تحليل رواية سارة
تحليل رواية سارة
لقد تقصَّد العقاد أن يحلِّل شخصية المرأة من خلال شخصية سارة، وفيما يأتي تحليل رواية سارة بالتفصيل:
الزمان والمكان
تدور أحداث الرواية في مدينة القاهرة في مصر في بداية القرن العشرين، ولكنَّ الكاتب تلاعب أيضًا بزمن الرواية كما تلاعب بشخصية سارة نفسها، فقد جعل الزمن يتقلب بسرعة كبيرة متنقِّلًا بين الماضي والحاضر والمستقبل، وكل ذلك يدور في فلك شخصية سار وتناقضاتها.
السرد والحبكة
لقد اتَّسم أسلوب العقاد في الرواية بالرقة بخلاف معظم كتبه الأخرى غير القصصية، ولا يمكن الحديث عن اللغة العالية عند العقاد إذ أنَّه من الأدباء الكبار وأصحاب اللغة المتينة والكلمات البليغة، ولكنَّ الأحداث تميزت بالبساطة عمومًا، ورغم ذلك فقد استطاع العقاد أن يخرج من تلك الأحداث البسيطة بفكرة عميقة ورمزية فقط.
ولكنَّه رغم ذلك اتبع أسلوب السرد المباشر أكثر من أسلوب الحوار، إذ بدأ بالرواية بالحدث عن شخصين، ثمّ انتقل للتعريف بشخصية سارة، وقد رأى بعض الأشخاص أنَّ الرواية مملة جدًّا بسبب سطحية أحداثها، وقال العقاد يومًا أنَّ كتبها لأنه أراد أن يجرب قلمه في القصة.
الشخصيات
تناولت القصة شخصية سارة المتقلبة، وقد حاول أن ينبش من خلالها العلاقات الإنسانية ، ويوزاي بين المرأة المحافظة والمرأة اللعوب المتقلبة، ومن منهما تصلح للالتزام معها والالتزام مع الرجل في علاقة زوجية، وقد وصف الكاتب فيها موضوع تعدد الأوجه عند البشر، والحديث عن الرجل ذي الوجهين، وبيَّن أنَّ الرجل ذو الوجه الواحد ميت وغير موجود في المجتمع.
حيثُ أنَّ الشخص الذي يمتلك وجوهًا عديدة، يرى الناس بوجه جديد وملامح جديدة، ويعامل الناس كل حسب أوضاعه وحالته حتى يكون مصاحبًا لجميع الناس، أمَّ ذو الوجه الواحد، فإنه مثل التمثال يمتلك صورة واحدة، فهو عبارة عن جماد لا يحبه أحد، ويخرج الناس منه بطابع واحد، لذلك فالشخص متعدد الوجوه هو الذي يعرف أن يعيش سعيدًا في هذه الحياة.
اقتباسات من رواية سارة
يمكن لبعض العبارات أن توضح أسلوب الكاتب في الرواية، وأن تعطي الكاتب انطباعًا بسيطًا عنها، وفيما يأتي بعض الاقتباسات من رواية سارة لعباس محمود العقاد :
- إن خير ما يتاح لأبناء الفناء أن يقلقوا ويضحكوا من القلق بعد فواته فيأخذوا الدنيا طبيعية فنية على هذا المنوال طبيعية حين يعيشونها ويقلقون بشواغلها وفنية حين ينظرون إليها على البعد بعد ذلك كما ينظرون إلى روايات الخيال.
- إذا ميز الرجل المرأة بين جميع النساء فذلك هو الحب ، إذا أصبح النساء جميعًا لا يغنين الرجل ما تغنيه امرأة واحدة فذلك هو الحب، إذا ميز الرجل المرأة لا لأنها أجمل النساء ولا لأنها أذكى النساء ولا لأنها أوفى النساء ولا لأنها أولى النساء بالحب ولكن لأنها هي بمحاسنها وعيوبها فذلك هو الحب.
- لأننا إذا عرفناها ففي الغالب أيضًا أنها تكلفنا تغيير عادة من العادات وليس أصعب على النفس من تغيير ما اعتادت، فالموت نفسه لا صعوبة فيه لولا أنه يغير ما تعودناه، وفراق الموتى لا يحزننا لولا أنه تغيير عادة أو عادات كثيرة.
- ترى لو شهدنا حوادث الحياة كلها دفعة واحدة هل تصعب أو تهون وهل يقع أثرها في النفس فاجعًا مرهقا أو مضحكًا سخيفا مغريًا بالهزء والابتسام.
- الإنسان قد يتوقع الغش لفرط إشفاقه من الفقد والخسارة لا لفرط اتهامه وسوء ظنه.
نبذة عن رواية سارة
نشرت رواية سارة أول مرة في عام 1938م، وهي من تأليف الكاتب والروائي المصري الشهير عباس محمود العقاد، تقع الرواية في نحو 108 صفحات، وهي عبارة عن رواية تحكي تجربة نفسية، أشار الكاتب إلى أنَّه يجب أن تكتب في أحد الأيام، ولا بدَّ أيضًا أن تقع لأنَّها قابلة للحدوث طبعًا، تتحدث الرواية، وتدور القصة حول فتاة تدعى سارة.
ويحاول الكاتب فيها أن يحلِّل نفسية المرأة، إذ تمثِّل سارة الثورة والجموح والخروج على مختلف القيود في المجتمع، ولذلك كانت محور الرواية، بينما تناول المرأة الهادئة الوادعة التي تحترم التقاليد هند ببعض الأسطر، ويظهر أنَّه يفضل المرأة الثائرة، وقد جعلها امرأة تجمع الكثير من التناقضات في شخصيتها، وقد أثبت في هذه الرواية أنَّ العقاد بعرف المرأة جيدًا.