بحث عن التراحم والتعاطف بين الناس
التراحم والتعاطف بين الناس
رغب الله -تعالى- في كتابه المسلمين بالتراحم والتعاطف في كثيرٍ من الآيات الكريمة، فقال -تعالى- في كتابه العزيز: (محَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا) [1]، وقال -تعالى- في ثنائه على أهل الإيمان : (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) [2]، فوصفهم الله -تعالى- بأنّهم يتواصون فيما بينهم بأن يكونوا رحماء على بعضهم، وحثّ الله -تعالى- المسلمين في كتابه أن يعينوا بعضهم ويتصدقوا على فقيرهم ويرحموا ضعيفهم في كثير من الآيات الكريمة، منها قوله -تعالى-: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ) ، و الإحسان إلى هذه الفئات من الأقارب والمجتمع من أرقى أنواع التراحم والتعاطف، الوالدين والأقارب والمساكين والجيران والأصحاب والمسافر الذي انقطعت به السبل، فاشتملت الآية على أكثر أصناف الناس حاجةً للتراحم والتعاطف.
أحاديث شريفةٌ في فضل التراحم والتعاطف بين الناس
جاء في سنّة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الكثير من الأحاديث الشريفة التي حثّت على التراحم والتعاطف، وعظّمت من أجرهما وبيان أهمّيتهما، ومن هذه الأحاديث ما يأتي:
- عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوادِّهِمْ، وتَراحُمِهِمْ، وتَعاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى منه عُضْوٌ تَداعَى له سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى).
- عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الرَّاحمون يرحَمُهمُ الرحمنُ، ارحموا أهلَ الأرضِ، يرحمْكم مَن في السماءِ).
- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَكْذِبُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا، وَيُشِيرُ إلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ).
صور التراحم والتعاطف بين الناس
سأذكر بعض صور التراحم فيما يأتي:
- رحمة الأهل والأبناء والوالدَيْن والأقارب، فهم أوْلى الناس بالرحمة والعطف، وذلك عن طريق نصحهم وتعليمهم وتربيتهم ليكونوا أهلًا لرحمة الله، والإحسان إليهم، وإكرامهم، والشفقة عليهم، وعدم القسوة في معاملتهم، ومساعدة محتاجهم ومريضهم وضعيفهم.
- الرحمة بالأيتام ؛ بكفالتهم والعطف عليهم، والإنفاق عليهم، والمسح على رؤوسهم، وتطييب خواطرهم، وفي ذلك أجرٌ عظيمٌ من الله -تعالى- وقُربٌ من النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في الجنّة.
- الرحمة بعامة المسلمين، صغيرهم وكبيرهم، ذكرهم وأنثاهم، فقيرهم وغنيهم، وخصّ النبي -صلى الله عليه وسلم- الجار بالوصية به والإحسان إليه والتحذير من الإساءة إليه، فعن عائشة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَا زَالَ جِبرِيلُ يُوصينِي بِالجَارِ حتَّى ظَنَنتُ أَنهُ لَيُوَرِّثنَّه).
- الرحمة بغير المسلمين، بالإحسان إليهم وعدم ظلمهم وعدم الإساءة إليهم ودعوتهم إلى دين الحق، وقد وردت الكثير من الآيات والأحاديث النبوية في ذلك.