الأزهر الشريف (مسجد أثري ومعقل تاريخي في مصر)
التعريف بالأزهر
الأزهر الشريف هو اسم أول جامعٍ بُني في جنوب شرق القاهرة في دولة مصر ، وهو أول جامع بُني في القاهرة في العصر الفاطمي، وكان يُطلق عليه جامع القاهرة، وقد أسّسه جوهر الصقلي قائد الإمام الخليفة الفاطمي، بدأ بناء جامع الأزهر في تاريخ 359 من العام الهجري حتى 361؛ أي ما يُوافق 970 حتى 972 من السنة الميلادية ، وكان الأزهر أول صرحٍ فاطميٍّ شُيِّد في عهد المعز لدين اللَّه أول الخلفاء الفاطميين في مصر، وكان الجامع الأزهر يضمُّ مدرسة لتخريج دعاة المذهب الإسماعيلي الشيعي في زمن الدولة الفاطمية على نيّة نشره وتعليمه للعالم في ذلك الوقت، ولا يقتصر الجامع الأزهر على المسجد فقط بل فيه جامعة يقصدها طلاب العلم من جميع أنحاء المعمورة ليتعلّموا العلوم المختلفة، إذ يمتاز الجامع الأزهر باتساع حضاراته على مر السنين، وقد حرص الحكام على تجديده وتوسيعه؛ لأنه صرح ثقافي وديني مشهور في العالم الإسلامي.
أهمية ودور الأزهر
تظهر أهمية ودور الجامع الأزهر في ما يأتي:
- اتخاذ الجامع الأزهر دوراً مُهماً في منطقة الشرق والعالم الإسلامي أجمع، فقد كان يضم أكبر جامعة إسلامية تُعنى بتدريس العلوم الشرعية في العالم كله.
- الجامع الأزهر حاز دوراً مهمّاً في تأثيره واتخاذه للقرارات السياسية المتعلقة بالعالم الإسلامي والمنطقة.
- ظهور أقدم جامعة بالعالم بظهور الجامع الأزهر، وقد تعدّت شهرة الجامعة حدود العالمية لاحتوائها على الكثير من علوم العرب في المنطقة.
- اتباع جامع الأزهر منهجاً دراسياً مُنظماً يتميز بالموضوعية والشمولية والاستمرارية اعتُمد لمدة طويلة من الزمن حتى وقتنا الحاضر.
- الجامع الأزهر سبب في تحقيق وحدة المسلمين، إذ يُعتبر صرحاً إسلامياً يجتمع فيه المسلمين بمختلف أعراقهم وجنسياتهم من جميع أنحاء العالم.
- الجامع الأزهر بؤرة خصبة لتبادل الثقافات والتجارب المختلفة والجديدة، مما يؤدي لانفتاح الناس على العالم الخارجي وتقبل التغيير الذي يؤدي لإيجاد حلول متطورة لتييسر حياة الناس العلمية والعلمية.
- الجامع الأزهر أحد أهم مراكز الدعوة في العالم، فهو يمتلك قوة كبيرة بالتأثير، إذ يتبنى الفكر الإسلامي المعتدل الصحيح المبني على الكتاب والسنة النبوية المطهرة.
سبب تسميته بالأزهر
ذُكر أن الجامع الأزهر اسمٌ أطلقه الفاطميون نِسبة الى اسم بنت الرسول -صلى الله عليه وسلم- فاطمة الزهراء -رضي الله عنها-، وقد قيل أُطلق عليه الأزهر لفخامة بنائه في ذلك الوقت ولوجود القصور الزهراء من حوله، وقيل: سُمي أزهراً من باب التفاؤل والتوسم بالخير ليغدوا من أعظم المساجد، وقد كانت أول صلاة صُليت فيه هي صلاة أول جمعة من شهر رمضان لعام 361 للهجرة، وقد سادت الأجواء احتفال مُهيب لافتتاحه.
نمط بناء الجامع الأزهر
يتضمن الجامع الأزهر خمس مآذن؛ ثلاثة منها تطلّ على ساحة الجامع من الداخل، واحدة على يسار الداخل بناها الأمير علاء الدين أقبغا، واثنتين على يمين الداخل؛ واحدة منهم أعلى المآذن التي أنشأها السلطان الغوري والأخرى أنشأها السلطان الأشرف قايتباي.، واثنتان من المآذن أنشأهما الأمير كتخداي؛ واحدة منهم بباب الصعايدة وأخرة بباب الشربة، ويتكون الجامع من ساحة كبيرة خارجية يُقال لها الصحن وحوله ثلاث أروقة أخرى أو أركان؛ أكبرهم رواق القبلة الذي يتميّز بعلو سقفه ويُعتبر الركن الأصلي للجامع، وعلى مرِّ الزمن أُضيف لجامع الأزهر عدد من المدارس، والمحاريب، والمآذن، وقد بنى الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله في الجامع قبة جبصية مزخرفة، وكانت مساحة الجامع الأزهر عند بنائه نصف مساحته في العصر الحالي.
