إسهامات العلماء المسلمين في الحضارة الإسلامية
إسهامات العلماء المسلمين في الحضارة الإسلامية
أسهمت الحضارة الإسلامية في تقدم البشرية فقد أبدعت في مختلف العلوم والميادين وربطت بين العلم الديني والعلم الدنيوي وسنذكر بعض هذه المجالات فيما يأتي:
في مجال الطب
برز كثيرٌ من العلماء المسلمين في علم الطب؛ حتى أنهم ألفوا كثيراً من الكتب التي تُرجمت إلى كثيرٍ من لغات العالم، ومن أهم تلك الكتب: القانون في الطب لأبي علي الحسن بن سينا، وقد اشتمل كتابه على عدة مواضيع علمية، منها علم وظائف الأعضاء، وعلم الصحة، وعلم الأمراض، وكتاب الشامل في الطب لابن النفيس، ومن أهم منجزاته: اكتشاف الدورة الدموية، وتنقية الدم في الرئتين.
في مجال علم الاجتماع
اهتم العلماء المسلمون بعلم الاجتماع وبرز في هذا العلم العلامة عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، وهو مؤسس علم الاجتماع وأشهر مؤلفاته كتاب "العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر".
في مجال الفلك والجغرافيا
تعمق العلماء المسلمون في هذين المجالين، وطوروهما فعرفوا المواقيت الزمانية والمكانية وحددوا اتجاه القبلة، ودرسوا حركة الأجرام السماوية والعلاقة بين المد والجزر، ومن العلماء الذين تخصصوا في ذلك: البتاني وهو أحد العلماء المشهورين برصد الكواكب، وأبو الحسن الشيرازي ومن مؤلفاته صور الكواكب الثابتة والعمل بالإسطرلاب.
في مجال العمارة
أبدع المسلمون في فن العمارة، وبناء المدن والمساجد، والقلاع، والحصون، وقد راعَوا في الأبنية خطر الاهتزازات الأرضية والزلازل، وهذا أدى إلى صمود قصر الحمراء الأندلسي، ومن روائع البناء ساحة الأُسُود في القصر وعددها اثنا عشر أسداً من الرخام الجميل يخرج من أفواهها الماء بالتتابع بحسب ساعات النهار والليل وفق نظام معماري متقدم.
في مجال الإنجازات العلمية
توالت إنجازات العلماء المسلمين في شتى المجالات فكانت اكتشافاتهم بداية عصر النهضة ف عباس بن فرناس على سبيل المثال المهندس والفلكي أول من قام بمحاولة الطيران في التاريخ، واكتشاف عدسات تصحيح البصر وقلم الحبر والساعة المائية، وازدهرت بذلك الحضارة الإسلامية لأنها احترمت العقل ودوره في البحث والمعرفة والاكتشاف، واهتمت بالعلم والعلماء ورفعت من شأن العلماء وقدرهم، ودعت إلى اكتساب القيم الأخلاقية، وجمعت بين العمل في الدنيا والجزاء في الآخرة، واهتمت بالترجمة وشجعت على تعلم اللغات، فكانت حضارة متكاملة تجمع بين الجانب المادي والمعنوي المتصل بالأخلاق والقيم.
مكونات الحضارة الإسلامية
تتكون الحضارة الإسلامية من عدة أمور أسهمت في بنائها، نُجملها فيما يأتي:
- حضارة إيمانية
تقوم الحضارة الإسلامية على مبدأ الإيمان بالله -تعالى-، والتزام القيم الأخلاقية، وتعتبر وجود الإنسان لهدفين هما: عبادة الله -تعالى- (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ، وإعمار هذا الكون.
- حضارة إنسانية
تُعنى بالإنسان في كل زمان ومكان سواء أكان داخل المجتمع الإسلامي أم خارجه، فهي لا تنظر إلى الإنسان على أساس الدين أو العرق أو الجنس أو اللون أو اللغة إنما تعتبر أن أصل البشرية واحد، فميزان التفاضل هو التقوى قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) ، فالإنسان في ظل الحضارة الإسلامية يتساوى مع غيره في الحقوق وأداء الواجبات.
- حضارة وسطية
تمتاز الحضارة الإسلامية بالوسطية والاعتدال في التصور والفكر والتوجه؛ لقوله -تعالى-: (وَكَذلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)، ثم وازنت الحضارة الإسلامية بين العمل في الدنيا والعمل للآخرة قال -تعالى-: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّـهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّـهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ).
- حضارة علمية
الحضارة الإسلامية حضارة المعرفة واحترام العقل والبحث والاكتشاف ومصداق ذلك أن أول آية نزلت هي قوله -تعالى-: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) ، وفي كثير من الآيات رفعت من شأن العلماء قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) .