ما هي علامات طهر النفساء
ما هي علامات طُهر النفساء
يتشابه النّفاس كثيراً مع الحَيض في أحكامه؛ حيثُ إنَّ النّفاس يأخُذ نَفس أحكامِ الحيض في سائر الأمور باستثناء عدَّة مسائل تأخذُ حكماً مختلفاً. ومن الأُمور التي يأخذُ النّفاس فيها حُكم الحيض؛ الطُّهر، ويُقصد فيه زمانُ نقاء المرأة من دَم الحيض أو دَم النَّفاس.
وللطَُهر -سواءً كان من الحيض أو النَّفاس- علامتان:
انقطاع الدم
الأولى انقطاع الدَّم، والمراد بذلك الجفاف، بحيث تَخرج القُطنة جافَّة وغير ملوَّنة بدمٍ، أو بكُدرةٍ، أو بصُفرةٍ بعد إدخالها إلى الفرج.
رؤية القصة البيضاء
والعلامة الثَّانية: رؤية القصَّة البَيضاء، وهي ماءٌ أبيضٌ رقيقٌ يخرج من فرج المرأة في آخر الحيض وبعد انِقضائه، وقد أشارت إليه السَّيدة عائشة -رضي الله عنها- في قولها: (لا تَعجلنَ حتَّى ترَيْنَ القَصَّةَ البيضاءَ، تريدُ بذلك الطُّهرَ).
مسائل متعلِّقة بالطّهر من النفاس
وُجوب الغُسل
يجب على النّفساء الغُسل عند تحقُّقها لإحدى علامتيِّ الطُّهر أو كِلتاهُما، حيث إنَّ الغُسل يترتّب على الحَدث الأكبر والذي يُعدُّ النّفاس أحد أسبابه، بالإضافة إلى الحَيض والجَنابة، فبعد أن يَنقطع دمُ النّفاس ويَحصل الجفاف، وتتحقَّق المرأة منه، أو بعد رؤيتها للقصَّة البيضاء وجبَ عليها الغُسل، ودليل وجوبه الإجماع.
ويتحقَّقُ الغُسل الصَّحيح بأمرين اثنين: الأول: إفاضةُ الماء على كلِّ أجزاء الجسد بما في ذلك الشَّعر، والثَّاني: أن تَنويَ النّفساء من ذلك الاغتسال الطَّهارة ، أو رفعَ الحَدث الأكبر، أو استباحة الصَّلاة.
وتجدُر الإشارة إلى أنَّ المرأة بعد الولادة قد لا تَجدُ دماً، وفي هذه الحالة تكون المرأة طاهرةً ولا نفاس لها، لأنَّ النّفاس هو الدَّم، فمن لم تَجدُه لم تعتبر نفساء، وقد تعدَّدت آراءُ الفُقهاء في وجوب الغُسل وعدمه في هذه الحالة على قولين اثنين:
- عدم وُجوب الغُسل
وقد قال بهذا الرأي المالكيَّة، ودليلهم عدم ورود النَّص على وُجوب الغُسل في حالة الولادة الخالية من الدَّم، ولأنَّه لا يدخل أيضاً في المعنى المَنصوص، فإنَّه ليس بدمٍ ولا منيٍّ ، وورد إيجاب الغُسل بالشَّرع بهذين الأمرين فقط.
كما أنَّ الصَّوم لا يبطُل بالولادة الخالية من الدَّم ولا يَحرم فيه الوَطء كذلك، فهذا دليلٌ على أنَّ أحكامه غير أحكام الولادة التي يرافقها دم، لذلك لم يجب الغُسل عندهم في هذه الحالة، بخلاف إيجاب الغُسل في الولادة التي يرافقها الدَّم، وقال المالكيَّة إنَّه وإن كان الغُسل غير واجب هنا إلا أنَّه يُندب.
- وجوب الغُسل
وقد قال بهذا الرأي الشَّافعية، وعلَّلوا الحكم بالوجوب لأنَّ الولادة مَظنَّة للنِّفاس المُوجب للغُسل، كما أنَّ الولادة يُستبرَأ بها الرَّحم، فأشبَهت الحيض في ذلك، لذا شابهته أيضاً في حكم إيجاب الغُسل. وقال أبو حنيفة إنَّ على المرأة الاغتسال احتياطاً؛ لأنَّ الولادة لا تَخلو ظاهراً عن دمٍ وبللٍ وإن كان قليلاً.
