نشأة الفلسفة الوجودية
نشأة الفلسفة الوجودية
تعود جذور مصطلح الوجود في الفلسفة إلى الحضارة اليونانية ، فحسب التعريف الأرسطي للفلسفة الأولى أنها علم الوجود بما هو موجود، وسمى شارحوه هذا العلم بالميتافيزيقا، وبذلك تكون دراسة للوجود الخالص منطقيًا فالوجود هو الصفة الأولى الملازمة للأشياء عند دراستها، وكأنه يشير إلى كونه شرطاً أساسياً، ولكن الفلسفة الوجودية تطورت في العصور الحديثة وأخذت طابعًا مختلفًا.
وتعرف الفلسفة الوجودية في العصور الحديثة على أنها تيار لا عقلاني ظهر كرد فعل على الأزمة الفكرية التي عانتها أوروبا في العصور الحديثة، وتحديدًا الليبرالية الأوروبية، فحاولت أن تغير وجهات النظر حول الحياة، وأول من صاغ مصطلح الفلسفة الوجودية هو الفيلسوف الكانطي، ف. هاينمان، وتم إضافته على المعاجم والموسوعات الفلسفية.
الفلسفة الوجودية عند سورين كيركيغارد
ويعد مؤسسًا للتيار الفلسفي الوجودي المؤمن، واعتقد بأن الوجود الإيماني أعلى أشكال الوجود، وعلى الرغم من تزامن وجود كيركيغارد مع التيارات الوجودية الجمالية، والوجودية الأخلاقية، إلا أن الوجود الإيماني نال شهرة واسعة كتيار فلسفي، وبالنسبة لكيركيغارد حمل مصطلح الأخلاق العديد من المعاني منها المجال الوجودي المحدود أو مرحلة معينة من الحياة الدينية، وهي أعلى مرحلة.
أما المعنى الثاني فيقصد به الجانب الديني المتعلق بالحياة الدينية، كما أن الواجبات لا يمكن تبريرها بناءً على ما هو متعارف عليه اجتماعيًًا، والمسيحية لا ترتبط بالمؤسسة الدينية فقط، وإنما مسألة شخصية، وذاتية لا يجوز أن يتدخل فيها رجال الدين، لذلك نلاحظ في كتب كيركيغارد هجومه على الطقوس الدينية الجماعية، وعرف الإيمان على أنه من مهمات الإنسان العليا والسامية.
فمن خلال الإيمان فقط يمكن للإنسان أن يكتشف ذاته الحقيقية، وتعريف الذات على أنها العمل الحياتي الذي لا يحكمه الفرد إلا بالانصياع لأوامر الإله، ويمكن القول أن فلسفة كيركيغارد عمومًا كانت رداً على هيمنة الهيغلية على المثقفين و الفلاسفة الغربيين ، لم تقبل بالنسق الفلسفي الهيغلي كتفسير للإنسان والعالم، والمُطلق.
الفلسفة الوجودية عند سارتر
يعد الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر عميد الفلسفة الوجودية الأوروبية، وجسد الكثير من أفكاره في العديد من الروايات والمسرحيات، والأساس الذي تقوم عليه فلسفته هو أسبقية الوجود على الماهية، ويقصد به وجود الإنسان في العالم المادي، وبذلك يرفض سارتر أي فكرة تحدد ماهية الإنسان، ومن هذا المنطلق رفض التصورات الدينية واللاهوتية.
ففي التصور الديني الإنسان خاضع لماهية محددة مسبقًا بغض النظر عن طبيعة الماهية، ومن هذا المنطلق سميت الفلسفة الوجودية عند سارتر بفلسفة الحرية، فالحرية هي المبدأ والقيمة الأساسية للإنسانية، وتتجسد من خلال الاختيار، فالإنسان يشكل ذاته من خلال اختياراته، وهذه المبادئ تناولها سارتر بالتفصيل في كتابه الوجودية مذهب إنساني.
ويترتب على الحرية المسؤولية الأخلاقية، فاختيار الإنسان واتحاذه لقراراته يترتب عليها أن يلتزم بتحمل مسؤوليتها، وبهذا الطرح تجاوز سارتر الحرية من منظور ميتافيزيقي وصاغها ضمن نسق إلنساني عملي.