الفرق بين الحديث والسنة
الفرق بين الحديث والسنة
الحديث أعمُّ من السنة، وكثيراً ما يقع في كلام أهل الحديث ومنهم ما يدلُّ على ترادفهما، فإذا كان الحديث عاماً يشمل قول النبي -صلى الله عليه وسلم- وفعله، فالسنة خاصّة بأعماله، كما ويُمكِنُ التَّفريقُ بين الحديث النَّبويِّ الشريف والسنة النبويَّة الشريفة من خلال تعريف كلٍّ منهما على حدا كما يأتي:
تعريف الحديث النبويِّ الشريف
الحديث النبوي الشريف: هو علم يُعرَف به أقوال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأفعاله وأحواله، وغايته: الفوز بسعادة الدارين، وعرف العلماء الحديث بما يأتي:
- قال السخاوي: "الْحَدِيثُ لُغَةً: ضِدُّ الْقَدِيمِ، وَاصْطِلَاحًا: مَا أُضِيفَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْلًا لَهُ أَوْ فِعْلًا أَوْ تَقْرِيرًا أَوْ صِفَةً، حَتَّى الْحَرَكَاتُ وَالسَّكَنَاتُ فِي الْيَقَظَةِ وَالْمَنَامِ".
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الحديث النبوي -عند الإِطلاق- ينصرف إلى ما حدَّث به عنه -صلى الله عليه وسلم- بعد النبوة من قوله وفعله وإقراره.
- قال الحافظ ابن حجر: بأنه ما يضاف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.
تعريف السنة النبويَّة الشريفة
السنة في اللغة: الطَّرِيقَةُ، وفي الاصطلاح: الطريقة التي سلكها النبي -صلى الله عليه وسلم- في سيرته، وقَدْ سَمَّاهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُنَّةً فِي قَوْلِهِ: (عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ).
وهناك بعض الفروق الدقيقة بين اللفظين، إلا أنَّهما قد يترادفان ويتساويان في الاستعمال، ومن هذه الفروق ما يأتي:
- السنة عند علماء الحديث هي كل ما يتصل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- من سيرة وفعل وقول وتقرير، أمَّا عند الفقهاء فيعنون بها ما يقل عن درجة الوجوب والإلزام؛ فالواجب والفرض عندهم ما يُثاب فاعله ويعاقب تاركه، أما السنة عندهم فهي ما يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها مما فعله الرسول -صلى الله عليه وسلم- وواظب عليه.
- يرد الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه فعل كذا أو كذا ولو لمرة واحدة، أمَّا السنة فتكون واردة وروداً متكرراً.
أمثلة على الحديث النبوي الشريف
الحديث الشريف له أنواع، فمنه ما هو صحيح ومنه ما هو حسن ومنه الحديث الضعيف وغيرها، ومن أمثلة الحديث ما يأتي:
- عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: قال -رسول الله صلى الله عليه وسلم-: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ).
- عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-، قال: سَمِعَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ رَجُلًا يَعِظُ أخاهُ في الحَياءِ، فقالَ: (الحَياءُ مِنَ الإيمانِ).
- عن شداد بن أوس -رضي الله عنه- قال: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُما عن رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-: (إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ).
- عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: حدَّثَني أبِي عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ قالَ: (بيْنَما نَحْنُ عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذاتَ يَومٍ، إذْ طَلَعَ عليْنا رَجُلٌ شَدِيدُ بَياضِ الثِّيابِ، شَدِيدُ سَوادِ الشَّعَرِ، لا يُرَى عليه أثَرُ السَّفَرِ، ولا يَعْرِفُهُ مِنَّا أحَدٌ، حتَّى جَلَسَ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيْهِ، ووَضَعَ كَفَّيْهِ علَى فَخِذَيْهِ، وَقالَ: يا مُحَمَّدُ أخْبِرْنِي عَنِ الإسْلامِ).
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الإسْلامُ أنْ تَشْهَدَ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وتُقِيمَ الصَّلاةَ، وتُؤْتِيَ الزَّكاةَ، وتَصُومَ رَمَضانَ، وتَحُجَّ البَيْتَ إنِ اسْتَطَعْتَ إلَيْهِ سَبِيلًا، قالَ: صَدَقْتَ، قالَ: فَعَجِبْنا له يَسْأَلُهُ، ويُصَدِّقُهُ، قالَ: فأخْبِرْنِي عَنِ الإيمانِ).
قال -صلى الله عليه وسلم-: (أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، والْيَومِ الآخِرِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ، قالَ: صَدَقْتَ، قالَ: فأخْبِرْنِي عَنِ الإحْسانِ، قالَ: أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَراهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَراهُ فإنَّه يَراكَ).
أمثلة من السنة النبوية الشريفة
السنة النبوية الشريفة لها أنواع، منها السنة القولية ومنها السنة الفعلية ومنها السنة التقريرية ، ومن الأمثلة على السنة ما يأتي:
- عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلَّم- يرمي على راحلته يوم النحر، ويقول: (لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فإنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتي هذِه).
- قول عبيد الله بن عبد الله بن عتبة التابعي: "السنة تكبير الإمام يوم الفطر ويوم الأضحى، حين يجلس على المنبر قبل الخطبة تسع تكبيرات".
- قول علي -رضي الله عنه-: "ومن السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة".
- روي عن عثمان بن عفان أنَّه: "توضأ فأفرغ على يديه ثلاثا، ثمَّ تمضمض واستنثر، ثمَّ غسل وجهه ثلاثًا، ثمَّ غسل يده اليمنى إلى المَرْفِقِ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ اليُسْرَى إلى المَرْفِقِ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ برَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ اليُمْنَى ثَلَاثًا، ثُمَّ اليُسْرَى ثَلَاثًا".
"ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- تَوَضَّأَ نَحْوَ وضُوئِي هذا ثُمَّ قَالَ: (مَن تَوَضَّأَ وُضُوئِي هذا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِما بشيءٍ، إلَّا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ) .