بحث عن الوحي
تعريف الوحي
يُطلق الوحي في اللّغة على ما يكون بمعنى الإشارة والحركة السريعة، وقد ورد لفظ الوحي في القرآن الكريم بمعانٍ عديدة؛ منها الإلهام الغريزي للحيوان، ومنها الوسوسة بالشرّ، ومنها الإشارة والإيماء، وتعدّدت تعريفاته في الاصطلاح الشرعي على النحو الآتي:
- هو أنّ يُعلِمَ الله من اختاره من عباده ما أراد أن يطلعه عليه من أصناف الهداية والعلم، من خلال طريقةٍ خفيةٍ سريعةٍ غير معتادةٍ بالنسبة للبشر.
- عرّفه الشيخ محمد عبده فقال؛ هو علم يعلمه العبد على وجه اليقين سواء أكان بواسطة أو من غير واسطة.
- كلام الله المنزّل على نبي من أنبيائه.
- عرّفه ابن حجر فقال؛ هو الإعلام بالشرع، أو هو إعلام الله لنبيّ من أنبيائه بحكمٍ شرعيّ.
- عرّفه الزهريّ فقال؛ ما يوحيه الله لنبيٍّ من أنبيائه فيضعه في قلبه فيتكلّم به أو يكتبه، وهو كلام الله.
دليل الوحي من القرآن والسنة
وردت الأدلّة من القرآن الكريم والسنة النبويّة الشريفة التي تثبت الوحي، ففي القرآن الكريم قال -تعالى-: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى*مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى*وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى*إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى*عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى).
ومن الأمثلة الواردة في السنة النبويّة ما ثبت عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حين قام يوماً يخطب بالنّاس، فقال: (وإنَّ اللَّهَ أَوْحَى إلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ علَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ علَى أَحَدٍ).
أنواع الوحي
ذُكرت أنواع الوحي جميعها مجملةً في القرآن الكريم في قول الله -تعالى-: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّـهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ)، وهي ثلاثة أنواع على التفصيل التالي:
- الوحي بلا واسطة
وقد يكون هذا النوع بالإلهام، وهو ما عبّرت عنه الآية الكريمة بلفظ الوحي، ومنه قول الله -تعالى-: (وَأَوحى رَبُّكَ إِلَى النَّحلِ أَنِ اتَّخِذي مِنَ الجِبالِ بُيوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمّا يَعرِشونَ) ، ومنه أيضاً قول الله-تعالى-: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ) .
- الوحي من وراء حجاب
من خلال سماع كلام الله، مثل موسى -عليه السّلام- حين سمع النداء من وراء الشجرة.
- الوحي بواسطة الملك جبريل
حيث يُلقي جبريل ما يريد إلقائه إلى رسول الله، وقد يراه بهيئة رجلٍ، وقد لا يراه فيسمع منه أو يعي ما يُوحى إليه بقلبه.
مراتب الوحي على سيدنا محمد
شهد رسول الله مجموعة من مراتب الوحي، وسنذكر بعضها فيما يأتي:
- الرّؤيا الصادقة
وكانت هذه المرتبة في بدايات الوحي، فما كان يرى رؤية في منامه إلّا ظهرت أمامه مثل فلق الصبح.
- إلقاء الوحي في قلبه دون أن يراه
ومثاله ما رواه أبو أمامة الباهلي -رضيَ الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفثَ في رُوعِي، أنَّ نفساً لَن تموتَ حتَّى تستكمِلَ أجلَها).
- الخطاب المباشر
حين يكون الملك متمثّلاً بهيئة رجل، وقد كان الصحابة يرونه أحياناً في هذه المرتبة، وفي بعض الأحيان كان يتمثّل بصورة الصحابي دحية الكلبي.
- إتيان الملك بصوت مثل صلصلة الجرس
ويسمع من حول النبيّ حينها صوت مثل دوي النحل، وهي أشدّ حالات الوحي التي شهدها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.
- مشاهدة النبيّ للوحي جبريل بصورته الملائكيّة
وهي الحالة التي خلقه الله عليها، وقد شاهدة بهذه الحالة مرتين فقط .
خصائص الوحي
يتميّز الوحي عن غيره بعدّة خصائص تُظهر أنّه من عند الله، ولا تدخّل للبشر في حصوله، ومن هذه الخصائص ما يأتي:
- حصوله فجأة لمن يختاره الله، دون انتظارٍ ممّن يُوحى إليه أو رجاء منه.
- خروج الرسول عندما يوحى إليه من الحالة المعتادة سواء من الناحية الجسديّة أو النفسيّة، مثل احمرار الوجه، وتصبّب العرق، والخروج من حالة الهدوء إلى حالة الخوف.
- انفصال الوحي عن شخصيّة النبي، وعدم قدرة النبيّ على استحضاره في الوقت الذي يريد.
- حصول الوحي باختيار من الله، دون جهد أو دعاء أو سعي من العبد.
أهمية الوحي
تتجلّى أهميّة الوحي من خلال ضبطه للعقل الذي إن تبعه الإنسان لربما وقع في الضلال، فكانت أهميّة الوحي في ضبط كباح العقل، وتصحيح مساره، وضبطه في السير ضمن الطريق المستقيم، والإخبار عن الأمور التي لا يُمكن للعقل أن يتوصّل إليها ويدركها مهما بلغ من مراتب العلم، لأنّ ذلك يفوق محدوداته وطاقته التي خلقه الله عليها.