اختبار الذكاء العاطفي
الذكاء العاطفي
أًجريت حديثاً العديد من الدراسات المتقدمة لفهم طبيعة الذكاء الإنساني ، وكيفية قياسه، وتنميته وتطويره، ووُضعت النظريات والتصورات واختبارات الذكاء المتعددة، حيث تعاملت هذه الدراسات مع الذكاء كوحدةٍ واحدة تتكون من عدة أقسام، يصل عددها إلى سبعين قسماً، وأطلق العالم هوارد غاردنر عام 1983م نظرية الذكاء المتعدد ، التي تنص على أن "كل منا يستطيع أن يعرف العالم من خلال اللغة والتحليل الحسابي المنطقي، والتمثيل الحيزي، والتفكير الموسيقي، واستعمال الجسم لحل المسائل، أو لإنجاز المهام، ولفهم الآخرين وفهم أنفسنا، حيث أدى التعامل مع الذكاء كوحدة واحدة متكاملة إلى استنتاج معلوماتٍ قيمة، تم استخدامها في الولايات المتحدة الأمريكية كاستراتيجة لقبول المنتسبين إلى الجيش الأمريكي، والعاملين في المؤسسات والوظائف المختلفة. وفي عام ١٩٩٥م، تم تطوير مصطلح الذكاء العاطفي الذي يعني قدرة الإنسان على وعي طبيعة عواطفه، والتحكم بها، وإدارتها، وفهمها، بالإضافة إلى فهم عواطف الآخرين، وصُنِّف كنوع من أنواع الذكاء المتعددة من قبل العالم دانييل غولدمان.
تعريف الذكاء العاطفي
يُعرف الذكاء العاطفي بأنه: قدرة الفرد على معرفة مهاراته الانفعالية والعاطفية، ومشاعره الذاتية، وفهم انفعلات الآخرين وعواطفهم، وإدراك العاطفة الصادقة وتمييزها عن غيرها من العواطف، وتوظيف انفعالاته النفسية الخاصة لتحسين التواصل الاجتماعي مع الآخرين، والقدرة على خلق مشاعر إيجابية كالفرح والسعادة والتفاؤل، وتوجيه مشاعره توجيهاً سليماً فيما يضمن له النجاح في حياته العملية والعائلية، والقدرة على ضبطها وتنظيمها وتحفيز ذاته لاتخاذ قرارات صحيحة وذكية.
اختبار الذكاء العاطفي
منذ بداية القرن العشرين اهتم العلماء والباحثون بقياس ذكاء الأفراد بأنواعه المختلفة، على اختلاف مراحلهم العمرية، بهدف التعرف على مقدار النمو العقلي لديهم، وتطوير وسائل تنمية قدراتهم العقلية والعاطفية، وقياس الذكاء هو عملية تحويل المعطيات المختلفة لمقدار النمو العقلي والذكاء العاطفي إلى أرقام حسابية، ومعرفة مدى تناسب هذه الأرقام مع العمر الحقيقي للتوصل إلى مستوى ذكاء الفرد، ولكن يجب الانتباه إلى أن عملية قياس الذكاء باستخدام الاختبارات المتنوعة ما هي إلى وسيلة لمحاولة معرفة مقدار قدرات الشخص الذهنية، ولكنها ليست دقيقة بالقدر الكافي للحكم عليه، بل تعتبر خاضعة للتجريب والاختبار بحد ذاتها، وهي مجرد اجتهادات شخصية للعلماء، ويمكن تجديدها أو إلغاؤها، وتقوم فكرة قياس الذكاء على تراكم المعلومات لدى الفرد بعد إخضاعه لمجموعة تجارب وتمارين على مراحل متتابعة، فالذكاء العاطفي لا يقاس بطريقة مباشرة، وإنما بإعطاء الفرد عملاً يتطلب ممارسة مجموعة من الوظائف العقلية العليا والتي تحفز منطقة الوعي والتحكم العاطفي في الدماغ ، ومن ثم رصد النتائج التي حصل عليها ومقارنتها بالنتائج الملائمة لمرحلته العمرية، وتُصنّف اختبارات الذكاء حسب أنواعها، أو مضمونها، أو نتائجها.
