الصور البلاغية في قصائد مالك بن الريب
الصور البلاغية في قصائد مالك بن الريب
الشاعر ملك بن الريب هو واحد من شعراء العصر الأموي، وفي قصائده كثير من الصور الفنية، ومنها القصائد الآتية:
قصيدة ولقد قلت لابنتي وهي تكوي
يقول مالك بن الريب في هذه القصيدة:
وَلَقَد قُلتُ لابنَتي وَهيَ تَكوي
- بِدَخيلِ الهُمومِ قَلباً كَئيبا
وَهيَ تَذري مِنَ الدُموعِ عَلى الخَدْ
- دَينِ مِن لَوعَةِ الفِراقِ غُروبا
عَبراتٍ يَكدنَ يَجرَحنَ ما جُز
- نَ بِهِ أَو يَدَعنَ فيهِ نُدوبا
حَذَرَ الحَتفِ أَن يصيبَ أَباها
- وَيُلاقي في غَيرِ أَهلٍ شَعوبا
أُسكُتي قَد حَزَزتِ بِالدَمعِ قَلبي
- طالَما حَزَّ دَمعُكُنَّ القُلوبا
فَعَسى اللهُ أَن يُدافِعَ عَنّي
- رَيبَ ما تَحذرينَ حَتّى أَؤوبا
لَيسَ شَيءٌ يَشاؤُهُ ذو المَعالي
- بعَزيزٍ عَلَيهِ فَاِدعي المُجيبا
وَدَعي أَن تُقَطّعي الآنَ قَلبي
- أَو تريني في رِحلَتي تَعذيبا
أَنا في قَبضَةِ الإِلَهِ إِذا كُنـ
- ـتُ بَعيداً أَو كُنتُ مِنكِ قَريبا
كَم رَأَينا اِمرأً أَتى مِن بَعيدٍ
- وَمُقيماً على الفِراشِ أُصيبا
وَدَعيني مِن اِنتِحابِكِ إِنّي
- لا أُبالي إِذا اِعتَزَمتُ النَحيبا
حَسبِيَ اللهُ ثُمَّ قَرَّبتُ لِلسَيـ
- ـرِ عَلاةً أَنجِب بِها مَركوبا
من الصور البلاغية في هذه القصيدة ما يأتي:
وَلَقَد قُلتُ لابنَتي وَهيَ تَكوي
- بِدَخيلِ الهُمومِ قَلباً كَئيبا
- تَكوي قَلبًا
استعارة مكنية؛ فقد شبه القلب بالشيء الذي يُكوى، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
أُسكُتي قَد حَزَزتِ بِالدَمعِ قَلبي
- طالَما حَزَّ دَمعُكُنَّ القُلوبا
- حَزَزتِ بِالدَمعِ قَلبي
استعارة مكنية؛ فقد شبه الدموع بأداة حادّة تحزّ الأشياء، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
قصيدة أذئب الغضا قد صرت للناس ضحكة
يقول مالك بن الريب:
أَذِئبَ الغَضا قَد صِرتَ لِلناسِ ضِحكَة
- تغادى بِها الرُكبانُ شَرقاً إِلى غَربِ
فَأَنتَ وَإِن كُنتَ الجَريءَ جَنانُهُ
- مُنيتَ بِضِرغامٍ مِن الأسدِ الغُلبِ
بِمَن لا يَنامُ الليلَ إِلا وَسَيفُهُ
- رَهينَةُ أَقوامٍ سِراعٍ إِلى الشَّغبِ
أَلَم تَرَني يا ذِئبُ إِذ جِئتَ طارِقاً
- تُخاتِلُني أَنّي اِمرؤٌ وافِرُ اللُّبِّ
زَجَرتُكَ مَرَّاتٍ فَلَمّا غَلَبتَني
- وَلَم تَنزَجِر نَهنَهتُ غَربَكَ بِالضَربِ
فَصِرتَ لُقىً لما عَلاكَ اِبنُ حُرَّةٍ
- بِأَبيَضَ قَطَّاعٍ يُنَجّي مِنَ الكَربِ
أَلا رُبَّ يَوم ريبَ لَو كُنتَ شاهِداً
- لَهالَكَ ذِكري عِندَ مَعمَعَةِ الحَربِ
وَلَستَ تَرى إِلا كَمِيّاً مُجَدَّلاً
- يَداهُ جَميعاً تَثبُتانِ مِنَ التُّربِ
وَآخَرَ يَهوي طائِرَ القَلبِ هارِباً
- وَكُنتُ اِمرأً في الهَيجِ مُجتَمعَ القَلبِ
أصولُ بِذي الزرَّينِ أَمشي عِرضنَةً
