بحث عن الصدق والكذب
الصدق والكذب
الصدق والكذب من الألفاظ التي إذا ذكر أحدها فإن الآخر يُذكر أيضاً، وهما خُلُقان أحدهما محمودٌ مرغوبٌ؛ وهو الصدق، والآخر مذمومٌ مرفوضٌ، وهو الكذب، وفيما يأتي تفصيل الحديث عن الصدق والكذب:
تعريف الصدق
ُيشير المعنى اللغوي لكلمة الصدق إلى ما يأتي:
- قوة في الشيء.
- الشيء الصلب.
ويعرف الصدق في الاصطلاح بما يأتي:
- أن يكون بعمله متقنا ووفياً لله وحده.
- أن يكون المسلم في خلوته كما هو في علانيته.
- قول الحق في وقت الخوف على النفس أو المال.
- مطابقة القول للحق.
مجالات الصدق
يدخل الصدق في كل مجالات الحياة، ويُطالب به العبد في قلبه وقوله وعمله، وفيما يأتي بيان ذلك:
- الصدق في القلب
بأن يكون القلب مخلصاً لله -تعالى-، خالياً من الرياء والشرك والنفاق، وألّا يكون حب السمعة والجاه والسلطان يطغى على إخلاصه لله -تعالى-.
- الصدق في القول
الصادق يقول الحق ولو على نفسه، ويكون لسانه نظيفاً من آفات اللسان؛ كاللعن، والسب، والشتم.
- الصدق في العمل
أن يكون عمله مطابقاً لما نوى في قلبه، فالصدق بالعمل يلزم منه مطابقة العمل للقول والقلب، فإن خالفت نيته عمله فهذا من الكذب والنفاق.
فضل الصدق في الإسلام
للصدق فضائل كثيرةٌ في الإسلام، لذا تعدد ذكر فضائله في القرآن الكريم والسنة النبوية، ومن ذلك ما يأتي:
- الصادقين ينتفعوا بصدقهم يوم القيامة
ويثابوا على ذلك ثواباً عظيماً في الجنة، قال -تعالى-: (قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
- الصدق عاقبته الهداية والبر والجنة
يكتب الصادق عند الله في منزلة الصديقين ، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِرِّ، وَإِنَّ البِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقاً).
فوائد الصدق
الصدق يدخل في كل ما يقوم به الإنسان، وثمراته كثيرةٌ ومتعددةٌ، ومنها ما يأتي:
- سلامة العقيدة
وهي أفضل ثمرة للصدق، وتعني أن يكون الإنسان صادقاً في معتقده من مزالق الرياء والشرك والنفاق.
- صدق العطاء
الصادق لا يألو جهداً في نصرة دينه، ويجتهد أن يكون عمله متقناً، فلا يصدق في أمر ويكذب في آخر.
- الهمة العالية
الصدق يعطي صاحبه همةً عاليةً وإيجابيةً في الحياة، وتفاعلاً مع الحق في مجتمعه؛ بإعانة محتاج، ونصرة مظلوم، وعيادة مريض وغيره، لعلمه بأن هذه مسائل يجب الصدق فيها بالقلب والقول والعمل.
تعريف الكذب
الكذب في اللغة، هوما كان خلاف الصدق، وهو مخالفة القول للواقع، والكذب في الاصطلاح بمعنى: الحديث عن الشيء بخلاف حقيقته ولو سهواً.
حكم الكذب
يعد الكذب من المعاصي التي ورد فيها الوعيد الشديد ، فقد ذُكر الوعيد للمكذبين في كثير من آيات الكتاب الكريم؛ ومنها: (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِين) ، والكذب محرمٌ، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (إيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وما يَزالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الكَذِبَ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذّابًا)..
وقد ورد جواز الكذب في مواطن، يكون نتيجة الكذب فيها الخير العظيم للأمة والمجتمع والأسرة، وذُكرت هذه الثلاثة مواطن في حديث أم كلثوم بنت عقبة فقالت كان رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: (لا أعدُّه كاذباً الرجلُ يُصلحُ بين الناسِ، يقولُ القولَ ولا يريدُ به إلّا الإصلاحَ، والرجلُ يقولُ في الحربِ، والرجلُ يحدثُ امرأتَه، والمرأةُ تحدثُ زوجَها).
أنواع الكذب
يُقسم الكذب لغايات التعليم إلى عدّة أنواع، وهي على النحو التالي:
- الكذب على الله وعلى رسوله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وهو من الكبائر، يقول -صلى الله عليه وسلم-: (مَن كذَبَ عليَّ فلْيتبَوَّأْ مَقعَدَه منَ النَّارِ مُتعمِّدًا)، وهذا النوع أشد أنواع الكذب؛ لأنه يتعلق بالدين، فالحديث المكذوب عبثٌ في دين الله -تعالى-.
- إخفاء الكفر والنفاق بالكذب على الناس بإظهار الإسلام
وهو كذلك من أشد أنواع الكذب؛ لأن صاحبه كافرٌ بالله -تعالى- في باطنه، إلّا أنه يُظهر الإسلام، قال -تعالى- عنهم: (إذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُون) .
- الكذب في الحديث مع الناس
وهو القول غير المطابق للحق، بأن ينسب الكاذب لنفسه قولاً أو فعلاً وهو غير صادق به، وهذا من علامات النفاق، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذا وعَدَ أخْلَفَ، وإذا اؤْتُمِنَ خانَ).
مضار الكذب وآثاره
للكذب مضارٌ كثيرةٌ، ويكفي أنه من الكبائر التي توعد الله -تعالى- مرتكبها، وأيضاً من مضار الكذب ما يأتي:
- إن الكذب علامة على قسوة القلب
حيث يتجرأ الكاذب على اختلاق الحديث والمواقف من دون أن يخاف من عذاب أو عقاب.
- إن الكذب به ضياع للأموال والأوقات والحقوق
وقد يصدق الناس الكاذب فيهلك أموالهم ويضيع أوقاتهم ويأكل حقوقهم.
- إن الكاذب مهان عند الناس
منبوذ في المجالس، حيث أذهب هيبته، ومروءته بالكذب.
العلاقة بين الصدق والكذب
إن الصدق والكذب لا يجتمعان، فالمسلم إمّا صادقٌ في حديثه، وإمّا كاذب، ولا يمكن أن يكون الإنسان صِدِّيقاً ومنافقاً في نفس الوقت، والمؤمن يأنف أن يكذب أو أن يُنسب إليه كذب، ويعده منقصةً له ولو كانت كلمة صغيرة، فالصدق والكذب ضدان لا يلتقيان في قلب واحد، ولا يُصبح الكذب صدقاً حتى ولو أُعطي لوناً جميلاً، والفرق كبيرٌ بين صادقٍ وُعِد بالجنة، وكاذب تُوُعِد بالنار.