الأمور التي تُحرّم على النفساء
يُحرم على النّفساء خلال فترة النفاس عدة أمورٍ وهي:
- الغُسل بنيَّة الطَّهارة، أو رفعُ الحَدث، أو نيَّة العبادة
حيث يُعدُّ الغُسل بهذه النَّوايا أثناء النّفاس مُحرّماً على النُّفساء؛ فإذا انتهى النّفاس بإحدى علامتيِّ الطُّهر جاز لها ذلك. وأمَّا فيما يتعلَّق بالطَّهارة المَسنُونة للنَّظافة؛ كالغُسل للإحرام، وغُسل العيد ، ونحوه من الأغسال التي لا تفتقر إلى طهارة فهذه جائزة مُطلقاً في النِّفاس والطُّهر على السَّواء.
- الصَّلاة
سواءً كانت صلاة الفريضة أو صلاة النَّوافل، وكذلك صلاة الجَنازة، حيث إنَّ هذه الأمور تَحرُم على صاحب الحَدث الأصغر ومن بابٍ أولى صاحب الحدث الأكبر كالنّفساء، لحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أليسَ إذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ ولَمْ تَصُمْ قُلْنَ: بَلَى، قالَ: فَذَلِكِ مِن نُقْصَانِ دِينِهَا)، فإذا طَهُرت أُبيح لها ذلك.
- الصَّوم
سواءً كان صوم الفريضة أو صوم النَّفل، للحديث السابق نفسه، ويجدر الإشارة إلى أنَّ الصَّوم يُباح بمجرّد الطُّهر ولو لم يتمّ الاغتسال.
- مسُّ المُصحف وحمله
فتستطيع النَّفساء بعد الطُّهر مسَّ المصحف بيديها بعد أن كان محرّماً عليها ذلك، لقوله -تعالى-: (لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)، والمراد بالمُصحف: كلُّ ما كُتب لدراسة القرآن ولو بعضُ آيةٍ مُفهِمة، ويُحرم على النَّفساء قبل الطُّهر مَسُّه، ويَحلُّ لها حَمله مع بقية الأمتعة، أمَّا حمله منفرداً فلا يصحُّ قبل الطُّهر.
- اللَّبث في المسجد
فيَحرم على النَّفساء ذلك قبل الطُّهر.
- الطَّواف
فيَحرم عليها الطواف قبل الطهر سواءً كان طواف فرضٍ كطواف الإفاضة، أو طواف نفلٍ كطواف القدوم، حيث قال الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (فَافْعَلِي ما يَفْعَلُ الحَاجُّ، غيرَ أنْ لا تَطُوفي بالبَيْتِ حتَّى تَطْهُرِي)، ويُعدُّ الطَّواف بمنزلة الصَّلاة إلا أنَّ الله -سبحانه وتعالى- أحلَّ فيه الكلام الخَيِّر، لذا يَحرم على النَّفساء ويُباح لها بعد الطُّهر من النَّفاس.
- الوَطء
فيَحرم الوَطء قبل الطُّهر من النِّفاس، لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: (من أتى كاهِنًا فصدَّقَهُ بما يقولُ أو أتى امرأةً حائضًا أو أتى امرأةً في دُبُرِها فقد برئَ ممَّا أنزلَ اللَّهُ على محمَّدٍ)، ولقوله -تعالى-: (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّـهُ)، وكذلك بعد انقطاع الدَّم وقبل الغُسل، أما بعد الطُّهر والغسل فيجوز الوطء في الحال من غير كراهة إن لم تخشَ عودة الدَّم، وإلا يُستحبُّ الانتظار احتياطاً لحين التَّيقُّن من عدم عودة الدَّم.
- الطَّلاق
حيث يَحرم الطَّلاق خلال فترة الحيض والنَّفاس لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ)، وذلك لأنَّ الطَّلاق خلال هذه الفترات يُطيل العِدَّة على النِّساء، إذ إنَّ مدَّة الحيض والنَّفاس لا تُحتسبان من مدَّة العِدَّة، وفي هذا ضررٌ على المرأة.