بحث عن الحجاب
تعريف الحجاب
يُطلق الحجاب في اللّغة: السّتر، وهو اسم لكل ما احتُجب به، وجاء مانعاً بين شيئين، قال -تعالى-: (وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ) ، أيّ حاجز، وفي الاصطلاح الشرعي: هو ما تُغطّي فيه المرأة نفسها من الثّياب، وتجعله مانعاً لنفسها عن الرّجال الأجانب.
وقال -تعالى-: (فَاتَّخَذَت مِن دونِهِم حِجابًا) ، أيّ مانعاً، وقيل: هو لباس شرعي تُّغطي المرأة به بدنها؛ لتمنع الرجال الأجانب من رؤية شيء منه، وقيل هو لباس يستر الجسم، فلا يصفّ ولا يشف.
حكم الحجاب
أوجب الإسلام الحجاب على كلّ امرأة مسلمة، وذلك صيانةً لأعراضهنّ وحفظاً لهنّ وتفادياً لوقوع الرّجال في الفتنة، قال -تعالى-: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّـهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّـهِ عَظِيمًا) ،
وقد روت عائشة أمّ المؤمنين -رضيَ الله عنها- في حديث حادثة الإفك، فقالت: (وكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِن ورَاءِ الجَيْشِ، فأدْلَجَ فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ، فأتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وكانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي فَخَمَّرْتُ وجْهِي بجِلْبَابِي).
أدلة وجوب الحجاب
وردت العديد من الأدلة على وجوب الحجاب في القرآن الكريم، والسنّة النبويّة الشريفة، ومنها:
- قول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ) .
- قول الله -تعالى-: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) .
- قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إيَّاكُمْ والدُّخُولَ علَى النِّساءِ، فقالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ: يا رَسولَ اللَّهِ، أفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟ قالَ: الحَمْوُ المَوْتُ).
- ما روته صفيّة بنت شيبة -رضيَ الله عنها- فقالت: (أنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ تَقُولُ لَمَّا نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: {وَلْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ علَى جُيُوبِهِنَّ} أخَذْنَ أُزْرَهُنَّ فَشَقَّقْنَهَا مِن قِبَلِ الحَوَاشِي فَاخْتَمَرْنَ بهَا).
الحكمة من فرضية الحجاب؟
يأتي التحريم في الشريعة الإسلاميّة بالتدرّج، ويكون في بداية الأمر تحريم الغايات ثمّ من بعدها الوسائل، فقد كانت الوسائل في معظمها مباحة، ثمّ جاء الأمر بتحريمها بعد ثبات تحريم الغايات في النفوس ورسوخها، فحرّم الله الوسائل الموصلة للزّنا، فقال -تعالى-: (قُل إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وَما بَطَنَ وَالإِثمَ وَالبَغيَ بِغَيرِ الحَقِّ وَأَن تُشرِكوا بِاللَّـهِ ما لَم يُنَزِّل بِهِ سُلطانًا وَأَن تَقولوا عَلَى اللَّـهِ ما لا تَعلَمونَ) .
ولمّا كان النّظر إلى المرأة من الوسائل الموصلة إلى الزّنا، حرّمه الله وحرّم كلّ ما يؤدي إليه، فقال -تعالى-: (وَلا تَقرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبيلًا) ، فقد حرّم -سبحانه- كلّ ما يؤدي إلى الزّنا، ففرض الحجاب منعاً من الوقوع في مثل هذه الكبيرة.
وقد فرض الله الحجاب لحكمة ظهرت في قول الله -تعالى-: (ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ) ، فقد أراد الله للمسلمات أن يُعرَفن بالستروالحياء والعفة، فلا يتعرّض لهنّ أحداً من أهل الضلال والفتنة، فالمرأة إن كانت من أهل الستر لا يُطمع بها، بخلاف ما إن كانت من أهل الزينة والتبرّج، التي يطمع بها كل من كان من أهل الضلال.
مواصفات الحجاب الشرعي
يُشترط في اللباس الشرعي للمرأة أن يكون ساتراً لجميع بدنها، فإن كُشف شيء من جسدها وكانت متعمّدة في ذلك فهو إظهار لزينتها، ويشمل الحجاب مشي المرأة بحياء في الشارع.
وأن تتّخذ من طرف الشارع مسيراً لها، فلا تمشي في وسطه، ثمّ إن تكلمت كان حديثها بصوت منخفض، والنّساء اللّواتي كبرن في السنّ يجوز لهنّ أن يخفّفن من اللّباس مع المحافظة بالابتعاد عن الزينة والتبرّج.
كما يشترط في الحجاب الذي يستر جسد المرأة، أن يكون سميكاً بحيث لا يظهر ما تحته، واسعاً لا يصف ما تحته، خالياً من الزينة التي تلفت أنظار الرجال، غير مطيّب بالعطر ولا يكون لباس شُهرة، وأن لا تتشبّه بالرّجال
وأن يكون خالياً من التصاوير والصلبان، إضافةً إلى ستره لجميع جسد المرأة، فإن لم تلتزم المرأة بهذه الشروط دخلت في وصف رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (صِنْفانِ مِن أهْلِ النَّارِ لَمْ أرَهُما، قَوْمٌ معهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بها النَّاسَ، ونِساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ)، فوصفَ رسول الله هؤلاء النّساء بأنّهنّ يلبسن الثياب لكنّهن عاريات، فكان لهنّ العقاب على ذلك في الآخرة.