العنف ضد الأطفال وآثاره النفسية والاجتماعية

العنف ضد الأطفال وآثاره النفسية والاجتماعية

العنف ضد الأطفال

تُشير منظمة الصحة العالمية (WHO) إلى أنّ الأطفال أيّ الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 18 عام حسب تعريف الأمم المتحدة قد يكونوا عرضةً لنوعين أساسيين من العنف ؛ يتمثّل النوع الأول بسوء المعاملة من قِبل الوالدين أو غيرهم من مُقدّمي الرعاية، وعادةً ما يتعرّض لهذا النوع من العنف الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 14 عام، أمّا النوع الثاني من العنف فيُقصد به ذلك العنف الذي يحدث في البيئات المجتمعية بين المراهقين، وعادةً ما يتعرّض لهذا النوع من العنف الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و18 عام.

حدّد الخبراء مجموعةً من الاستراتيجيات التي يُمكن اتّباعها للتصدّي للعنف ومنع حدوثه من الأصل، مثل: تقديم الدعم للأسر بما فيهم من آباء ومُقدّمي الرعاية من خلال تثقيفهم وتزويدهم بأساليب الرعاية والتربية السليمة والإيجابية لأطفالهم بشكل يُقلّل من خطر حدوث العنف داخل المنزل، بالإضافة إلى تعزيز مهارات إدارة المخاطر والتحديات لدى الأطفال والمراهقين والسعي إلى إكسابهم هذه المهارات دون استخدام العنف، إلى جانب إحداث تغيير في المواقف والأعراف الاجتماعية التي تُشجّع على العنف ولا تراه ظاهرةً خطرة، وتفعيل تنفيذ القوانين والسياسات التي تحمي الأطفال من العنف، بالإضافة إلى جمع البيانات وإجراء البحوث التي تهدف إلى التعرّف على أماكن حدوث العنف، وأشكاله، والمجتمعات والفئات العمرية الأكثر تضرّراً منه؛ بهدف تخطيط وتصميم استراتيجيات التدخّل المناسبة لإنهاء العنف.

آثار العنف ضد الأطفال

يشمل العنف ضد الأطفال كافّة أشكال الإساءة ضدّ الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 18 عام، سواء كانت هذه الإساءة والتعنيف موجّهةً من قِبل الآباء، أو من مقدّمي الرعاية للأطفال، أو غيرهم من الأقران، والأصدقاء، والغرباء، وتُعتبر حماية الأطفال من مختلف أشكال العنف حقّاً أساسيّاً من حقوقهم كما هو منصوص عليه في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل ، فعادةً ما يُعاني الأطفال الذين يتعرّضون لأيّ شكل من أشكال العنف من عواقب عاطفية ونفسية وسلوكية، تترك مجموعةً كبيرةً من الآثار والتبعات السلبية طويلة الأمد على الأطفال وعلى المجتمع كاملاً، وذلك من خلال تسبّبها بالألم الجسدي للطفل بشكل مهين لكرامته وهو ما يُعيق نموّه لاحقاً، وزعزعة ثقة الأطفال بأنفسهم وتقديرهم لذواتهم، ممّا يؤدّي إلى دوران المجتمع في عجلة الفقر والإقصاء المجتمعي التي تتعزّز باستمرار العنف.

الآثار النفسية للعنف ضد الطفل

يُمكن أن يتسبّب تعنيف الأطفال أو إساءة معاملتهم أو إهمالهم بمجموعة كبيرة من المشكلات والعواقب النفسية لهم؛ كالشعور بالتهميش، والخوف، وانعدام الثقة، والاكتئاب، وهو ما يُمكن أن يتحوّل لاحقاً إلى صعوبات تعليمية وصعوبة في تكوين العلاقات والحفاظ عليها، وقد حدّد الباحثون أهم الآثار النفسية الناتجة عن إساءة معاملة الأطفال وهي كالآتي:

  • ضعف المهارات الإدراكية والوظائف التنفيذية: فالأطفال الذين يُعانون من العنف وسوء المعاملة معرّضون لمواجهة مشكلات إدراكية، مثل: صعوبات التعلّم وضعف الانتباه أو التركيز، كما أنّهم معرّضون لإعاقات في الوظائف التنفيذية للدماغ، مثل: الذاكرة العاملة، وضبط النفس، والمرونة المعرفية.
  • خلل في الصحة العقلية والعاطفية: فالأطفال المعنَّفون من الأشخاص المقرّبين لهم يكونون أكثر عُرضةً للاضطرابات النفسية خاصةً في مرحلة البلوغ، مثل: الاكتئاب، والقلق، ممّا قد يدفعهم إلى التفكير ببعض السلوكيات السلبية، مثل: الانتحار وتعاطي المخدرات.
  • مواجهة بعض الصعوبات الاجتماعية: حيث يُعاني الأطفال الذين يتعرّضون للعنف والإساءة من بعض الصعوبات والاضطرابات الاجتماعية التي قد تؤثّر عليهم بشكل سلبي مستقبلاً، خاصةً فيما يتعلّق بقدرتهم على تكوين صداقات وعلاقات اجتماعية إيجابية في وقت لاحق من حياتهم، ومن أهم الاضطرابات الاجتماعية التي يواجهها الأطفال المعنَّفون التعلّق الزائد بأشخاص مُعيّنين خلال مرحلة الطفولة وفي الغالب يكونوا من الأشخاص المقرّبين، واكتساب سلوكيات عدوانية وعنيفة خلال مرحلة البلوغ.
  • اضطراب ما بعد الصدمة: يُقصد بهذا الاضطراب ظهور أعراض معينة لدى الأطفال الذين تعرّضوا لسوء المعاملة، مثل: المعاناة المستمرّة من الأحداث الصادمة ذات الصلة بالعنف، وتجنّب الأشخاص والأماكن والأحداث المرتبطة بواقعة العنف، بالإضافة إلى ما ينتابهم من مشاعر سلبية، مثل: مشاعر الخوف ، والغضب، والخجل، والمزاجية، وغيرها.

