تحليل رواية اللص والكلاب
أحداث رواية اللص والكلاب
رواية اللص والكلاب؛ رواية واقعية من تأليف الأديب المصري نجيب محفوظ ، تحكي قصة سعيد مهران ذلك الشاب المثقف الذي يدخل السجن في عيد الثورة ويخرج منه بعد أربع سنوات من الأسر، إذ يُحاول مهران أن يستعيد حياته القديمة فيذهب إلى عليش الذي يرعى ابنته في فترة غيابه ليأخذ ماله، لكنّ عليش رفض أن يُعطيه أيّ شيء.
يملأ السواد قلب سعيد مهران بعد أن ترفض سناء وهي ابنته الوحيدة أن تُعانقه أو تقترب منه، بعد أن تزوجت زوجته السابقة نبوية من صديقه عليش، الذي كبرت سناء بين يديه، في وقت لاحق يذهب لمقابلة صديقه رشيد علوان الذي كان يعرفه قبل دخوله السجن، وكانت تجمعهما صداقةً قويةً، فهما يُؤمنان بالمبادئ نفسها.
لكن سعيد مهران يتفاجأ أنّ الحياة لم تُعامل رشيد علوان كما عاملته، إذ تبدلت مبادئ رشيد علوان، وصار لا يُؤمن بمبدأ سوى المال، فرفض أن يُشغله معه في جريدته الزهراء، أو أن يُعطيه مبلغًا من المال كي يُدبر به معيشته.
حزن سعيد بعد ذلك حزنًا عميقًا، وقرر الانتقام من كل الأشخاص الذين حاولوا أن يُسودوا حياته أكثر مما كانت عليه، فهجم على بيت علوان ليلًا كي ينتقم منه فكان الأخير ينتظره؛ لأنّه يعلم أنّه سيأتي، فأخذ منه المال وطرده وأهانه بشكل كبير.
العقدة
تضيق الحياة على سعيد مهران ويُقرر أن يبدأ انتقامه من عليش بمساعدة فتاة اسمها نور كانت تُحبه حُبًا كبيرًا، فأمنت له مسدسًا وسيارةً يستطيع التنقل بها، وبعد أن بدأ الظلام يُخيم على المكان أطلق مهران رصاصةً من مسدسه ليُصيب رجلًا بالخطأ كان قد اشترى شقة عليش بعد رحيله.
" هذا هو رؤوف علوان الحقيقة العارية، جثة عفنة لا يُواريها تراب، فقد مضى كأمس أو كأول يوم في التاريخ، أو كحب نبوية أو كولاء عليش، أنت لا تنخدع بالمظاهر، فالكلام الطيب مكر والابتسامة شفة تتقلص والجود حركة دفاع من أنامل اليد، ولولا الحياء ما أذن لك بتجاوز العتبة، تخلقني ثم ترتد تغير بكل بساطة فكرك بعدما تجسد في شخصي، كي أجد نفسي ضائعًا بلا أصل وبلا قيمة وبلا أمل أتقر بخيانتك ولو بينك وبين نفسك؟".
تميل عيني سعيد من كثرة الحزن والشعور بالظلم إلى علوان، ذلك الذي تنكّر له وخطف آخر نجمة يحلم أن تُضيء حياته، فيشتري قاربًا ليقترب فيه من قصره ويُحاول أن يقتله ولكنّه لا يتمكن من ذلك حيث يُصيب البوّاب الذي عنده، وبعد ذلك يبدأ علوان بمهاجمة سعيد عبر صحيفته وتشويه سمعته.
الحل
تصل الرواية أخيرًا إلى موت سعيد مهران الذي تُحاصره الشرطة في المقبرة ويقتله الرصاص المتساقط عليه من كل حدب وصوب.
الشخصيات في رواية اللص والكلاب
برزت في الرواية مجموعة من الشخصيات أسهمت في تغيير سير الرواية والتسريع من أحداثها، ومن بينهم ما يأتي:
الشخصيات الرئيسة
الشخصيات الرئيسة في رواية اللص والكلاب ما يأتي:
- سعيد مهران
بطل الرواية والشخصية الرئيسة فيها، وهو أول مَن يظهر في الرواية، وآخر مَن يأتي الكاتب على ذكره، تتحرك الرواية بناءً على تحرك هذا البطل ويتنامى مع تنامي أحداثها.
- رؤوف علوان
رجل كثير المبادئ، ويُحاول دائمًا أن يظهر بمظهر الرجل المُناضل الذي يطلب الحرية، ولكن ما إن سنحت له الفرصة حتى تنكر للمبادئ التي كان يُطالب بها، وصار لا يعرف إلا مبدأ المال ولا شيء غيره، وهو من الشخصيات الرئيسة في الرواية.
- نبوية
هي زوجة سعيد مهران السابقة، إذ تزوجت من عليش عندما كان سعيد في السجن.
- بائعة الهوى نور
هي الشخصية التي أحبّها سعيد مهران.
- عليش
هو صديق سعيد مهران الذي خانه أيضًا.
