الحكمة من تحريم الربا
الحكمة من تحريم الربا
حرَّم الله -تعالى- الربا لأمور عديدة منها ما يأتي:
- إنّ الربا يقتضي أخذ أموال الناس بالباطل
الربا سبب في أخذ مال من غير عوض أو مقابل، لأنَّ بيع الدرهم بالدرهمين نقداً أو نسيئة يحصل له به درهم من غير عوض، ومال المسلم متعلِّق بحاجته وله حرمة عظيمة، قال -عليه الصلاة والسلام-: (فإنَّ اللَّهَ حَرَّمَ علَيْكُم دِمَاءَكُمْ، وأَمْوَالَكُمْ، وأَعْرَاضَكُمْ، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا).
- إنّ الربا يمنع الناس من الاشتغال بالمكاسب
لأنَّ صاحب الأموال إذا تمكن بواسطة عقد الربا من تحصيل الأموال الزائدة نقداً أو نسيئة، خفَّ اكتسابه من العمل، فيصبح لا يكاد يتحمل مشقة الكسب والتجارة والصناعات الشاقة، ويتسبب ذلك في انقطاع منافع الخلق، التي لا تنتظم إلا بالتجارات والحِرف والصناعات.
- يفضي الربا إلى انقطاع المعروف بين الناس، إذ يربوا المال على المحتاج من غير نفع يحصل له، ويزيد مال المرابي من غير نفع يحصل منه لأخيه، فيأكل مال أخيه بالباطل ويحصل أخوه على غاية الضرر.
- أن المرابي متصف بالغلظة في طبعه، و الشح في الإنفاق والعزوف عن الصدقات والبعد عن فعل الخيرات، فالربا يقتل كل مشاعر الشفقة في الإنسان، ولا يتردد المرابي في تجريد المدين من أمواله.
- الغالب أن المقرض يكون غنياً، والمستقرض يكون فقيراً، وإنّ القول بتجويز عقد الربا تمكين للغني من أن يأخذ من الفقير الضعيف مالاً زائداً، وذلك غير جائز برحمة الرحيم.
- حرمة الربا قد ثبتت بالنص، ولا يجب أن يكون حِكَم جميع التكاليف معلومة للخلق، فوجب القطع بحرمة عقد الربا.
الآيات الواردة في تحريم الربا
ذكر الله -تعالى- العديد من الآيات القرآنية التي أشارت إلى تحريم الربا منها ما يأتي:
- قال -تعالى-: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّـهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)، يخبر الله -تعالى- عن أكلة الربا وسوء مآلهم وشدة منقلبهم، أنَّهم يقومون من قبورهم حيارى سكارى مضطربين.
متوقعين ما ينتظرهم بسبب ما أسلفوه وقالوا أنَّ البيع مثل الربا، وهذا لا يكون إلا من جاهل عظيم الجهل، فجازاهم الله من جنس أحوالهم فصارت أحوالهم أحوال الجهلة، وردَّ الله عليهم وبيَّن حكمته العظيمة في تحليله للبيع لما فيه من عموم المصلحة وشدة الحاجة، وحكمته في تحريم الربا لما فيه من ظلم وسوء عاقبة.
- قال -تعالى-: (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا).
الأحاديث الواردة في تحريم الربا
صحَّت العديد من الأحاديث التي أشارت إلى تحريم الربا منها ما يأتي:
- عن أبي جحيفة -رضي الله عنه- (أنَّهُ اشْتَرَى غُلامًا حَجَّامًا، فقالَ: إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهَى عن ثَمَنِ الدَّمِ، وثَمَنِ الكَلْبِ، وكَسْبِ البَغِيِّ، ولَعَنَ آكِلَ الرِّبا ومُوكِلَهُ، والواشِمَةَ والمُسْتَوْشِمَةَ والمُصَوِّرَ).
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ).