الحقيقة والمجاز في القرآن
الحقيقة في القرآن الكريم
أجمع علماء اللغة على وجود الحقيقة في القرآن الكريم، وهذا أكثر الكلام وليس عليه اختلاف، ومنهم السيوطي والزركشي، ويمكن ذكر بعض الأمثلة على الحقيقة في القرآن الكريم على النحو الآتي:
- قوله تعالى: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً}.
- قوله تعالى: {هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَـنُ الرَّحِيمُ}.
- قوله تعالى: {أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}.
- قوله تعالى: {أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ}.
- قوله تعالى: {مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وهِيَ رَمِيمٌ}.
- قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ}.
- قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ}.
- قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ}.
- قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ}.
المجاز في القرآن الكريم
ذهب جمهور العلماء إلى أن الله سبحانه وتعالى خاطب عباده في القرآن الكريم بالمجاز، بينما نفى بعض أهل الظاهر ذلك لقولهم أن المجاز يعني عجز المتكلم عن إيجاد اللفظة المناسبة التي يريدها، وحاشاه الله عزَّ وجلَّ عن هذا، ولقولهم أن المجاز لا يُغني عن المعنى الحقيقي ولو جاء به القرآن لكان هناك التباس، ولأن القرآن حق فيجب أن يكون كله حقيقة، أما جمهور العلماء فذهبوا إلى وجود المجاز في القرآن؛ لأن القرآن نزل بلغة العرب الذين يستعملون المجاز في لغتهم، وفيما يأتي ذكر بعض الآيات التي ورد فيها المجاز:
- قوله تعالى: {جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ}.
- قوله تعالى: {وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ}.
- قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}.
- قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}.
- قوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً}.
- قوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}.
- قوله تعالى: {وَقيلَ يا أَرضُ ابلَعي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقلِعي}.
الفرق بين الحقيقة والمجاز بالمعنى
تُقسم الألفاظ على أساس استعمالها في المعنى إلى قسمين هما الحقيقة والمجاز، وفيما يأتي توضيح لكل منهما:
معنى الحقيقة
الحقيقة على وزن فعيلة مشتقة من الحق، والحق هو الثبات، والحقيقة اصطلاحًا هي استعمال اللفظة بالمعنى التي وُضعت له في التخاطب، وهي ثلاثة أنواع كما يأتي:
- الحقيقة اللغوية: وهي استعمال اللفظ في المعنى اللغوي الذي وضع له، ومثال ذلك: الشمس، والقمر، والسماء، والأرض.
- الحقيقة الشرعية: وهي الألفاظ التي تُستعمل في معناها الشرعي، ومثال ذلك الصلاة، إذ تُستخدم هذه اللفظة للدلالة على عبادة الصلاة المعروفة، والزكاة للدلالة على وهب مبلغ معين من المال.
- الحقيقة العرفية: وهذا النوع من الألفاظ يُستخدم في معانيه العرفية، أي المتعارف عليها بين الناس، سواء كان العُرف عامًا كاستخدام لفظة الدابة للدلالة على الحيوانات التي تمشي على أربعة أرجل، أو استخدامًا خاصًّا كما في النحو من ألفاظ مثل النصب والجر وغير ذلك مما يتعارف عليه النحاة، أو ما يستخدمه علماء المنطق من ألفاظ مثل الجوهر والعروض.
ومن الجدير بالذكر أن الحقيقة بأنواعها الثلاث ثابتة بمعناها التي وُضعت له ولا ينتفي عنها، فإذا تم استخدام لفظ بمعناه الحقيقي يثبت له هذا المعنى، ويدل على العموم إذا كان عامًّا، أو الخصوص إذا كان خاصًّا، وقد يدل على الطلب إذا كان بصيغة الأمر، أو الامتناع إذا كان اللفظ بصيغة النهي.
معنى المجاز
المجاز من التجاوز والتعدي وهو أحد فروع الحقيقة، ويعني اصطلاحًا استعمال اللفظ في غير المعنى الذي وُضع له، وذلك بسبب وجود قرينة تحول بين هذا اللفظ ومعناه الحقيقي، فيستحيل أن يكون مقصودًا به معناه الحقيقي، ومثال ذلك وصف شخص ما بأنه أسد، كقولنا: (رأيتُ أسدًا يعِظ الناس)، إذ يستحيل أن تكون لفظة أسد في هذه الجملة بمعناها الحقيقي، والذي يمنع ذلك هو وجود قرينة وهي (يعِظ الناس)، فيفهم القارئ أن الأسد يُقصد به رجل ولكن تم تشبيهه بالأسد لشجاعته، ومن الجدير بالذكر أن المجاز لا يؤخذ به إلا في حال تعذّر المعنى الحقيقي؛ وذلك لأن الأصل هو الحقيقة، فنتحرى الحقيقة أولًا ثم إذا تعذرت فإنه يتم الأخذ بالمجاز، ومن الجدير بالذكر أن الحنفية وغيرهم ذهبوا إلى أن المجاز لا يدخل في باب الضرورات، بل هو وسيلة من وسائل التعبير عن المعنى مثله مثل الحقيقة، وقد يكون المجاز أبلغ من الحقيقة في بعض الأحيان، ولذلك نراه شائعًا في الكلام البليغ.