الأشهر الهجرية
عدد الأشهر الهجرية
تتكوّن السَّنة الهجريَّة من اثني عشر شهراً، وقد ذكر القرآن الكريم ذلك في قول الله سبحانه وتعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)، وقد اعتمد العرب في تحديد وتعيين أوائل الشهور على إهلال القمر؛ فإذا اختفى القمر ولم يظهر فهذه علامة آخر الشهر ونهايته، وبظهور الهلال يعرفون بداية الشَّهر ، وعدُّوا أيام الشَّهر الهجريّ بتسعةٍ وعشرين يوماً أو ثلاثين يوماً، و تتقدَّم السَّنة الهجريّة كلّ عامٍ أحد عشر يوماً عن السّنة الميلاديّة ؛ بسبب اعتمادها على حركة القمر، بينما تعتمد السنة الميلادية على حركة الشمس.
ترتيب الأشهر الهجريَّة
مُحرَّم
يُعرف شهر مُحرَّم كذلك باسم الشهر المُحرَّم، وهو أوّل الأشهُر من حيث الترتيب في السّنة الهجريّة، ويُقال: إنّ الاسم الأول لشهر محرم هو صَفَر؛ حيثُ كان يُعرف بصفر الأوّل تمييزاً له عن شهر صفر الذي يليه، وقد سمّى العرب هذين الشهرين باسم الصَّفَرَيْن، ثمّ لاحقاً سُمّي بالمُحَرَّم؛ و ذلك لكونه من الأشهُر الحُرُم وحتى يتمكنوا من تمييزه عن شهر صفر الثاني، وقال بعض علماء اللغة أن اسمه كان موجب، فاسم مُحرَّم ليس اسمه الأصلي؛ إنّما أُلصق به هذا الاسم نظراً لحرمة القتل والقتال فيه.
صفر
هو الشهر الثاني ترتيباً في أشهر السنة الهجريَّة، وقد سُمِّي بذلك لأن العرب كانت تترك بيوتها صفراً؛ أي خاليةً منهم؛ لأنّهم كانوا في هذا الشهر يخرجون للحرب، وقيل: بل لأنَّهم كانوا يتركون من يقابلهم من الأعداء صفر المتاع في وقت الغزو والقتال، وذلك دلالة على القوة والشراسة.
ربيع الأول
هو الشهر الثالث في السنة الهجرية، وقد سُمِّي بذلك لأنّ العرب عندما قامت بتسمية الشهور صادف موعد تسمية هذا الشهر فصل الربيع، فلَزِمته هذه التَّسمية وعُرف بها.
ربيع الآخر
سُمِّي شهر ربيعٍ الآخر بذلك لأنَّه يعقب شهر ربيع الأول، وقد قيل الآخر وليس ربيع الثاني؛ لأنّه إن قيل الثاني فذلك يعني أنّ هنالك ثالثاً فقيل الآخر.
جمادى الأولى
هو الشهر الخامس في السنة الهجرية ترتيباً، وقد سُمِّي بذلك لوقوع تسميته في فصل الشتاء، واسمه مأخوذٌ من جمود الماء إذا وصلت درجات الحرارة لحد التجمُّد، وهو اسمٌ مؤنث.
جمادى الآخرة
سُمِّي بذلك لوقوعه بعد شهر جمادى الأولى، ومعناه كذلك مأخوذٌ من جمود الماء في فصل الشتاء؛ حيثُ كانت تسميته لوقوعه في فصل الشتاء.
رجب
شهر رجب من الأشهُر الحُرُم الأربعة، ويُطلق عليه كذلك اسم مُضَر، فقد روي أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنَّ الزمانَ قد استدارَ كهيئتِه يومَ خلقَ اللهُ السماواتِ والأرضَ، السنةُ اثنا عشرَ شهرًا، منها أربعةٌ حرمٌ، ثلاثٌ متوالياتٌ: ذو القَعدةِ، وذو الحَجةِ، والمحرَمُ، ورجبُ مضرَ الذي بين جُمادى وشعبانَ)، وقد سُمِّي شهر رجب بذلك لأن العرب كانت ترجب رماحها أي تنزع النصل منها وتتوقّف عن القتال فيه لحرمته عندهم،وقد كانت قبيلة ربيعة يُحرِّمونَ من الأشهُر شهرَ رمضان ويُسمُّونه رجباً، بينما كانت قبيلة مُضَر تُحرِّمُ شهر رجب.
شعبان
اختُلِفَ في سبب تسمية شهر شعبان؛ فقيل سُمي بذلك لأنّ العرب كانت تتشعّب في المناطق بحثاً عن الماء، وقيل: بل لأنَّهم كانوا يتشعّبون وينتشرون بقصد القتال بعد أن امتنعوا عنه في شهر رجب المُحرّم.
رمضان
اشتُقّ اسم شهر رمضان من الرَّمض الذي هو اشتداد حرّ الحجارة في الصيف، ومنه اشتُق اسم الرّمضاء أي الصحراء لشدّة حرها، وقد سُمِّي رمضان بذلك؛ لكون تسميته جاءت وقت اشتداد الحر في الصيف.
شوَّال
هو الشهر العاشر من السنة الهجرية، ويعقب في الترتيب شهر رمضان المبارك، وفيه عيد الفطر عند المسلمين، وقد سمَّت العرب شهر شوال بذلك من تشوُّل الإبل؛ أي جفاف لبنها وضعفه.
ذو القعدة
هو الشّهر الحادي عشر من السّنة الهجريّة، وأحد أشهُر الحجّ، سُمِّي شهر ذو القعدة بذلك لأنّ العرب قبل الإسلام كانوا يقعدون فيه عن القتال والتّرحال لحرمة القتال فيه، ويصحُّ لفظ اسم ذلك الشهر بالكسر، فيقال ذو القِعْدَة، كما يجوز أن تُلفظ بالفتح، فيقال: ذو القََعْدَة.
ذو الحجّة
شهر ذي الحجّة آخر شهرٍ في السّنة الهجريّة من حيث الترتيب، وقد سُمِّي ذو الحجة بذلك لوقوع حج العرب إلى الكعبة فيه قبل الإسلام.
قصة التأريخ الهجري
بعد أن جاء الإسلام رأى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن ينتهج نهجاً مختلفاً في التأريخ، فاستقرأ التاريخ عبر العصور، ولاحظ التقاويم المعمول بها في عصرهم وقبله، فوجد أنَّ أنسب ما يمكن الحساب بناءً عليه هو القمر، فهو حسابٌ طبيعي، ويسهل به حساب السنين والأيام والشهور، والسنة الهجرية تتكون من اثني عشر شهراً؛ حيثُ يصل عدد أيام الشهر فيها إلى 29 أو 30 يوماً، بناءً على حركة القمر واكتماله وظهوره واختفاءه.
وقد رأى عمر الفاروق أنّ المسلمين كانوا يُسمّون السنين التي مرّت بها الأمة الإسلامية بأسماء الأحداث التي تقع فيها، فاعتقد أن ذلك ربما يؤثر مستقبلاً على ثبوت واستقرار التاريخ الإسلامي، فجعل ذلك الحساب مُبتدئاً من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك بعد عامين ونصف العام من تولِّيه الخلافة؛ لذلك سُمِّي ذلك التقويم بالهجريّ وعُرِفَت السنّة وأشهرها بالهجريَّة.