معامل الذكاء IQ واختبار الذكاء العاطفي
يعتبر معامل الذكاء واختبار الذكاء العاطفي أسلوبين مختلفين لمعرفة وقياس مستوى ذكاء الأفراد، فيجب التفريق بين التفكير والانفعالات العاطفية فهما أمران مستقلان، ونجد غالباً بأن الأفراد ذوي معاملات الذكاء المرتفعة يتميزون بمستوى ذكاء عاطفي مرتفع كذلك، حيث توجد علاقة وثيقة بين معامل الذكاء ومظاهر الذكاء العاطفي، ويكمن الفرق بينهما بأن قياس معامل الذكاء يتطلب إجراء اختبارات ورقية مكتوبة لاستنتاج قيمتة، في حين لا توجد مثل هذه الاختبرات الورقية لقياس مستوى الذكاء العاطفي، حيث تجرى اختبارات الذكاء العاطفي من خلال تجارب عملية للأفراد مع توثيقها بالصور والفيديو، ومراقبة مشاعر الأفراد وتعابير وجوههم ومدى تحكمهم بانفعالاتهم وعواطفهم، فقياس مرونة الذات مثلاً يُستخدم لقياس الكفاءة الاجتماعية والعاطفية للفرد عملياً، وتوصلت الدراسات والاختبارات العاطفية إلى أن الرجال ذوي الذكاء العاطفي المرتفع يمتازون بالتوازن والصراحة، وعدم القلق، والالتزام وتحمل المسؤولية، فيما تتمتع النساء الذكيات عاطفياً بالحسم، والقدرة على التعبير عن مشاعرهن بسهولة وثقة تامة بعواطفهن الخاصة، والقدرة على التكيف مع الضغوط النفسية ، وتكوين علاقات إنسانية عديدة، وعند وصول الإنسان إلى مستويات مرتفعة من المعرفة، والذكاء العاطفي، يصبح أكثر مهارة ومرونة في كافة أنشطته المتنوعة.
مكونات ومجالات الذكاء العاطفي
يتكون الذكاء العاطفي من العواطف الأخلاقية، ومهارات التفكير الواقعي والسلبي والإيجابي، ومهارة حل المشكلات، والمهارات الاجتماعية، ومهارات الإنجاز، والعواطف. وتقسم مجالات الذكاء العاطفي إلى خمسة مجالات هي: معرفة الإنسان لعواطفه الخاصة، وإدارتها، وتحفيز النفس، ومعرفة عواطف الآخرين وفهمها، وتوجيه العلاقات الإنسانية . حيث تساعد مكونات ومجالات ومهارات الذكاء العاطفي الفرد على تمييز سلوكياته الإيجابية والسلبية للوصول إلى مهارة حل المشكلات، وتحقيق النجاح في شتى مناحي الحياة.
فسيولوجية الذكاء العاطفي
في اللحظة التي يصل بها الإنسان إلى الوعي بعواطفه وانفعالاته الخاصة، يتم تفعيل منطقة الوعي في القشرة الدماغية الأمامية، فالدماغ هو المسؤول عن تنظيم وظائف الجسم كافة، وهو المتحكم الرئيسي بمشاعر الإنسان وسلوكياته، ومصدر الإبداع لديه، وعند تعرض الإنسان لمحنة أو موقف يثير انفاعلاته العاطفية يتم التفاعل ما بين القلب والعقل لتنظيم مشاعره وإدارتها، والعمل على تحفيز الشبكات العصبية لتحكم في نزعات الإنسان الشعورية، حسب ما يعرف بنظرية المناعة النفسية العصبية، كما يتم تخزين الذكريات العاطفية داخل مركز التحكم العاطفي في الدماغ، وإدارة العواطف الإنسانية والتحكم بها.
أساليب تنمية الذكاء العاطفي
نظراً لأهمية الذكاء العاطفي في تنظيم وتوجيه المشاعر الإنسانية الذاتية، ولعبه دوراً أساسياً في تقوية العلاقات الاجتماعية بين الناس، فإن من المفيد معرفة بعض طرق تنمية الذكاء العاطفي وتطويره لدى الفرد، ويمكن ذلك من خلال تعلم ضبط المشاعر والانفعالات الشخصية للإنسان، وعدم الحكم عليها ورفضها، فيتقبل الإنسان عاطفة الحزن لديه ولكن مع ضبط جماح نفسه لكي لا يسمح لمشاعره بجره نحو الخطأ، وتتم تنمية الذكاء العاطفي من خلال الإصغاء إلى الجسد، فألم البطن أثناء البدء بامتحان أو مقابلة عمل يدل على التوتر أو الرهبة والخوف، وتزايد نبضات القلب عند مقابلة شخص من الجنس الآخر يعبر عن وجود عاطفة الحب والإعجاب لدى الفرد، ويجب على الإنسان مراقبة شعوره يوماً بعد يوم، وفي الظروف والمواقف المختلفة، وتدوين الأفكار والمشاعر التي تخالجه وتسيطر عليه، فكتابة المشاعر السلبية يخفف من وطأتها على النفس، ويساعد على التخلص منها بسرعة، وتجنب تضخيمها من قبل الذات لاإرادياً.