الآثار الاجتماعية للعنف ضد الطفل

وُجد أنّ تعرّض الأطفال لمواقف وظواهر سلبية وغير آمنة يؤدّي إلى إحداث تغيير في عملية النمو الطبيعية للأطفال، الأمر الذي قد يؤثّر بشكل كبيرعلى قدرتهم على التواصل والتفاعل مع الآخرين وتكوين علاقات صحية معهم خلال مراحل حياتهم المختلفة، ومن أبرز المشاعر والاضطرابات التي تظهر على الأطفال الذين تعرّضوا لإساءة المعاملة أو العنف والتي تؤثّر على حياتهم الاجتماعية سلباً ما يأتي:

  • فقدان إحساس الأمان الذي توفّره الأسرة الطبيعية.
  • افتقارهم للمهارات اللازمة لحلّ المشكلات والسيطرة على الغضب والسلوك العدواني.
  • مشاعر الاستياء تجاه الطرف الجاني (المعنِّف).
  • العزلة عن الأصدقاء والأقارب، والخجل، والقلق المفرط من أيّ خطر محتمل.
  • مواجهة صعوبة في الثقة بالبالغين.
  • تجنّب المشاركة الاجتماعية، أو الانخراط في أيّة فعاليّات وأنشطة اجتماعية لتجنّب إمكانيّة التعرّض للمواقف المحرجة.
  • فقدان الشعور بالتعاطف مع الآخرين أو محاولة فهم شعورهم.

تدفع المشاعر والاضطرابات السلبية الواردة أعلاه المراهقين إلى انتهاج سلوكيات اجتماعية سلبية في بعض الأحيان؛ كالانضمام للعصابات، أو الانخراط في جماعات منحرفة أخلاقيّاً وسلوكيّاً، ومن جانب آخر تُشير منظمة اليونيسيف إلى أنّ الأطفال الذين عانوا من آثار العنف الاجتماعية خلال فترة من حياتهم يميلون إلى استخدامهم العنف في علاقاتهم الشخصية للسيطرة على الآخرين.

مزيد من المشاركات
ملخص رواية كبرياء وهوى

ملخص رواية كبرياء وهوى

ملخّص رواية كبرياء وهوى تتلخّص الرواية في الصراع المستمر بين الأم بينيت وبناتها، ثمّ قيام شخص نبيل وثري من عائلة بينجلي باستئجار منزل قريب، ينشأ بينه وبين البنت الكبرى لعائلة بينيت المعروفة بجين علاقة حب، يراد بها الزواج الذي يتم تخريبه، ويتم توجيه أصابع الاتهام إلى صديق السيد بينجلي المعروف بالسيد دارسي نظراً لتكبّره وتعجرفه، والتباين في الطبقات الاجتماعية للطرفين، وفي خضم الأمور ودون أي حسبان تتحرّك مشاعر كلٍّ من السيد دارسي والابنة الثانية لعائلة بينيت التي تدعى إليزابيث تجاه بعضهما، ويلاحظ
ما هو جزاء الظالم

ما هو جزاء الظالم

تعريف الظلم وتحذير الإسلام منه جاء الإسلام متمّماً لمكارم الأخلاق، التي تعزّز بدورها المودة والألفة بين الناس، وتُديم العلاقات التي تحقّق الطمأنينة والسكينة بين الناس، وحذّر الإسلام من كلّ ما يُورّث العداوة والبغضاء، أو يتسبّب في الفُرقة بين الناس، وعلى رأس تلك الأفعال ظلم الناس لبعضهم البعض، وأكل الحقوق فيما بينهم، والظلم كما ورد تعريفه في اللغة؛ هو الجَور، وانتهاك الحقوق عدواناً، ويُوصف أيضاً بعدم الإنصاف، فالظلم من الصفات الرذيلة، والأخلاق الدنيئة، ولذلك ذكر الله -تعالى- أنّه نزّه نفسه عن
نبذة عن كتاب المدونة

