شروط الجمع والقصر للمسافر
شروط متعلقة بالسفر
إنّ من الرّخص التي وضعها الشارع للتخفيف على عباده؛ رخصة القصر في الصلاة ، وقد نصّ الفقهاء عدة شروط للقصر، منها ما يتعلق بالسفر وهي كما يأتي:
بلوغ المسافة المحددة شرعاً او الزيادة عنها
من شروط قصر الصلاة في السفر بلوغ المسافة التي حدّدها الشرع، أو الزيادة عليها، والمسافة التي تقصر في الصلاة أربعة بُرد، والذي دلّ على ذلك ما جاء في الحديث الصحيح أنه: (كان ابنُ عباسٍ وابنُ عمرَ يقصرانِ ويفطرانِ في أربعةِ بُردٍ وهي ستةَ عشرَ فرسخًا)، وتُقدر الأربعة بُرد بما يُقارب ثمانين كيلو متراً.
مفارقة مكان الإقامة
يُشترط للقصر في الصلاة مُفارقة مكان الإقامة، فما دام المسافر في بلاده فلا يجوز له القصر في الصّلاة، فمن كان في بلاده ومكان إقامته، ودخل وقت الصلاة عليه وهو فيها؛ وجب عليه أداء الصلاة تامّةً، ولا يجوز له القصر.
ألا يكون سفر معصية
اشترط الفقهاء أن يكون السفر من غير معصية؛ ورُوي هذا القول عن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس -رضي الله عنهم-؛ وذلك لأنّه لا يجوز تعليق الرّخص بمعصية؛ لكونه مُعيناً عليها.
وذهب الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- إلى جواز الأخذ برخصة القَصر في مثل ذلك، فلا يُشترط أن يكون سفراً مباحاً؛ لأنّ حكم القصر متعلق بالسفر مهما كان هدف المسافر، لقول الله -تعالى-: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا)، ووافقه في هذا القول ابن تيمية وابن عثيمين -رحمهم الله-.
ألا ينوي الإقامة لأربعة ليالي أو أكثر
ومن شروط القصر في السفر أن لا يعزمَ المسافر على الإقامة في البلد التي سافر إليها أكثر من أربعة أيام، وهو قول جمهور أهل العلم ، وإذا كان المسافر لا يعلم المدّة التي سيقيم فيها إن كانت أربعة أيام أو أكثر فله أن يقصر الصلاة أيضاً، فإن كان يعلم أنّه سيقيم أكثر من أربعة أيام فلا يجوز له القصر.
شروط متعلقة بكيفية الصلاة
ولأن السفر مَظنّة المشقة تعلّقت به الرخص؛ فيُعرف السفر بأنّه قطع المسافة من بلاد إلى أخرى، وهناك عدّة شروط تتعلّق بقصر الصلاة في السفر، وتتعلق بكيفية الصلاة، وهي كما يأتي:
النية
من شروط جمع الصلاة في السفر التي نصّ عليها الفقهاء النية؛ ويقصد بذلك نية الجمع للصلاة، وموضع النية هو أوّل الصلاة الأولى وحتى السّلام، وقد تعددت آراء الفقهاء في تعيين نية الجمع للصلاتين على أقوال عدّة.
وقيل إنّ أصح هذه الأقوال أنّ النية لا تُعد شرطاً عند البدء بالصلاة، ويجوز الجمع بعد الانتهاء من الصلاة الأولى، في حال كان وجود الشرط الذي يتطلب الجمع، كالمطر، أو الخوف، أو المرض، أو غيره من مسببات المشقة التي قد تَلحق بالمصلّي إذا ترك جمع الصلاة.
الترتيب
ويُقصدُ بهذا الشرط تقديم الصلاة الأولى على الصلاة الثانية؛ لأن الصلاة الثانية تبعٌ للأولى، لذلك وجب الترتيب بينهما، إلّا في حال خاف المصلّي من فوات الصلاة الحاضرة، فيُصليها، ثم يأتِ بالصلاة الأولى، ومثال ذلك جمع التأخير لصلاة الظهر مع العصر، وكان وقت العصر قد أوشك على الانتهاء، فلا وقت فيه للترتيب، فالأولى أداء صلاة العصر لكي لا يفوت وقتها، ثم تُصلّى الظهر.
الموالاة
ويُقصد بشرط الموالاة في قصر الصلاة، أن يُؤدّي المصلّي الصلاتيْن مُتتابعتيْن، فلا يجعل بينهما فرقاً لوقتٍ طويلٍ، إنما يجب على المصلي أن يؤدّي الصلاة الثانية فور انتهائه من الأولى، وقد تعددت آراء الفقهاء في هذا الشرط وقيل إنّ أصح الأقوال هو وجوب الموالاة بين الصلاتين في جمع التقديم، وإن وقع بينهما فاصل زمني يسير.
وذلك لما جاء في صحيح البخاري من قول رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (وصَلُّوا كما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)، على أن يكون الفصل بينهما يسيراً كما هو معروفٌ للناس، أما في جمع التأخير فالأفضل فيه هو الموالاة، مع أنّ جمع التأخير فيه سعةٌ أكثر؛ لكون الصلاة الثانية تؤدّى في وقتِها، إلَّا أنّ الأفضل في ذلك هو الاقتداء برسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم- بأدائه للصلاة متواليةً.