الشخصيات الثانوية
الشخصيات الثانوية في رواية اللص والكلاب ما يأتي:
- الشيخ الجنيدي
لم تظهر هذه الشخصية إلا من خلال ذاكرة سعيد مهران وحواره معه لمّا يأتي لمقابلة رؤوف علوان، فهي شخصية ثانوية.
- سناء
هي ابنة نبوية وسعيد مهران، إذ ترفض التعرُّف على والدها.
- طرزان
هو صاحب المقهى وأحد معارف سعيد مهران.
الزمان في رواية اللص والكلاب
إنّ الزمان في رواية اللص والكلاب هو الحكم الذي استطاع أن يُصعد من وتيرة الأحداث في الرواية، وقد تداخل الزمان ما بين الحاضر والماضي والمستقبل، حيث استطاعت الأزمنة الثلاثة تلك أن تُشكل لوحةً عظيمةً منسوجةً في قالب روائي واضح.
يتوضح ذلك في قول: "حتى الأيام الغالية خسر منها أربعةً غدرًا، وسيقف عمّا قريب أمام الجميع مناديًا: آن للغضب أن يحرق وللخونة أن ييأسوا في الموت"، في هذه العبارة تداخلت الأزمنة الثلاثة بعضها ببعض، فبدأ بالماضي وانتقل إلى المستقبل، ثم عرّج على الحاضر في جملة متناسقة بين بعضها.
يتّضح الزمن الخارجي في قوله: "ولكنّه هزّ رأسه بالإيجاب، فقال أحد ماسحي الجوخ"، والزمن الدّاخلي حين يقول:" أمس زرتُ عطفة الصيرفي فوجدت مخبرًا في انتظاري کما توقعت، وأنكرتني ابنتي وصرخت في وجهي".
الأمكنة في رواية اللص والكلاب
تعدّدت الأماكن في رواية اللص والكلاب ما بين مغلقة ومفتوحة ونصف مفتوحة ولعل أبرزها ما يأتي:
- السجن
هو المكان الذي ابتدأت الرواية فيه، وهو المكان الذي خرج منه سعيد، كان هذا المكان مُرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالغدر والخيانة التي ابتدأتها الزوجة مع الصديق، وقد تربت الابنة عندهما.
- مبنى جريدة الزهرة
الجريدة التي افتتحها رؤوف علوان، وكانت في البداية منبرًا من منابر الحرية، ثم تطورت الأمور فيما بعد ليتخلى علوان عن مبادئه، وتكون مركزًا من مراكز نهب المبادئ وسرقتها.
- قصر رؤوف علوان
يطل قصر علوان على البحر ويُحيط به الخلاء من ثلاث جهات، الخدم يُحيطون برب العمل من كل جهة وصوب والقصر واسع، حيث التقى سعيد مع علوان به أكثر من مرة.
- مسكن نور
المكان الذي أوى إليه سعيد مدةً من الزمن، يُطل على المقبرة ويختلي مع الزمن في لحظة دافئة بعيدة عن ضوضاء الحياة.
- مسكن الشيخ الجنيدي
يقع ذلك البيت قُرب مسكن علوان، ولكنّه يختلف عنه في كل شيء وشكله غاية في الانفتاح.
- مقهى المعلم طرزان
مقهى موجود على مشارف الصحراء وهو في الخلاء تمامًا، لم يختلف أيّ شيء فيه أيّ بقي على حاله منذ معرفة سعيد له وحتى قتله أخيرًا.
اللغة السردية في رواية اللص والكلاب
تناسبت لغة الكاتب بشكل جيد مع الأحداث الدامية التي تعرض لها البطل بشكل مباشر وكافة الأشخاص من حوله الذين باعوا مبادئهم لتحقيق الهدف الروائي، فقد ظهرت لغة التمرد والغضب التي بدت واضحة عند سعيد مهران، إذ عكست الغربة التي عانى منها في الواقع، وهناك اللغة التبريرية التي ظهرت لدى الأشخاص الذين تخلّوا عن مواقفهم.
برز ذلك كله في قول البطل: "لست كغيري ممن وقفوا قبلي في هذا القفص، إذ يجب أن يكون للثقافة عندكم اعتبار خاص، والواقع أنّه لا فرق بيني وبينكم إلا إنّي داخل القفص وأنتم خارجه، وهو فرق عرضي لا أهمية له البتة" ، وقد ظهرت العبثية في هذه العبارة وتجلت بشكل واضح جدًّا، فالبطل لا فرق لديه ما بين الحرية أو سلبها.
استعمل الكاتب الألفاظ القوية عند الحاجة إليها، والألفاظ الرقيقة التي تُعبّر عن المشاعر والأحاسيس بصورة جلية ورقيقة، فالبطل هو كتلة من المشاعر والتخطبات وتقوم قصته بأسرها على الإنسانية واللا إنسانية؛ لذلك كان لا بُدّ من أن تتناسب الألفاظ مع تلك المواقف المأساوية التي يمر بها البطل.
يقول البطل أخيرًا في عبارة اختصرت معاناته: "ولست أطمع في أكثر من أن أموت موتًا له معنى".
العبرة من الرواية هي رصد تحولات الإنسان وتغير مبادئه، وأهمية تحقيق العدالة الاجتماعية، بالإضافة إلى دور الأسرة المهم في صلاح المجتمع.