نبذة عن كتاب المدونة

نبذة عن كتاب المدونة هو كتاب في مسائل الفقه التي كُتبت عن الإمام مالك مما سمعه منه بعض تلاميذه، جمع مضامينها أسد بن الفرات القيرواني، وهي أصل في المذهب المالكي ، تتألف من أسئلة وأجوبة بلغت عدد مسائلها نحو 6200 مسألة، مرتبة على أبواب الفقه المعروفة، وتعدُّ المدونة الكتاب المتفق عليه بين المالكية شرقاً وغرباً بعد الموطأ، تسمى بالكتاب الأم، كما وتسمى بالأسدية نسبة إلى أسد بن الفرات. وأسد بن الفرات القيرواني رجلُ من أفريقيا رحل إلى المشرق، حيثُ لقي الإمام مالك وسمع منه، فلمَّا فرغ من سماعه قال له:
تعريف الحج

تعريف الحج

تعريف الحج يُشير معنى الحجّ في اللغة إلى: قَصد الشيء المُعظَّم، أمّا في الاصطلاح الشرعيّ، فهو: قَصْد بيت الله الحرام؛ لأداء مناسك مخصوصةٍ، كما ويُعرَّف بأنّه: زيارة مكانٍ مُعيَّنٍ، في زمنٍ مُعيَّنٍ، بنيّة أداء مناسك الحجّ بعد الإحرام لها، والمكان هو: الكعبة، وعرفة، والوقت المُعيَّن هو: أشهر الحجّ، وهي: شوّال، وذو القعدة، و ذو الحِجّة . حُكم الحج الحجّ فريضةٌ من فرائض الإسلام ، وأحد الأركان التي يقوم عليها، وقد ثبتت مشروعيّته في القرآن، والسنّة، والإجماع؛ فمِن النصوص الدالّة على وجوب الحجّ من
معنى اسم لمياء

معنى اسم لمياء

معنى اسم لمياء اسم علم مؤنث عربي، معناه ذات الشفتين والتي فيها سمرة حسنة، واللمياء هي الحسناء اللطيفة، وقد تُخفّف الهمزة فيقولون لميا، ومن أشهر مِن حمل هذا الاسم في التاريخ لمياء بنت محمد القزاز، مُحدّثة عاشت في القرن التاسع للهجرة، ويكتب بالإنجليزية على النحو الآتي ( Lamya) . صفات حاملة اسم لمياء تحمل صاحبة اسم لمياء العديد من الصفات الطيبة والمميزة، من أبرزها ما يأتي: فتاة طيبة القلب، ورقيقة، ومتسامحة، ومتواضعة. شخصية هادئة جدًا، وتعمل كل ما في وسعها لإرضاء والديها ومساعدتهما. مُحبّة للخير،
حلويات تناسب مرضى السكري

حلويات تناسب مرضى السكري

حلويات تناسب مرضى السكري يعتقد العديد من الناس أنّ المرضى المصابين بالسكري قد يلجأوا إلى عدم تناول الحلوى طوال حياتهم، إلّا أنّه يمكن لمريض السكري تناول الحلويات مع المحافظة على انتظام سكر الدم عن طريق تخطيط الحمية الغذائية، وهناك الكثير من الحلويات اللذيدة المناسبة لهم والتي صدرت عن التقويم الصحي للطبخ لمرض السكري (بالإنلجيزية: Healthy Calendar Diabetic Cooking)، ومن هذه الحلويات: سلطة الفواكه مع اللبن المكوّنات: كوبان من الفراولة المقطعة. كوب من التوت البري. كوبان من العنب الأخضر. نصف كوب
ما معنى اسم مرام

ما معنى اسم مرام

ما معنى اسم مرام؟ هو اسم مؤنّث ذات أصلٍ عربيّ، وله معانٍ عدّة وهي: المطلب، أو المقصد، أو الهدف المراد بلوغه، أو المبتغى، ويأتي اسم مرام بمعنى الأمل ، وهو كلّ شيء يُراد مناله أو الحصول عليه، وهو أيضًا يكون في التمنّي لحصول الشيء أو الفعل. كما أنّ كلمة مرام هي مصدر للفعل (رام) أيّ دار في الأنحاء بحثًا عن شيء أو مبتغى، ويُقال في اللغة العربية: نال مرامه (أيّ بلغ مطلبه ومراده)، و(المَرام) بفتح الميم الأولى تعني المطلب، أما (المُرام) بضم الميم الأولى فهي تعني المطلوب. السمات الشخصية لحاملة اسم مرام
إنشاء عن حقوق الإنسان

إنشاء عن حقوق الإنسان

مفهوم حقوق الإنسان يعبّر مفهوم حقوق الإنسان عن تساوي جميع أفراد البشرية وحقهم في الحصول على جميع الحقوق المتنوعة الخاصة بهم، بغض النظر عن الجنس، والجنسية، ومكان الإقامة، والدين، والعرق، واللون، اللغة ، وغيرها من سمات الاختلاف بين البشر، لذلك تم الاتفاق دولياً في معاهدات تضمن وصول تلك الحقوق للجميع، كما اعتبرت أحد القوانين الدولية التي يجب على الحكومات الالتزام بها وعدم تهميشها أبداً تحت أي ظرف كان، وذلك من أجل تعزيز وحماية حقوق البشرية بشكل منصف في أي مكان وزمان. تاريخ حقوق الإنسان كانت حقوق