أين تقع الموصل
الموصل
الموصل (بالإنجليزيّة: Mosul) هي مَدينةٌ عراقيّةٌ، وتعتبر مَركز مُحافظة نينوى التي تقع شمالَ العراق، وهي ثاني أكبر مَدينةٍ في العراق بعد بغداد. سُميَّت الموصل بذلك بِسببِ موقعها الاستراتيتجي الواصل بين الشمال والجنوب والشرق والغرب، كما أنها تصلُ بين ضفتي نهر دجلة لوقوعها عليه. مِنَ الألقابِ التي تُطلَق على الموصل هي أم الربيعين بسبب اعتدالِ طقسها في فصلي الخريف والربيع، والحدباء بسبب احتدابها عند المُرور بها، أو رُبّما يرجع ذلك لاحتدابِ مَنارة الجامع النوري.
موقع الموصل
تقع مدينة الموصل في الشمال الغربي من دولة العراق ، وتُمثِّل المَركز التجاريّ الرئيسيّ للجُزء الشمالي الغربي منها، وتقع المدينة القديمة على الضفّة الغربيّة من نهر دجلة، أمّا المدينة الحديثة فقد امتدّت إلى الضفة الشرقية كذلك من النهر، وتُحيط بالآثار الآشوريّة لمدينة نينوى، وتبعُد مدينة الموصل مسافة 362 كم إلى الشمال الغربي من مدينة بغداد. فلكياً، تمتدّ إحداثيات المدينة بين خط طول ′2 °36 وخط عرض ′7 °43.
مُناخ الموصل
تتمتّع مدينة الموصل بمُناخٍ مُعتدل مائل إلى الدفء؛ وذلك بسبب ارتفاعها عن مستوى سطح البحر الذي يصل إلى 223 متراً، وفي فصل الصيف تبلُغ درجات الحرارة أوجُها في يوليو وأغطس؛ حيث يبلُغ مُتوسّط درجات الحرارة في شهر يوليو 42.9 درجة مئويّة، أمّا في فصل الشتاء فتصل درجات الحرارة أدناها في شهري يَناير وفبراير؛ حيث يَصلُ مُتوسّط درجة الحرارة في شهر يناير إلى 2.2 درجة مئويّة، أما مُعدّل الهطول المطري فيصل أعلاه في شهر ديسمبر حيث يبلُغ 363.6 ملم.
تاريخ الموصل
تأسيس المدينة
تمتلك الموصل تاريخاً طويلاً يعود إلى ما قبل الميلاد؛ حيث تُشير المَراجعُ التاريخيّة إلى أنّ الآشوريين اتخذوا من مدينة نينوى إلى الغرب من الموصل عاصمةً لهم عام 1080 قبل الميلاد، وبنوا فيها أسواراً وقلاعاً، وفي عام 612 قبل الميلاد خضعت نينوى لحُكم الميديون والكلدانيون بعد مَعركةٍ دَمّرت المدينة، وبعد انتهاء المَعركة عاد أهالي نينوى والموصل إليها، وبدأت تجارتهم تزدهر مع ازدياد هجرة القبائل العربيّة إلى منطقتي بلاد الرافدين وبادية الشام، وازدهرت عِمارتهم وبناؤهم، حتى احتلّت المدينة مركزاً مهمّاً.
اكتسبت الموصل اسمها من العرب كونها حلقة وصل بين طرق التجارة، وبين عامي 550-331 قبل الميلاد حَكمها الأخمينيون وبدؤوا بتوطين العرب والفرس فيها، ونظراً لمَوقعها بين حَضاراتٍ مُختلفة تأثّرت الموصل بالأحداث الجاريَة حولها؛ حيث دارت حروب بين الساسانيين والرومان عام 241م و579م قُربَ المدينة، وفي عام 627م دارت مَعركةٌ حاسِمةٌ بين الروم والفرس قُرب الموصل انتصرَ على إثرها الروم، وخَضعت المدينة لحُكمهم.
