تاريخ علم الأحياء الدقيقة (الميكروبيولوجي)
تاريخ علم الأحياء الدقيقة أو المايكروبيولوجي
يتميز علم الأحياء الدقيقة بسلسلة طويلة من الأحداث منذ قديم الزمان، والتي كانت بدايتها ملاحظة العلماء لأسباب الأمراض المعدية، كما قدم العديد منهم مساهمات عظيمة في تطوير هذا العلم والوصول إلى ما وصل إليه العلم في الوقت الحالي من إنجازات، وفيما يلي توضيح لوقت بدء علم الأحياء الدقيقة وكيفية ذلك:
ما قبل اكتشاف علم الأحياء الدقيقة
طرح العديد من العلماء أفكارهم حول احتمالية وجود كائنات حية دقيقة قبل اكتشافها الفعلي في القرن السابع عشر، فعلى سبيل المثال، افترض العالم الروماني ماركوس تيرينتيوس إمكانية انتشار الأمراض من خلال كائنات غير مرئية، كما حذر من بناء البيوت بجانب المستنقعات لأن هناك كائنات لا تُرى بالعين المجردة تطفو في الهواء، وتدخل الجسم عن طريق الفم والأنف، وتسبب الأمراض، وكتب ذلك في كتابه عن الزراعة في القرن الأول.
افتراض وجود الكائنات الحية الدقيقة
افترض العالم أبو علي بن سينا ( ابن سينا ) في عام 1546م أنه يمكن لمرض السل وأمراض أخرى أن تكون معدية، كما افترض العالم جيرولامو فراكاستورو وجود كائنات شبيهة بالبذور يمكن أن تنقل العدوى من خلال الاتصال المباشر أو غير المباشر، ولكن كل هذه الفرضيات كانت تخمينية ولا تستند على أي أدلة علمية تطبيقية، ولم يتم إثبات وجود هذه الكائنات فعلياً.
اختراع المجهر
كان تاجر المنسوجات الهولندي أنطوني فان ليفينهوك (Antoni van Leeuwenhoek) هو أول من اخترع المجهر في عام 1677م، كما يعتبر أول من رأي الكائنات الحية الدقيقة، ولكنه لم يكتشف أهمية هذه الكائنات لصحة الإنسان.
تجربة لادزارو سبالانساني
افترض العالم لادزارو سبالانساني (Lazzaro Spallanzani) في عام 1768م أن الكائنات الحية الدقيقة تتحرك في الهواء، ويمكن قتلها عن طريق الغليان، وساعدت هذه النظرية العالم لويس باستور في بحثه.
البداية الفعلية لعلم الأحياء الدقيقة
أظهر عالم لويس باستور (Louis Pasteur) تقدماً عظيماً في علم الأحياء الدقيقة في عام 1857م، حيث بيّن أن الكائنات الحية الدقيقة كانت مسؤولة عن تخمر السوائل، وأنها هي المسؤولة عن تخمير المواد العضوية، أو إفسادها، أو تلوثها، كما أثبت النظرية الجرثومية للمرض، وأطلق مجال علم الأحياء الدقيقة الحديث.
إثبات النظرية الجرثومية
قام العالم لويس بتوسيع نتائج العالم لادزارو سبالانساني، وذلك عن طريق تعريض الحساء المغلي للهواء في أوعية تحتوي على مرشح لمنع الجزيئات من المرور، وفعل نفس التجربة ولكن دون وضع مرشحات، فلاحظ عدم وجود كائنات حية دقيقة داخل الحساء الأول، كما وجدها في الحساء الثاني، لذلك لاحظ أن هذه الكائنات جاءت من الخارج ولم تنشأ في الحساء نفسه، وهكذا تم إثبات النظرية الجرثومية.
البسترة
ساعدت تقنية التعقيم والبسترة لمنتجات الألبان في إنقاذ ملايين الأرواح، والتي نشأت في معهد العالم لويس باستير، والتي ألهمت العالم جوزيف ليستر لاستخدام طرق مشابه في تعقيم جروح المرضى، والأدوات المستخدمة في الجراحة.
اكتشافات روبرت كوخ
ساعد العالم روبرت كوخ في معرفة سبب مرض الجمرة الخبيثة التي كانت منتشرة بين الحيوانات في مزارع ذلك الوقت، في حين أنه تم اكتشاف بكتيريا الجمرة الخبيثة من قبل العالماء بولندر، وراير، ودافين، إلا أن كوخ هو من عرف سبب المرض، وذلك من خلال تلقيح الفئران ببكتيريا الجمرة الخبيثة المأخوذة من دم طحال الحيوانات التي ماتت بسبب هذه البكتيريا، فلاحظ أن الفئران التي تم حقنها قد ماتت بسببها، كما نفذ هذه التجربة على فئران أخرى حقنهم بدم حيوانات سليمة، فلاحظ أن الفئران سليمة ولم تمت، بالإضافة إلى تجربته التي اكتشف من خلالها أن بكتيريا الجميرة الخبيثة لها قدرة على إنتاج جراثيم داخل نفسها يمكنها مقاومة الظروف الصعبة، مثل نقص الأكسجين، وعندما تكون في ظروف مناسبة يمكنها العيش، وتلك الجراثيم هي سبب ظهور بكتيريا الجميرة الخبيثة مرة أخرى؛ على الرغم من عدم اتصالها بأي نوع من الحيوانات.
اكتشاف المضادات الحيوية
طوّر العالمان باول إرليش و ساهشيرو هاتا أول مضاد حيوي للكائنات الحية الدقيقة، وهو عقار السالفارسان، الذي كان يستخدم لعلاج مرض الزهري في عام 1910م، وقد كان اكتشاف البنسلين من أعظم الاكتشافات والإنجازات البشرية، وذلك حين اكتشف العالم ألكسندر فلمينج البنسلين عام 1928م، وتم تطوير العقار في جامعة أكسفورد، والذي كان مفيداً في قتل الكائنات الحية الدقيقة، وأدى إلى اكتشاف العديد من المضادات الحيوية الأخرى.
علم الأحياء الدقيقة الحديث
تطور علم الأحياء الدقيقة إلى العديد من المجالات، كما ساعد في صناعة العديد من الأدوية، وتطوير أساليب لمراقبة جودة إنتاج الأغذية ومنتجات الألبان، وصحة المياه، بالإضافة إلى استخدام الكائنات الحية الدقيقة لإنتاج الفيتامينات، والأحماض الأمينية، والإنزيمات، وتصنيع منتجات الألبان المتنوعة، مثل اللبن، والأطعمة المخمرة، مثل المخللات، كما أصبح علم الأحياء الدقيقة أساس لعلم التكنولوجيا الحيوية.