التفكر في خلق الإنسان
المعجزة الكبرى
يعتبر الإنسان معجزة الله الكبرى على هذه الأرض؛ فهو الكائن الحيّ الذي يمتلك مزايا هائلة لا يحصل عليها أيّ كائنٍ آخر في الكون كله؛ فهو خليفة الله -تعالى-، وهو الكائن المكرم بنعمة العقل، والأهم أنّه الكائن الذي نفخ الله فيه من روحه.
وقد دعا الله -تعالى- الإنسان إلى التفكر في أحواله، ومآلاته، وإلى التأمل في نفسه؛ قال -تعالى-: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)؛ فجسم كل واحد منا هو المثال الأقرب إلينا للتفكر؛ ففي الرأس ثلاثمئة ألف شعرة، لكل شعرة بصلةٌ، ووريدٌ، وشريانٌ، وعضلةٌ، وعصبٌ، وغدةٌ دهنيةٌ، وغدةٌ صبغيةٌ، وفي العين، وفي الدماغ، وفي الأعصاب ،العديد العديد من الأدلة الصارخة على عظمة الخالق -سبحانه-.
فوائد التفكر في خلق الإنسان
للتفكر ثمرات وفوائد عظيمة؛ تعود بالنفع على الإنسان في حياته، وقلبه، وعقله، ومن هذه الثمرات:
زيادة الإيمان وتمكينه
إنّ دعوة الإنسان ليتفكر في نفسه لم تكن يوماً ما دعوةً عبثية، أو بقصد التسلية؛ بل هي تدخل في لبِّ وظيفة الإنسان على هذه الأرض؛ كعابد لله -تعالى-، وكخليفة له؛ فهذا التفكر من شأنه أن يوصل الإنسان إلى خالقه؛ الذي صوَّره على أحسن صورة، وأن يدخل اليقين إلى النفس، وكم من أشخاص اهتدوا سبيل الرشاد نتيجةً لمثل هذا التفكر.
طريق للانتفاع بالمخلوقات
إلى جانب ذلك، فإن تفكّر الإنسان في نفسه من شأنه أن يوصله إلى حلول لمشاكله، وإلى سبل لإنهاء المعاناة الناتجة عن بعض الأمراض؛ التي تصيب جسمه وتتوغل فيه، الأمر الذي يعمل على تطوير العلم والمعرفة، وما التقدم الرهيب الذي شهدته الحقول الطبية في عصرنا الحالي إلا ثمرة التفكر الذي دام لعقود طويلة.
طريق للتفقه
أيضاً، فإنّ مشاكل الإنسان لا تقتصر على الأمراض الجسمانية وحدها، فهناك أمراض نفسية، وأخرى مجتمعية، تتعلق بالسلوكات الإنسانية، والأحوال النفسية لبني آدم، ومن هنا فإن التفكر قد يدخل في مثل هذه المجالات أيضاً، فيساعد على إيجاد الحلول المبتكرة لمشكلاتها.
غفلة البعض عن التفكر
كثرة تعامل الإنسان مع الأشياء من حوله في بعض الأحوال تنسيه معناها، وقيمتها الحقيقية؛ ومن هنا فإنّ مشكلة اعتياد النعم هذه تُعتبر من أكثر المشكلاتِ التي قد تواجه الإنسان؛ فلو تأمّلنا في أحوال كثيرٍ من الناس، لوجدنا أن طريقة تعاملهم مع أجسادهم صارت مبتذلةً إلى حدٍّ بعيد، فصارت عملية مضغ الطعام وهضمه خارج دائرة تفكير الكثيرين.
ومثلها عمليات: الإخراج، والإبصار، والسمع، والشم، وغيرها، ولا شكّ أنّ كل هذه العمليات هي من أعظم النعم التي أنعم الله تعالى بها على الإنسان، وأن الأولى به أن يَشكره وحده عليها.
وأن لا ينظر إليها نظرةً اعتيادية؛ فاختلال عضوٍ واحد يمكن أن يُعوَّض، ولكن بملء غرفةٍ من الأجهزة. وهنا يأتي دور المداومة على التفكّر والتأمّل في خلق الإنسان بشكل خاص، والكون بشكل عام، ومن ثمّ شكر الخالق على نعمه؛ فبالشكر تدوم النعم.