الفتح الإسلامي
في عام 637م فتح العرب المسلمون تحت قيادة ربعي بن الأفكل العنزي الموصل من خلال مُساعدة قبائل عربيّة كانت على حرب مع الروم ؛ حيث انسحبت هذه القبائل من تكريت إلى الموصل فظنّ الروم أن المسلمين انهزموا، وعند دخول القبائل إلى الموصل سَيطَروا على أبوابها، ودخلت بعدها جيوش المسلمين، وبعد فترة 4 سنوات ارتدّ سُكان المدينة عن الإسلام، وقامت على إثر ذلك حروب جديدة، لكنّها نجحت في فرض السيطرة عليها، وفي عهد الخلافة الإسلامية عُيِّنَ عتبة بن فرقد السلمي والياً على مدينة الموصل، وقام بتوطين قبائل العرب المسلمين من النمر، وتغلب، وإياد فيها، كما بنى بيتاً للإمارة الإسلاميّة، وبنى المَسجد الجامع؛ وهو أوّلُ جامعٍ للمسلمين في المدينة، وبقيَ حتى عام 543 هـ.
خِلال خلافة عثمان بن عفان ازدادَت هجراتُ العرب إلى الموصل بعد استقرارها، ومن القبائل العربيّة التي هاجرت إليها الأزد، وكندة، وطي، وعبد قيس، وفي عهد عرفجة بن هرثمة البارقي تَوسّعت المَدينة، وكثُرَ عمارها وتوسّع جامعُها، أمّا في عهدِ خلافة علي بن أبي طالب ازدادت الهجرة العربيّة إليها، وأصبحت المَدينةُ تمتلك تعداداً سُكانيّاً كبيراً.
العهد الأُمويّ والعباسيّ
في العهد الأُمويّ، توسّعت الموصل بشكل أكبر، وعمّرها الخليفة سعيد بن عبد الملك بن مروان ، وبنى فيها الحصون وسور، وبنى أرصفة من الحجارة، وبنى آخر الخلفاء الأُمويين، وهو مروان بن محمد جسراً فيها، وبنى أيضاً قلعة الموصل، وخلال هذه الفترة استمرّت هجرة القبائل العربيّة إليها، ومن القبائل التي هاجرت في هذه الفترة هي تغلب، وشيبان، وعنزة، وربيعة، وخزرج.
في عهد الدولة العباسيّة (132هـ -751هـ) كان محمد بن صول الفارسي هو الوالي العباسيّ عليها، فثار أهلُها عليه، فقام بفتكهم وتعرّضت المدينة للخراب، وعندما وصلت الأخبار إلى الخليفة السفّاح عَزَل محمّد الفارسي وعيّنَ عمّهُ إسماعيل بن علي بن العباس والياً فيها، فقام الأخير بإصلاحها، وتَحسين أحوالها واقتصادها، حتى إنّها أصبَحت مَركزاً اقتصاديّاً في عهدِ خلافة المهدي، الذي اهتمّ في خَدَماتها الداخليّة، ونظمّ طرقها، وأصلح زراعتها.
تتابُع الحُكم
بعد الحُكم العباسيّ توالى الحكُم على مَدينة الموصل من قِبَل عدة حضارات؛ حيث حَكَمها الحمدانيون في آخر القرن الثالث الهجريّ بعد دخولهم تحت الطاعة العباسيّة ، وفي عهدِهم ازدَهَرت تجارة الموصل، وأصبحت تُصدِّر السمن، والجبن، والسكر، والدقيق، والمن، وغيرها لبغداد، ثم حكمها العقيليون بين عامي 367 هـ - 489 هـ وأدّت الخلافات بين الأُمراء على حُكمها إلى تَراجع مُستواها.
في عهدِ السلاجِقة أصبحت المَدينة منفذاً للأتراك السلجوقيين وحَكموها 32 عاماً، وتعرّضت المدينة خلالها للعديد من الانتكاسات والخراب، وهُجِّرَ أهلها لكثرة الاضطرابات السياسيّة بين الأُمراء، وعلى الرُّغم من ذلك كانت المدينة مُتزعِّمةً للحُروب ضدّ الصليبيين ، وأخيراً وَقعت المَدينة تحت الحُكم الأتابكي حيث حكمها عماد الدين زنكي عام 521 هـ، وحُصِّنَت المدينة على يده، واهتمّ بها بشكلٍ كبير ووسّعها، وازدهرت بشكل كبير، وكان حكمه عادلاً، وفي عهد بدر الدين لؤلؤ كانت المَدينة في أوج ازدِهارها.
