المكان في رواية شرق المتوسط
المكان في رواية شرق المتوسط
انقسمت الأمكنة في رواية شرق المتوسط كما هو الحال مع غيرها من الروايات إلى أماكن مفتوحة لها مدلولاتها الخاصة، وأخرى مغلقة تحمل الكثير من المشاعر والأحاسيس الموجودة عند كاتب الرواية على النحو الآتي:
الأماكن المغلقة
نلاحظ في الرواية العديد من الأماكن المغلقة على النحو الآتي:
منطقة شرق المتوسط
وهو مكان على اتساعه لكنه مغلق تمامًا دون تحديد البلد التي يتحدث عنها، وذلك لبيان اشتراك المنطقة بأكملها بقضايا إنسانية ملحة وكبيرة صاغها الكاتب في الرواية دون استثناء، فالشعوب تعاني الخوف والموت والعذاب، وقد رأى بطل القصة كل هذا بأم عينه فأصبحت تمثل منطقة موبوءة بالظلم والقهر فيها صفات الظلمة والقبور والعذاب.
السجن
ظهر في الرواية عن طريق رجب، وتحدث عن السجناء المناضلين وأحداث ربيع 1972م، وتحدث الكاتب عن أهم ما يحدث في السجن من أحداث حيث التعذيب، واستخدام أساليب إجبار المسجون على الاعتراف بشيء لم يفعله عن طريق الضرب ومنع النوم والكهرباء وغيرها من أساليب التعذيب، والتي تحدث عنها رجب إحدى أبرز الشخصيات في رواية شرق المتوسط، وحذّر من السجن، وأن على من يدخله أن يثبت أنه رجل ويتحمل التعذيب.
الحبس الانفرادي
غرفة يحبس فيها شخص واحد فقط، وهي نوع من العقوبات التي يتعرض لها المسجون لسبب ما، ففي قصة شرق المتوسط تعرض جميع المساجين للحبس الانفرادي لتعدي واحد منهم وهو عصمت على أحد الحراس، فيقول بطل الرواية: "فجأة رأينا عصمت يضع رجله في بطن الحارس ويرفسه بقوة فسقط الحارس وأغمي عليه ودفعنا كلنا ثمن الضربة حبسًا انفراديًا لمدة واحد وعشرون يومًا."
السرداب
وصف رجب السرداب في الرواية بأنه مكان لا يتسع لأكثر من ثلاثة أشخاص تعرض فيه للضرب والتعذيب والوقوف تحت اندفاع خرطوم المياه الشديد رغم مرضه ويصفه فيقول: "السجن يا أنيسة في داخل الإنسان، أتمنى أن لا أحمل سجني أينما ذهبت، إن مجرد تصورهذا العذاب يدفع بالإنسان إلى الانتحار . "
البيت
حيث يستقر الإنسان ويشعر بالراحة والأمان، وهو من الأمكنة المغلقة التي تحمل الكثير من الذكريات حلوها ومرها وهو مستقر الأحلام والطموحات، هذا وقد كان للبيت دوره في الرواية حيث شهد على حادثة القبض على رجب وانتقاله للسجن، وهو كذلك المكان الذي أخذه داخل أحضانه عندما خرج من السجن.
الغرفة
وتمثل غرفة السجن وغرفة المستشفى وغرفة التعذيب، وهي الجزء الأخص للشخص في بيته، هي المكان الذي يهرب إليه الفرد في محاولة للاختلاء بنفسه كما كان يحصل في الرواية حين يهرب رجب في كل مرة يريد فيها الاختباء من الجيران ومن أهله، وكثيراً ما ذكرها منيف في الرواية، ومن ذلك الحوار بين رجب وأنيسة:"غرفتك جاهزة ونظيفة، لا أريد أحدا لا أقارب لا جيران.."
الأماكن المفتوحة
تنوعت الأماكن المفتوحة في الرواية والتي تعطي شعورًا بالحرية والانفتاح على الدنيا، ومن أهم هذه الأماكن ما يأتي:
البحر
كان البحر بالنسبة لبطل الرواية هو المكان الذي خلّصه مما يعاني، فالبحر باتساعه وعمقه جعله يعيش الانفتاح على العالم الخارجي الذي يقع خلف البحر وفي ذلك يقول: "من أجل الكلمة سافرت، ركبت البحر في الشتاء الحزين لعلّي من مكان بعيد أستطيع أن أقول الكلمات التي حلمت بها طوال خمس سنين."
المقبرة
وهو مكان مفتوح إلى حين أن يغلق القبر على صاحبه، فهو على ذلك يعتبر مكانًا مفتوحًا بشكل مؤقت، وباعتبار أن هذا المكان هو نهاية الرحلة في حياة تحتمل السعادة أو الشقاء، لذا كان للوقوف عليها دور الواعظ الذي يعطي العبرة والدرس، وكان الأمر كذلك في الرواية خاصة بعد موت أم رجب بطل الرواية، ويذكر رجب المقبرة فيقول: "غدًا سأنام عند القبر سأقول لها أن جسدي هو الذي خانني يا أمي."
الشوارع
وهي مكان مفتوح بامتياز، تحتضن جميع من يسيرون على أرضها بحب واهتمام، وكانت السبب وراء استعجال رجب بطل الحكاية في الخروج من السجن وقد وردت كلمة الشارع في أكثر من مكان في الرواية، وقد عبرت أنيسة في الرواية عنها في حوارية مع رجب الذي كان ينظر للحرية من خلال تلك الأماكن فقالت: "كل شيء تغير، الشوارع غير الشوارع، البيوت غير البيوت.."
الأزقة
لم يذكر الكاتب عبد الرحمن منيف في روايته اسم شارع أو زقاق بعينه بل كان يتحدث عنها بشكل عام، وكأن جميع هذه الأماكن في شرق المتوسط تشترك في مدلولاتها ولكنها ذكرت بشكل عام بكلمة شارع أو زقاق، وقد وردت في الرواية كما ذكرتها أنيسة: "لما أخذوا رجب ولولت أمي وركضت وراءهم، تجمع الناس في الزقاق...ثم تدخل الناس في الزقاق..."
البلدان والمدن الكبيرة
مثل؛ فرنسا ، ومارسيليا، واليونان، وبيروت، و بريطانيا وغيرها الكثير ضمن طيات الرواية تتحدث عن الأماكن المفتوحة، والتي قد تحمل مدلولات معينة عن الحرية والانفتاح أو تشابه الأحوال مع شرق المتوسط كما يراها الكاتب.