تحليل رواية صخرة طانيوس
تحليل رواية صخرة طانيوس
تدور أحداث رواية صخرة طانيوس للكاتب الفرنسي اللبناني أمين معلوف ، في ضيعة تسمى عين القبو في لبنان، وتحكي قصة طانيوس، الفتى المسيحي ابن لمياء، تلك المرأة فائقة الجمال، الذي تدور الإشاعات حول هوية والده الحقيقي.
كما تمثل الصراع القوي الذي يحدث في هذا الوقت بين قوى عظمى، تتمثل في الإمبراطورية العثمانية ومصر وإنجلترا في منتصف القرن التاسع عشر، بهدف السيطرة على جبل طانيوس اللبناني.
ويقول الكاتب إن القصة مستوحاة من قصة حقيقية، وهي قصة اغتيال البطريرك الماروني في القرن التاسع عشر، على يد شخص يدعى أبو كشك معلوف، الذي هرب إلى قبرص بعد أن قام بفعلته، لكن بحيلة من عملاء الأمير أعيد إلى البلاد ثم أعدم، ويمكن تحليل رواية صخرة طانيوس في ضوء النقاط الآتية:
الرسالة
تنقل هذه الرواية التاريخية قيم أفراد المجتمع اللبناني الثقافية المشتركة، من حيث أسلوبهم في التحدث، وطريقة تفكيرهم، وعملهم، وأسلوب الطعام والشراب لديهم، كما يتناول فيها الكاتب أفكار كبيرة لديهم مثل العلاقات بين الرجل والمرأة، الموت، الولادة وغيرها.
الشخصية الرئيسية
بطل هذه الرواية هو مراهق شاب، وقد صاغ الكاتب الشخصية في إطار شجاع وقوي، وهذا ما يروق لمعظم الشباب الذين يقرأون الرواية، كما أن هذا البطل يندد بالظلم الاجتماعي في الوقت الذي تسود فيه هيمنة الطبقات الاجتماعية، وهو أيضًا عقلاني يشكك في كل القوانين والمبادئ الاجتماعية في مجتمعه، فيظهر دائمًا في صورة المحتج والمبتكر.
الحبكة
الرواية ذات حبكة قوية، فطانيوس الشاب الذي عاش حياته بشكل مختلف عمن هم في مثل عمره، فقط لأن حطه العثر جعله ابناً لأم معروفة وأب تثار حوله الشكوك، فهل هو ابن جريس أم الشيخ؟ ثم أوقعه حظه العثر مرة أخرى في حب فتاة أصبح ابن قاتل والدها، ثم تتوالى الأحداث ليهرب طانيوس ثم لا يلبث أن يعود لتتوالى الصدمات على رأسه وتؤثر على حياته وتقرب نهايته المجهولة.
الزمن
الرواية تاريخية تروى أحداثها في زمن قديم وعصر مختلف عن عصرنا الحالي، وعلى الرغم من أن الرواية خيالية إلا أن الكاتب يشعر قارئه أن هذه القصة حدثت بالفعل منذ زمن سحيق، فلا يكون بيد القارئ إلا الاندماج في الأحداث ومع الأبطال حتى يجد نفسه قد وصل لآخر صفحة من الرواية بالفعل.
اللغة
كتب معلوف الرواية باللغة الفرنسية، إذ إنه كان يؤثر الكتابة بالفرنسية على العربية في معظم مؤلفاته، وهذا له عدة إيجابيات، إذ يمكن للشباب المهاجرين لفرنسا قراءة النصوص الفرنسية في الرواية، وتحرير أنفسهم من القيود الاجتماعية، والتخلي عن الصور النمطية الثقافية.
وهذا ما سيساعدهم في تعديل بعض سلوكياتهم، كما أن اللغة التي اعتمدها معلوف في الرواية ساعدت في إثراء معارف الشباب الناطق بالعربية لا سيما اللبنانية بالمعلومات الجغرافية والثقافة والتاريخية لبلاده.
نبذة عن كاتب رواية صخرة طانيوس
أمين معلوف هو كاتب وروائي وصحفي لبناني فرنسي، ولد في مدينة بيروت في 25 فبراير عام 1949م، يكتب وينشر كتاباته باللغة الفرنسية، ومعظم هذه الكتابات ذات طابع تاريخي، إذ يقوم معلوف بمزج الحقائق التاريخية الرائعة بالأفكار الفلسفية والخيالية.
وقد قال معلوف ذات مرة في مقابلة أن دوره ككاتب يتمثل في خلق أساطير إيجابية، لذا فإن كل أعماله تقدم قيم ومواقف وثقافات متنوعة ل لشرق الأوسط وإفريقيا و منطقة البحر الأبيض المتوسط وغيرهم، ومن أشهر روايات معلوف صخرة طانيوس التي نال بسببها جائزة الجونكور الأدبية الفرنسية عام 1993م.
اقتباسات من رواية صخرة طانيوس
من أجمل الاقتباسات التي يمكن إلقاء الضوء عليها من رواية صخرة طانيوس ما يأتي:
- بمجاملتهم، جعلوا من الشيخ مستبدًا ذا نزوات؛ و بعدوانيَّتهم، جننوا الشخص الذي خلفه.
- جلُّ ما كان يبتغيه هو إرضاؤهم والتماس السماح، وقد كان مستعدًا لتوزيع ثروته كلها من أجل أن يسمع من شفاههم كلمة امتنان.
- فانتهى سكرانًا في الليل يبحث عن مشغل النكت، وكانت ضحكاتهم تنفجر من البيوت المعتمة كلها.
- أما أنا، فغادرت الضيعة لئلا أضحك لضحكهم، لكنني سأبكي ذات يومٍ لبكائهم.
- قال لي طانيوس: "عرفت امرأة لا أتكلم لغتها ولا تتكلم لغتي، لكنها تنتظرني في أعلى السلم، ذات يوم سأعود وأدق بابها لأقول لها إن سفينتنا تتأهب للسفر".
- لكل الملذات ثمن، لا تزدري تلك التي تحدد ثمنها.