أين ذهب يهود بني النضير عندما أجلاهم الرسول من المدينة
جلاء يهود بني النضير من المدينة
أين ذهب يهود بني النضير بعد الجلاء؟
تصالح يهود بني النّضير مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على الخروج من أرضهم، واشترط عليهم رسول الله أن يأخذوا مقداراً معيناً من أموالهم وممتلكاتهم، وما يتبقّى يتركونه للمسلمين، ثمّ تفرّق اليهود تاركين خلفهم أراضيهم وممتلكاتهم، فمنهم من توجّه إلى خيبر ومنهم من ذهب إلى الشّام، وكانت الأرض التي تركوها هي أفضل ما غنمه المسلمون منهم، حيث قسّمها رسول الله بين المهاجرين.
فصار للمهاجرين مُلكاً ينتفعون به، واستغنوا بذلك عن مساندة الأنصار ومساعدتهم لهم، أمّا من آمن من يهود بني النّضير فقد بقوا مع المسلمين في المدينة وعاشوا معهم، وكان ذلك الإجلاء أوّل حشرٍ في الدّنيا، ونزلت فيهم سورة الحشر، ولذلك قيل إنّ الشّام هي أرض المحشر.
سبب إجلاء الرسول ليهود بني النضير
خاض المسلمون ضدّ قريش غزوة بدر وانتصروا عليهم، فقام شاعِر بَني النّضير كعب بن الأشرف يُلقي شِعْره الذي يُحرّض فيه قريش على المسلمين، ثمّ ذهب إلى مكّة يرثي من قُتل من كفار قريش، فوقع ذلك في نفوس المسلمين وأرادوا النّيل منه، فأمر رسول الله بقتله، كما قام زعيم بني النّضير سلام بن مشكم بإيواء أبي سفيان، وإفشاء أسرار المسلمين له، ثمّ بعد ذلك وقعت غزوة أُحد التي سبّبت الخسائر للمسلمين، وبدأت القبائل تتعرّض لهم، فاجتمعت هذه الأسباب ودفعت بني النّضير للبدء في التّخطيط من أجل التّخلُّص من رسول الله، واتّفقوا مع زعيم المنافقين عبد الله بن أبيّ على ذلك.
وكان رسول الله قد أرسل رجاله إلى نجد من أجل الدّعوة إلى الإسلام، فلقيهم عامر بن الطّفيل زعيم بني عامر، فقتلهم ونجا منهم عمرو بن أميّة الضمري الذي التقى برجلين من بني عامر أثناء عودته فقتلهما، ولم يكن يعلم أنّهما يملكان كتاب عهد من رسول الله، فوجبت عليه الديّة لهما، فذهب رسول الله إلى بني النّضير يطلب منهم الإعانة في دفع الدّية، فأظهروا له الاستعداد في تقديم العون، لكنّهم تآمروا فيما بينهم لمّا جلس رسول الله إلى جانب الحائط أن يُلقوا على رأسه صخرة ليتخلَّصوا منه، وكان مع رسول الله نفر من أصحابه.
فعلم رسول الله بمؤامرتهم، فأوهمهم بالقيام لقضاء بعض حاجاته وترك أصحابه وعاد إلى المدينة، فلمّا تأخر بالرّجوع علموا أنّه قد كشف مخططهم، وأرسل لهم أمراً بالخروج من المدينة، لكنّ المنافقين قالوا لهم أن لا يخرجوا، وأنهم معهم وفي حمايتهم، فرفض بنو النّضير الخروج مستعينين بالمنافقين وبما يعيشون به من القلاع والحصون التي تحميهم، ولو سكت النبيّ عليهم لكان في سكوته القضاء على الدولة الإسلاميّة ومن فيها من المسلمين، فتجهّز رسول الله وصحابته، وخرج إليهم فحاصرهم عشرين ليلة استنفذ فيها اليهود قواهم، ولمّا يئسوا من تراجع رسول الله عنهم استسلموا له، وكان ذلك في السنة الرابعة من الهجرة.
من هم يهود بني النضير؟
كانت بنو النضير قبيلة من أقوى قبائل اليهود التي تسكن المدينة المنورة، يملكون حصوناً منيعة، ويظنون أنّها تحميهم من أيّ اعتداءٍ خارجي، وكان يهود بني النّضير قد أظهروا عداوتهم لرسول الله منذ قدومه إلى المدينة المنوّرة، وسكن يهود بني النّضير في يثرب، واختاروا الجهة الشرقيّة منها لشدّة خصوبة تربتها، ووقوعها على الطرق التجارية، كما تعدّ بنو النّضير ثاني طائفة ينقضون عهدهم مع رسول الله من طوائف اليهود ، وذلك بقيادة حُيي بن أخطب.