- إِلى المَوتِ وَالأَقرانُ كَالإِبِلِ الجُربِ
أَرى المَوتَ لا أَنحاشُ عَنهُ تَكَرُّماً
- وَلَو شِئتُ لَم أَركَب عَلى المَركَبِ الصَعبِ
وَلَكِن أَبَت نَفسي وَكانَت أَبِيَّةً
- تَقاعَسُ أَو يَنصاعُ قَومٌ مِنَ الرُعبِ
من الصور البلاغية في هذه القصيدة ما يأتي:
فَأَنتَ وَإِن كُنتَ الجَريءَ جَنانُهُ
- مُنيتَ بِضِرغامٍ مِن الأسدِ الغُلبِ
- الجَريءَ جَنانُهُ
استعارة مكنية؛ فقد شبه الجِنان بالإنسان من حيث الجرأة، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
بِمَن لا يَنامُ الليلَ إِلا وَسَيفُهُ
- رَهينَةُ أَقوامٍ سِراعٍ إِلى الشَّغبِ
- سَيفُهُ رَهينَةُ أَقوامٍ
كناية؛ ففي هذا البيت كنّى عن استعداد الرجل للقاء الغادرين بجعل سيفه مُرتهنًا استعدادًا للقتال.
وَآخَرَ يَهوي طائِرَ القَلبِ هارِباً
- وَكُنتُ اِمرأً في الهَيجِ مُجتَمعَ القَلبِ
- طائِرَ القَلبِ
استعارة مكنية؛ فقد شبه القلب بمكان له طائر كالغابة ونحوها، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
قصيدة يا عاملاً تحت الظلام مطيه
يقول مالك بن الريب:
يا عامِلاً تَحتَ الظَلامِ مَطِيَّهُ
- مُتخايلاً لا بَل وَغَيرَ مُخايِلِ
أَنَّى أَتَحتَ لِشابك أَنيابَهُ
- مُستَأنِسٍ بِدُجى الظَلامِ منازِلِ
لا يَستَريعُ عَظيمَةً يُرمى بِها
- حَصّاءَ تحسرُ عَن عِظامِ الكاهِلِ
حَرباً تَنَصَّبَهُ بِبِنتِ هَواجِرٍ
- عادي الأَشاجِعِ كَالحُسامِ الناصِلِ
لَم يَدرِ ما غرف القُصورِ وَفَيؤُها
- طاوٍ بِنَخل سَوادها المُتَمايلِ
يَقِظ الفُؤاد إِذا القُلوبُ تَآنَسَت
- جَزَعاً وَنُبِّهَ كُلُّ أَروَعَ باسِلِ
حَيثُ الدُجى متَطَلِّعاً لِغَفولِهِ
- كَالذِّئبِ في غَلَسِ الظَلامِ الخاتِلِ
فَوَجَدتَهُ ثَبتَ الجَنانِ مُشَيَّعاً
- رُكّابَ مَنسِجِ كُلِّ أَمرٍ هائِلِ
فَقَراكَ أَبيَضَ كَالعَقيقَةِ صارِماً
- ذا رَونَقٍ يَغشى الضَريبَةَ فاصِلِ
فَرَكِبتَ رَدعَكَ بَينَ ثَنيي فائِرٍ
- يَعلو بِهِ أَثَرُ الدِماءِ وَشائِلِ
من الصور الفنية في هذه القصيدة ما يأتي:
يا عامِلاً تَحتَ الظَلامِ مَطِيَّهُ
- مُتخايلاً لا بَل وَغَيرَ مُخايِلِ
- تَحتَ الظَلامِ
استعارة مكنية؛ فقد شبه الظلام بشيء مرتفع يمشي الناس تحته، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
لا يَستَريعُ عَظيمَةً يُرمى بِها
- حَصّاءَ تحسرُ عَن عِظامِ الكاهِلِ
- عَظيمَةً يُرمى بِها
شبه المصائب العظيمة بالأشياء التي يُرمى بها الأعداء، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
حَيثُ الدُجى متَطَلِّعاً لِغَفولِهِ
- كَالذِّئبِ في غَلَسِ الظَلامِ الخاتِلِ
- الدُجى متَطَلِّعاً
استعارة مكنية؛ فقد شبه الدجى بالإنسان الذي يتطلَّع باتجاه الآخرين، فحذف المُشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.