البهاق هل هو وراثي
البهاق هل هو وراثي؟
إنّ الإجابة البسيطة والمباشرة على سؤال (هل البهاق وراثي؟) هي لا؛ فلم يتبين أنّ هناك أي جينات لها علاقة بالبهاق (بالإنجليزية: Vitiligo) وتنتقل بشكل مباشر من الآباء إلى الأبناء، فوفقاً للدراسة المنشورة في مجلة Dermatologic Clinics، في الأول من نيسان لعام 2018 م، فإنّ نسبة الإصابة بالبهاق للأشخاص الذين توجد في عائلاتهم حالات من البهاق وتحديدًا من الدرجة الأولى من القرابة كانت 7%، وبالاستناد إلى نتائج هذه الدراسة وعدد من الدراسات والملاحظات الأخرى؛ قد يتضح أنّ البهاق في بعض الأحيان ينتقل بين أفراد العائلة الواحدة، والحقيقة أنّ الإصابة بالبهاق هي ناتج لتفاعل وراثي وعوامل أو محفزات بيئية مختلفة يصعب حصرها أو حتى معرفتها، ولذلك فإنّه في حال الإصابة بالبهاق لا يمكن التنبؤ بأي أفراد الأسرة الآخرين سيُصاب بالبهاق. ولكن يُشار إلى أنّ العامل الوراثي قد يكون له تأثير في سنّ أو عُمُر ظهور البهاق لأوّل مرّة.
وعليه يمكن تلخيص العلاقة بين البهاق والعوامل الوراثية بقولنا إنّ وجود العامل الوراثي للمرض لا يعني بالضرورة الإصابة بالبهاق، إذ يتطلب ظهور البهاق تفاعلًا من العوامل البيئية كذلك، فمثلًا قد يظهر البهاق لمن لديه استعداد وراثي للمرض في حال تعرضه للأشعة فوق البنفسجية أو بعض أنواع المواد الكيميائية، وبالرغم من إثبات الباحثين من خلال الدراسات المختلفة أن مسببات البهاق تشمل كلّاً من العامل الوراثي والعامل البيئي كما ذكرنا، إلا أنّه لا يوجد تفسير علمي يُوضح سبب إصابة البعض بالبهاق وعدم إصابة البعض الآخر بالرغم من مشاركة الظروف ذاتها، وعلى أية حال تجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن منع وتجنّب الإصابة بالبهاق.
الاختلالات الجينية المسؤولة عن الاصابة بالبهاق
تتعدد وتختلف الاختلالات الجينية التي لها دور في زيادة خطر الإصابة بالبهاق، حيث تشمل إمكانية حدوث خلل في أكثر من ثلاثين جين مختلف توجد في العديد من التراكيب الجينية في جسم الإنسان، ومن أهمّ هذه الجينات التي يُعتقد أن لها ارتباط وثيق بالبهاق ما يأتي:
- جين NLRP1: وهو الجين المسؤول عن توجيه تعليمات خاصة بتصنيع نوع من البروتين ذي صلة بجهاز المناعة ، حيث يتمثّل دور هذا البروتين تحديداً في تنظيم عملية الالتهاب (بالإنجليزية: Inflammation)؛ حيث يُعتبر الالتهاب ردّ فعل طبيعي من الجسم بعد تعرّضه لجرح أو مرض معيّن؛ فيباشر جهاز المناعة بإرسال خلايا الدمّ البيضاء وبعض المركبات، بهدف مواجهة الجراثيم والقضاء عليها، إضافة إلى المساهمة في ترميم والتئام جروح الجلد، وبعد أداء المهمّة يثبط الجهاز المناعي هذه المواد والمركبات المناعية لتجنّب محاربة خلايا الجسم السليمة.
- جين PTPN22: ويكمن دور هذا الجين في توجيه تعليمات خاصة بتصنيع نوع من البروتين الذي يلعب دورًا في تنظيم وتحفيز الخلايا التائية (بالإنجليزية: T cells)، وهي نوع من خلايا جهاز المناعة في جسم الانسان، ويتمثّل دورها الرئيسي في التعرّف على الأجسام الغريبة التي تدخل الجسم، والمساهمة في محاربة أي عدوى (بالإنجليزية: Infection).
وبالنسبة للرابط الذي يُفسر علاقة هذه الاختلالات الجينية بظهور البهاق؛ فيمكن تلخيصه بقولنا إنّ هذه الاختلالات ينجم عنها اضطرابات في البروتينات المسؤولة عن توجيه تعليمات خاصة بتصنيعها، الأمر الذي يؤدي إلى اختلالات في عملية الالتهاب، وعدم القدرة على السيطرة على عمل وتنظيم خلايا المناعة بشكل طبيعي، مما يؤدي إلى محاربة ومهاجمة خلايا الجسم السليمة من قبلها، ولا بد من التنويه إلى أنّ الأمر لا يتوقف عند هذين الجينين فحسب، وإنمّا يتعدّى ذلك وفق الدرسات المنشورة للعديد من الجينات الأخرى، التي قد يساهم أي خلل يطرأ عليها في زيادة فرصة الإصابة بالبهاق، وتشمل هذه الاضطرابات اختلالات في الجينات المرتبطة بالجهاز المناعيّ، أو بتركيب الخلايا الميلانينية، ومن الجدير بالذكر أنّ بعض الاختلالات الجينية المرتبطة بمرض البهاق قد ترتبط بزيادة فرصة الإصابة ببعض الأمراض والمشاكل الصحية الأخرى بما فيها أمراض المناعة الذاتية .
ملخص حول مرض البهاق
يعتبر البهاق أحد الأمراض الجلدية التي تصيب الانسان، والتي تتسبب بإزالة اللون من أجزاء مختلفة من جلد المصاب، مكوّنة بقع بيضاء تتناثر في أنحاء الجسم، كما وتختلف في حجمها، وتبعاً لذلك فقد تدعى لطخة (بالإنجليزية: Macules) إذا كان حجمها أقلّ من 5 ميليمتر، أو بقعة (بالإنجليزية: Patches) إذا كان حجمها أكبر من 5 مليمتر، ويظهر المرض نتيجة حدوث لخلل أو تلف في الخلايا الميلانينية (بالإنجليزية: Melanocytes)، وهي إحدى خلايا الجسم التي تكمن وظيفتها في إنتاج صبغة الميلانين، والتي تعطي بدورها اللون والصبغة لجلد الانسان، ولا بُدّ من بيان أنّ هذ الخلل في الخلايا الميلانينية ناجم عن مهاجمة ومحاربة جهاز المناعة لدى المصاب لهذه الخلايا.
ولمعرفة المزيد عن البهاق يمكن قراءة المقال الآتي: ( ما هو البهاق ).