الناسخ والمنسوخ
معنى النسخ
جاء في تعريف النسخ في اللغة عدة معانٍ، فتارةً تأتي بمعنى النقل، فيقولون نسخت الكتاب إذا نقلته، أمّا المعنى القريب لمقصد القرآن للنسخ هو إزالة الشيء ورفعه، وحلول شيء آخر محله، أمّا تعريف النسخ في الاصطلاح: هو رفع الحكم الشرعي وعدم العمل به، وذلك لإتيان دليل شرعي آخر متأخر عن الحكم القديم، فالحكم الشرعي(منسوخ)، والدليل(الناسخ).
على ماذا يقع النسخ
وجاء اتفاق العلماء على عدم إتيان النسخ في الأمور الاعتقادية، كالحديث عن الله وصفاته، وكتبه، ورسله، فكل هذه أمور قطعية لا نسخ فيها، ولا يدخل النسخ على الآيات التي تتحدث عن الأخلاق ، وأصول العبادات، وإنّما يأتي النسخ على الأوامر والنواهي فقط.
أنواع النسخ
والناسخ والمنسوخ على أربعة أنواع، نذكره في النقاط التالية:
- نسخ القرآن بالقرآن: وهذا النوع من النسخ أُجمع عل جوازه، فقد قال- تعالى-:(مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)، وقال- تعالى-:(وَإِذا بَدَّلنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ) .
- نسخ السنة بالقرآن: وهذا النوع من النسخ جائز، فقد ورد نسخ صيام عاشوراء برمضان: (كانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ في الجَاهِلِيَّةِ، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ وأَمَرَ بصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كانَ رَمَضَانُ الفَرِيضَةَ، وتُرِكَ عَاشُورَاءُ، فَكانَ مَن شَاءَ صَامَهُ، ومَن شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ).
- نسخ القرآن بالسنة: أمّا هذا النوع مختلف فيه، فبعض العلماء ومنهم الشافعي لم يجز نسخ القرآن بالسنة؛ وذلك لعظم منزلة القرآن، إلّا أنّ أغلب العلماء أجازوا هذا النوع، ودليلهم أنّ هذا النوع قد حصل حقًا، وذلك لأنّ السنة نسخت جواز الوصية الوارث.
- نسخ السنة بالسنة.
أقسام الناسخ والمنسوخ
الناسخ والمنسوخ ثلاثة أقسام، نذكرها فيما يلي، مع مثال على كل قسم:
- نسخ التلاوة والحكم معًا: بمعنى أنّ الآية حذفت من القرآن، وحكمها غير معمول به، قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: (كانَ فِيما أُنْزِلَ مِنَ القُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَهُنَّ فِيما يُقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ).
- نسخ الحكم مع بقاء التلاوة: وهذا بمعنى أن الآية المنسوخة ما زالت موجودة بالقرآن، إلّا أنّ الحكم غير معمول به لوجود دليل آخر، ومثال على ذلك قوله- تعالى-:(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ)، منسوخة بقول الرسول- صلى الله عليه وسلم-:(لا وصيَّةَ لِوارِثٍ).
- نسخ التلاوة مع بقاء الحكم: وقد ورد أنّه كان يوجد آية(الشَّيخُ والشَّيخَةُ إذا زَنيا فارجُموهُما)؛ فرفعت تلاوتهما إلّا أن الحكم باقي ضمن قوله- تعالى-:(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ)، إذا كانا غير محصنين، أمّا إذا كانا محصنين فلهم الرجم حتى الموت.
الحكمة من النسخ
لا شك أنّ هناك حكمة من نسخ الأحكام، وفيما يأتي بيان الحكمة من النسخ:
- التيسير على الأمة، والتسهيل عليها، ورفع المشقة والحرج.
- الابتلاء للعبد، واختبارًا له هل سيطبق أوامر الله- تعالى- أم لا
- في الناسخ والمنسوخ مراعاة لمصلحة العبد.