ولا تتبعوا خطوات الشيطان
معنى (ولا تتبعوا خطوات الشيطان)
منذ بدء الخليقة والشيطان يوسوس للإنسان ويقوم بإغوائه لفعل ما هو مخالف لتعاليم الدين الإسلامي، وقد ورد العديد من المواضع في القرآن الكريم التي تنهى عن اتباع الشيطان، فقد قال الله تعالى:(ولا تتبعوا خطوات الشيطان) أي لا تتبعوا طاعته، ولا تعملو بها، فهي ذنوب لكم، وطاعة للخبيث.
وقد ذكر قتادة (كل معصية دئه فهي من خطوات الشيطان)، و قال عكرمة (هي نزغات الشيطان)، فلا بد من التنوية أن اللفظ عام في كل مسالك السيطان ووسائله وطرائقه لضلال الإنسان ودعوته إلى المعاصي وكل ما هو دون السنن والشرائع والأفعال الحسنة، وكل ما هو حلال طيب.
بعض صور خطوات الشيطان ومسالك غوايته
تتعدد الوسائل والطرق التي يسعى إليها الشيطان لغواية الإنسان وإبعاده عن طريق الهداية، وفيما يلي بيان لبعض منها:
تحريم ما أحل الله عز وجل
قد يأتي الشيطان الإنسان من جانب الورع والزهد، فيجعله يحرم على نفسه أمورًا أحلها الله له؛ مما يشعر الإنسان بالعسر في عيشه، فهذه تعتبر من خطوات الشيطان وأحد سبل إغوائه للإنسان فعن ابن مسعود-رضي الله عنه- أنه أتى بضرع أي صغير الشاة أو الإبل، وأتي بملح وبدأ بالأكل منه، فعتزل رجل من القوم، فقال ابن مسعود: ناولوا صاحبكم، فقال: لا أريد. فقال: أصائم أنت؟ قال: لا، قال: فما شأنك؟ قال: حرمت أن آكل ضرعًا أبدًا؛ فقال ابن مسعود: هذا من خطوات الشيطان، فأطعم وكفر عن يمينك.
وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- في إحدى خطبه من اتباع خطوات الشيطان حيث قال:(ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا..كل مال نحلته عبدا حلال وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم)، وهذا تأكيدًا على أن تحريم من أحل الله ما هي إلا من أفعال الجاهلية والتحذير من اتباع هذه الوسيلة الشيطانية.
الإيحاء بالمعصية والكفر في تحليل ما حرم الله
يختص الشيطان بالوسوسة لأولياءه بما يصد عن سبيل الله تعالى، ودليل ذلك قوله تعالى:(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ)، فيراد من هذه الوسوسة الجدال بالباطل، والصد عن دين الله.
ومما أوحاه الشيطان لأولياءه في باب الأطعمة، أن الميتة التي حرمها الله أكلها أول مما يذبحه الذابح لأن ذبح الله أولى من ذبح العبد؛ ولك هذا في الحقيقة ما هي إلا وسوسة واتباع لخطوات الشيطان، ودليل ذلك جدالهم عندما قالوا:(يا محمد، أمّا ما قتلتم وذبحتم فتأكلونه، وأمّا ما قتل ربُّكم فتحرِّمونه)؛ فأنزل الله قوله تعالى:(وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ).
تسمية المحرمات بغير اسمها
إن من مكائد الشيطان أن يسحر العقل حتى تتحق مكائده، فعندما حرم الله تعالى على آدم الأكل من الشجرة لم يطمع في الأكل منها حتى جاءه الشيطان يوسوس له ويغره بتعير اسم هذه الشجرة إلى شجرة الخلد ودليل ذلك قوله تعالى:(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى)، وكذلك الحال مع بني آدم فإن الشيطان يزين لهم ما حرمه الله لتزينه للأنفس.
وقد ظهرت الكثير من الأمثلة على هذه الوسيلة في حياتنا اليومية،فنسمع أن الربا يسمى بأسماء أخرى، والاختلاط والتبرج بحرية المرأة، الخمر وغيرها من الأمور التي حرمها الله على عبادة.