندات
وهي قريبة من نظام الأسهم مع بعض الفروقات، وقد عرَّفها جيليل قسطو على أنَّها: "ما تعرض للجمهور لغرض استثمار رؤوس أموالهم فيها مقابل فائدة نسبية مضمونة ويعين إطفاؤها بإعادة رأس المال والفوائد في موعد محدد".
- أذون الخزانة
وهي تصدر عن الحكومة لأجل قصير.
- إسناد قرض
كما تسمى في القانون الأردني والقانون السوري.
حكم شهادات الاستثمار
تعدّدت آراء العلماء المعاصرون في حكم هذه السندات على قولين:
القول الأول: عدم جواز هذه الشهادات
هذا رأي أكثر العلماء المعاصرين دون التفريق بين نوعٍ وآخر، ومن الذين حرموا هذه الشهادات؛ الشيخ شلتوت، والدكتور محمد يوسف موسى، والدكتور يوسف القرضاوي، والدكتور عبد العزيز الخياط، وغيرهم من العلماء المعاصرين، واستدل الفريق الأول بما يأتي:
- عموم قول الله -تعالى-: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّـهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا).
- هذه الشهادات تشبه الودائع البنكية، وحكمها الحرمة؛ لأنها من الربا، وإن الودائع التي توضع في هذه الشهادات الاستثمارية يقوم على رد المثل مع الربح، مقابل استخدام هذا المال، وهذا هو الربا الذي كان يتعامل به أهل الجاهلية قبل الإسلام، ومن أجل ذلك نزلت الاآيات المحرمة لهذا التصرف المالي غير المشروع.
القول الثاني: جواز التعامل بشهادات الاستثمار
قال الفريق الثاني من العلماء إن حكم التعامل بهذه الشهادات هو الإباحة، وهذا القول ذهب إليه مفتي جمهورية مصر العربية الدكتور محمد سيد طنطاوي، واستدل الفريق الثاني بما يأتي:
- إن شهادات الاستثمار هي أحد أنواع شركات المضاربة، وهذه الشركات مباحة من الشركات المباحة، ووجه الشبه بينهما يجعل هذه الشهادات الاستثمارية مباحة.
- إن شهادات الاستثمار هي إحدى أنواع المعاملات المالية الحديثة والمعاصرة التي يغلب عليها النفع للفرد والمجتمع والأمة كاملة.
- الأصل في الأشياء الإباحة والجواز، والأصل في العقود الجواز، ولا يحرم مثل هذه العقود في الشهادات الاستثمارية إلا بنص شرعي.
- هذه العوائد والفوائد المكتسبة من هذه الشهادات هي أشبه بالجوائز والهبات والعطايا، لا سيما شهادات الاستثمار الصادرة عن الدولة فيحق للدولة أن تهب رعاياها ومواطنيها ما تشاء من هذه الهبات.
- هذه الهبات والفوائد قائمة بين الطرفين على التراضي، والتراضي بين الطرفين يجعل هذه الشهادات من المعاملات المباحة، ولا إثم على من تعامل بها.
حكم الأرباح والفوائد من شهادات الاستثمار
الحكم الشرعي لهذه الأرباح والفوائد
إن شهادات الاستثمار تنقسم من حيث المردود وربح المستثمر إلى قسمين:
- شهادات عوائدها تاتي من قبل الفوائد الربوية
وتكون إما شهرية، أو سنوية، حيث تكون الفوائد بنسبة معينة، يتفق المستثمر مع شركة الاستثمار على هذه النسبة وأقساطها.
- شهادات عوائدها تاتي من قبل جوائز مالية أو عينية
حيث تعلن عنها هذه الشركات من أجل أن تشجع المستثمرين على الاستثمار فيها؛ لأن بعض المستثمرين لا تغريه هذه الفوائد؛ لضعف المردود، وقلة نسبة الفائدة الممنوحة من هذه الشركات الاستثمارية، لا سيما إذا كان المستثمر من ذوي الدخل المحدود، ولا يملك شراء أسهم عالية الثمن، مما يجعل الفائدة العائدة من هذا المبلغ غير مجدية.
أما الحكم الشرعي لهذه الشهادات الاستثمارية فيكون كما يأتي:
حكم شهادات الاستثمار هذه فيها قولان:
- القول الأول
هذه الشهادات شهادات ربوية ، وحكمها في الشرع حكم الربا، وحكم الربا هو حرام، وهو قول عامة العلماء المعاصرين وجمهورهم.
- القول الثاني
هذه الشهادات مباحة، ويجوز التعامل بها.
أدلة العلماء على حكم هذه الفوائد والأرباح
فيما يأتي ذكر أدلة أصحاب القولين:
- أدلة القول الأول
هذه الشهادت هي قروض ربوية، والربا مجمع على تحريمه، قال الله -تعالى-: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّـهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا).
وأضاف العلماء إلى الشهادات الاستثمارية القائمة على الجوائز سببا آخر للتحريم، وهو أن هذه المعاملات من الميسر والقمار؛ لأنه يمكن أن يربح، وربما لا يربح، ولأن الجائزة يعلن عنها في بداية العقد، ولا يتقدم الناس لها إلا بنية الفوز بها.
- أدلة القول الثاني
أن هذه المعاملات من المعاملات المعاصرة، والتي لا نصّ فيها من كتاب ولا من سنة، وهي من قبيل المسكوت عنه، فهي حلال، و هذه الشركات تقوم على مبدأ القراض، وهو من المعاملات المباحة.