المغول والتتار
تحالف بدر الدين لؤلؤ في عام 631 هـ/ أكتوبر 1233م مع المغول ، وبدأ بإمدادهم بجميع ما يحتاجونه أثناء حصار أربيل، وساعدهم في حِصار بغداد، وعند وفاته تولّى الحكُم ابنه الملك الصالح إسماعيل عام 656هـ/1258م، وتغيرّ الحال؛ حيث عقد هُدنة مع المغول ثم طَرَدهم من الموصل، ونسّق أمور الحرب مع الظاهر بيبرس ضد المغول، فما كان من هولاكو إلا أن أرسَلَ جَيشاً من الفرس تحت قيادة صندغون المغولي، وعندما عَلِم بيبرس بالأمر أرسل جيشاً لنَجدَتِه، ودارت مَعركة بين الطّرفين في الموصل انتهت باستِسلام الملك الصالح إسماعيل ودخول المغول إليها عام 660هـ/1262م، ودُمِّرَت المدينة وقُتِلَ نصف سكانها، وفي عام 796هـ وَقَعت المَدينة تحت حكم تيمورلنك الذي أكملَ تدميرها، وبعدها ظَهرت دولة الخروف الأبيض ودولة الخروف الأسود في عام 810هـ، ثم انقرضت بسيطرة الصفويين على العراق بقيادة الشاه إسماعيل الصفوي.
الحكم العثماني
بعد الحُكم التركماني خَضَعت المَدينة للحُكم العثماني تحت سيطرت سليمان بن السلطان سليم العثماني، وعُيّن محمد باشا بكلربكي والياً عليها حتى وفاته عام 1730م، ثم حَكَمها ابنه حسين باشا الجليلي، وتعرّضت المدينة لمُحاولات سيطرة من قِبَل الصفويين عام 1734 لكنّهم فشلوا في دخول المدينة والسيطرة عليهم، واستمرّ الحكم العثماني للمدينة، وكانت عائلة الجليلي هي المُسَيطرة على الحُكم، وخلال تلك الفترة عانت المدينة من مجاعتين، هما "غلاء الليرة" عام 1878م، ومجاعة أُخرى في نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1917م والتي كانت نتيجة هزيمة العثمانيين في الحرب ضدّ الجيش الإنجليزي، الذين دخلوا المدينة عام 1918م دون أدنى مُقاومة بعد الهُدنة خلال حملة بلاد الرافدين.
العهد الحديث
في عام 1916م وُضِعت المَدينة تحت مَناطق النفوذ الفرنسي وفق اتفاقيّة سايكس بيكو ، وفي عام 1921م خضعت الموصل للحُكم الأهلي تحت الانتداب البريطاني، وكانت هنالك مُحاولات لضمّها لتركيا، لكِنّ أهالي الموصل رَفضوا ذلك، وبَقيَت المدينة تحت الحُكم الملكي الهاشميّ حتى قامت ثورة عام 1958م، وفي عام 2003م خَضعت المَدينة للاحتلالِ الأمريكي.
مَعالم الموصل
تضُمّ مدينة الموصل معالم وآثاراً وشواهد تاريخيّة عظيمة تدُلّ على الحضارات التي قامت على أرضها منذ قديم الزمن، ومن أبرز تلك المعالم:
- النمرود: هي الاسم الحالي للمدينة الآشورية "كالح" والتي كانت عاصمة الآشوريون الثانية، وذاع صيتُها في القرن الثالث قبل الميلاد في عهد الملك الآشوري شلمنصر الأول، وتضُمّ المَدينة مجسّمات للثيران ذات الأجنحة، وبقايا قصر آشور ناصربال الثاني، وفي عام 1980م عُثِرَ فيها على ثلاث مقابر ملكيّة تضُم كنوزاً وقطعاً ذهبيّة، وهي تقع على بُعد 34 كم جنوب الموصل.
- آشور: هي مدينة تاريخيّة تضُم منحوتاتٍ وآثاراً من عهد الملك الآشوري سنحاريب، إلى جانب منحوتات خنس، وهي مُتحف أثري طبيعي فيه آثار عالية جداً، وتقع المدينة على بُعد 110 كيلومترات جنوب الموصل.
- مئذنة الجامع النّوري: هي مِئذنة مائلة تُعرف باسم الحدباء، وتُعدّ من أشهر مَعالم الموصل ومن أقدم المآذن الموجودة في العالم الإسلامي أجمَع.
- سور نينوى القديم: هو سور المَدينة القديم، وأُعيدَ بناؤه مرّةً أُخرى، ويُعدّ هذا السور من بقايا مدينة نينوى الآشورية.
- معبد آلهة الشمس الآشوري.