الثواب والعقاب عند المصريين القدماء
مفهوم العدالة عند المصريين القدماء
اعتقد المصريون القدماء أن من واجب البشرية تحقيق العدالة في الأرض، وذلك تطبيقاً لتعاليم ماعت، وهي أحد آلهة المصريين القدماء، وتمثل العدالة، والتوازن، والنظام العالمي، والاستقرار، والتناغم، واستمرار الحياة، ولذلك كان لدى المصريين القدماء وعي ذاتي بأهمية العدالة، والصدق، والنظام، فعدم اتباع تعاليم ماعت يقرب العالم إلى الفوضى، وكانت وظيفة الفرعون حفظ النظام، وسن التشريعات لتسود العدالة بين الناس، وتدعو ماعت إلى حماية الضعيف من بطش القوي، وتحقيق المساواة، وقد استمدت الدولة سلطتها وقوانينها من ماعت، وبناءً على ذلك مُنع اضطهاد الفقراء والمحتاجين.
المصدر الأساسي للقانون في مصر القديمة
كان المصدر الأساسي للقانون في مصر القديمة هو الفرعون، فهو المسؤول عن سن القوانين، والتشريعات، وتحديد عقوبات الجرائم المختلفة، بالإضافة إلى تعاليم ماعت، والتي كانت تنظم حياة الناس في مصر القديمة ، وكان ا لنظام القضائي في مصر القديمة يحتوي على العديد من المستويات حسب فداحة الجريمة، فالجرائم الشنيعة، مثل خيانة الفرعون، أو محاولة الانقلاب عليه كان يتم الحكم فيها عن طريق الفرعون فقط، والذي يتم في العادة عن طريق وزيره الذي يقوم بالتحقيق، وجمع الأدلة، ثم يرجع إلى الفرعون من أجل الحكم النهائي، وفي بعض الحالات يُعيِّن الفرعون لجنة متخصصة يمنحها السلطة لإصدار، وتنفيذ الأحكام.
الأساس الذي اعتمده المصريون القدماء للحكم على فعل بالخير أو الشر
تبنى المجتمع المصري مبدأ ماعت، وهي تعاليم آلهة المصريين القدماء ماعت، والتي كانت تدعو إلى اتباع حياة خيِّرة، وعادلة، وكان مفهوم الخير، والشر، وما يجب عليه العقاب من جرائم يعتمد على تعاليم ماعت، وما سيجعل الفرد ينجح في اختبارها في الحياة الآخرة، واعتبر المصريون القدماء الأفعال الخاطئة مجرد انحرافات تمنع الإنسان من الحصول على السعادة، فعدم تطبيق تعاليم ماعت يسبب التنافر والتعاسة.
الثواب والعقاب في الحياة الآخرة عند المصريين القدماء
اعتقد المصريون القدماء أن روح الميت يتم محاكمتها بعد الموت في مرحلتين، أولها تمر روح الميت أمام 42 قاضياً إلهياً، وعلى الميت إثبات براءته من عمل أي تصرف سيئ خلال حياته، ويحتوي كتاب الأموات - وهو كتاب يدفن مع جسد المتوفى في المقبرة - على الصيغة المناسبة لكل قاضٍ، وذلك لضمان نجاح المتوفى في الاختبار، حتى لو لم يكن بريئاً، وبعد أن يجتاز المرحلة الأولى يتم الحكم على الميت في مراسم وزن القلب، حيث يتم وضع قلب الميت في كفة، وريشة ماعت، والتي تشبه ريشة النعامة في الكفة الثانية، وإذا كان القلب أثقل من الريشة، فإن الميت يفشل في الاختبار، أما في حالة كان القلب أخف، أو يساوي الريشة، فإن المتوفى ينجح بالاختبار، ويمكن أن يكمل رحلته إلى العالم الآخر حيث سيجد السعادة، والراحة، وسبب اختيار القلب للاختبار؛ لأن القلب يحفظ سجلاً بجميع أعمال الميت خلال حياته، ووضعه في الميزان مع ريشة ماعت يفحص إذا ما عاش الميت حياته مُتبعاً تعاليم ماعت، وفي حال فشل الميت بأحد الاختبارات ستُلقى روحه في الظلام، وتُحرم من فرصة إعادة الإحياء في الحياة الآخرة.
عقوبات الجرائم في مصر القديمة
كانت عقوبة الجرائم الكبيرة في مصر القديمة الأشغال الشاقة، أو الإعدام، بينما كانت عقوبة الجرائم الأقل في العادة الجَلد، والتشويه.
أمثلة على جرائم كبيرة في مصر القديمة
- محاولة اغ تيال رمسيس الثالث من ح ريمه لتنصيب الأمير فرعوناً، والتي باءت بالفشل، حيث تم تشكيل لجنة خاصة للتحقيق، وتحديد المذنبين، وتم الحكم على أسوأ المذنبين بالإعدام، والبعض تم السماح لهم بالانتحار، والبعض الآخر تم قطع أنوفهم، وآذانهم.
- محاولة اغتيال أوسركون الكاهن الأعظم لمدينة طيبة المصرية، والذي تولى الحكم فيما بعد، وقد أمسك بالمجرم، وقتله في نفس المكان، ثم حرق جثته، ولم يتم عقد أية محاكمة.
- هروب مجموعة من المرتزقة الأجانب، واعتقالهم فيما بعد وإعادتهم للمثول أمام الملك، والذي قام بذبحهم في الموقع، وهذا ما كتبه أحد المسؤولين في الأسرة الحاكمة ال26 لمصر القديمة في مذكراته.