نشأة الأزهر الشريف وتاريخه
نشأة الأزهر الشريف
قام جوهر الصقلي بعد إتمامه من فتح مصر بإنشاء الجامع الأزهر في القاهرة بعصر الخليفة الفاطمي المعز لدين الله، وقد وُضع أول حجر لبناء الجامع سنة 359 للهجرة، وحرص الفاطميون على بناء الأزهر بهدف توسيع سيادة الدولة الفاطمية للمنطقة باتّخاذه المركز الرئيسي للدعوة للمذهب الفاطمي الإسماعيلي وباتّخاذ القاهرة عاصمة لدولتهم.
تاريخ الأزهر الشريف
نبيّن فيما يأتي تاريخ الأزهر الشريف على مر العصور:
- الحضارة الفاطمية: كان يُطلق على الأزهر بهذه الفترة اسم مسجد القاهرة، وقيل اتّخذ اسمه الأزهر بعد الفراغ من بناء قصور الملوك الفاطميين التي كانت تُسمى بالقصور الزاهرة، وقد حظيَ الأزهر بالعهد الفاطمي بالعناية الكبيرة؛ لدوره المهم في قيام الدولة، فقد توالى الخلفاء بالاعتناء به، ومَن بعدهم من الأمراء والوزراء وغيرهم، حتى أنهم كانوا يتنافسون بتقديم الأفضل للجامع، فزيّنوه بالفضة وأعدوا فيه الزخارف، وحرصوا على توفير كل ما يحتاجه المسجد والمدارس من الكتب، والمصاحف، وغيرها من الأمور الأخرى؛ كالتنظيف، والإنارة، والماء، ورواتب الخطباء، والمشرفين، والأئمة، والمدرسين، والطلاب، وقد فتحوا المجال للدراسة فيه بالمجان لكل القادمين من آسيا وأفريقيا مما يُساعد على انتشار مذهبهم.
- الحضارة الأيبوية: عندما قدِم صلاح الدين الأيوبي اختفى المذهب الفاطمي بمصر وانتشر المذهب السُّني، وقد تم إغلاق الجامع الأزهر في هذا العصر؛ لأنه كان يُروّج للمذهب الفاطمي الشيعي، ومنع الأيّوبيون صلاة الجمعة في الأزهر منذ 567، وأقاموا حوله العديد من المدارس الفقيهة التي تُعنى بتدريس الفقه الشافعي والحنفي فيه، وقد جعل صلاح الدين الأيوبي مدارس الجامع وقفاً يُدرّس فيها ويُقيم طلاب العلم فيها بالمجان.
- العصر المملوكي: عند قدوم المماليك أولوا اهتماماً بالأزهر؛ فأصلحوه، ورمّموه، وأقاموا فيه أول صلاة جمعة بعد أن منعها الأيوبيّون، وفي سنة 702 للهجرة ضرب مصر زلزال أدى لهدم عدد من المساجد من ضمنها الجامع الأزهر، فحرص الأمراء على إعمار المساجد، وكان من أعاد إعمار الأزهر هو الأمير سلار، وأنشأوا فيه عدداً من المدارس؛ كالمدرسة الطيبرسية، والآقبغاوية، والجوهرية، وبُنيت في عهدهم المأذنة المميزة ذات الرأسين.
- العصر العثماني: أولى عددٌ من الولاة العثمانيين اهتماماً بالجامع الأزهر؛ كمحمد باشا الشريف، وحسن باشا، وعبد الرحمن كتخدا، وقيل: إنه لم يزدهر الجامع الأزهر في عهد العثمانيين بل عاش فترةٍ من الركود العلمي في أواخر القرن التاسع.
- العصر الحديث: تم إضافة الرواق العباسي من قبل الخديوي عباس حلمي الثاني، وطوروا فيه الكثير، وكان للأزهر ومشايخه دوراً مهماً في اتخاذ القرارات السياسية، فقد كان له دور في الحروب والثورات التي حدثت حينئذ، وفي عام 1992 من السنة الميلادية بعد الزلزال الذي ضرب مصر باشرت هيئة الآثار المصرية بإعادة إصلاح وترميم الجامع الأزهر ومدارسه.