نشيدة اسلمي يا مصر وشرحها ومناسبتها
شرح نشيدة اسلمي يا مصر
اسملي يا مصر؛ هو النشيد الوطني للدولة المصرية بين عاميّ 1923م وحتى 1936م، ألفه الأديب المصري مصطفى صادق الرافعي ، ولحّنه الموسيقار المصري صفر علي، ويبلغ عدد أبياتها عشرين بيتًا، والجدير بالذكر أن هذا النشيد ما زال يستخدم كونه النشيد الرسمي لكلية الشرطة المصرية.
شرح المقطع الأول
اسْلَمِي يا مِصْرُ إنني الفدا
ذِي يَدِي إنْ مَدَّتِ الدّنيا يدا
أبدًا لنْ تَسْتَكِيني أبدا
إنَّني أَرْجُو مع اليومِ غَدَا
وَمَعي قلبي وعَزْمي للجِهَاد
ولِقَلْبِي أنتِ بعدَ الدِّينِ دِيْن
لكِ يا مِصْرُ السلامة
وسَلامًا يا بلادي
إنْ رَمَى الدهرُ سِهَامَه
أتَّقِيها بفؤادي
يدعو الشاعر في الأبيات السابقة، لمصر بالأمن والسلام، ويصف نفسه بالفداء ويقدم يديه؛ للدفاع عن وطنه قبل أن تمتد أيدي الآخرين، وينفي بعد ذلك الشاعر عن وطنه الخضوع، ويتمنى حاضرًا طيبًا ومستقبلًا مشرفًا، ويعود ليؤكد حبه لوطنه واستعداده للدفاع عنه.
حبّ الوطن دين بعد الدين، ويرسل الشاعر سلامًا وتحية لبلاده؛ لينهي المقطع الأول مؤكدًا على حبه وإخلاصه لوطنه، الذي يحمله في فؤاده.
تنوعت الأساليب البلاغية واللغوية في المقطع الأول، ومن أبرزها:
- الأمر بغرض الدعاء: "اسلمي يا مصر".
- نداء بغرض التعظيم: "يا مصر".
- تأكيد إصرار الشاعر على التضحية بنفسه؛ من أجل الوطن: "إنني الفدا" و"ذي يدي".
- أسلوب يوحي بالأمل الأفضل: "إنني أرجو".
- تضاد: يقوي المعنى ويوضحه: (اليوم - غدا).
- تكرار: يدل على شدة حب الشاعر لوطنه: "لك يا مصر السلامة".
شرح المقطع الثاني
أنا مِصْريٌّ بناني من بنى
هرمَ الدَّهرِ الذي أَعْيا الفنا
وَقْفَةُ الأهرامِ فيما بَيْنَنَا
لِصُروفِ الدَّهرِ وَقْفَتي أنا
في دِفَاعِي وجِهَادِي للبلاد
لا أَمِيلُ لا أَمَّلُّ لا أَلِيْن
لكِ يا مصرُ السَّلامة
وسَلامًا يا بلادي
إنْ رَمَى الدهرُ سِهَامَه
أتَّقِيها بفؤادي
يؤكد الشاعر على هويته وانتمائه لأرضه، واستعداده لبذل الغالي والنفيس من أجله، فهو كالأهرام صامد لا يميل ولا يلين على مر الزمن.
وعلى غرار المقطع الأول، تنوعت الأساليب اللغوية والبلاغية في المقطع الثاني، ومن أبرزها:
- تأكيد إصرار الشاعر على التضحية بنفسه؛ من أجل الوطن: "في دِفَاعِي وجِهَادِي للبلاد".
- تكرار يدل على شدة حب الشاعر لوطنه: "لك يا مصر السلامة".
شرح المقطع الثالث
وَيْكَ يا مَنْ رَامَ تَقْييدَ الفَلَكْ
أي نَجْمٍ في السَّما يَخْضَعُ لَكْ
وطنُ الْحُرِّ سَمًا لا تُمْتَلَك
والفتى الحرُّ بِأُفْقِهِ مَلَكْ
لا عَدَا يا أرضَ مِصْرٍ بِك عَاد
إنَّنا دُونَ حِمَاكِ أجمعين
لكِ يا مصرُ السَّلامة
وسلامًا يا بلادي
إنْ رَمَى الدهرُ سِهَامَه
أتَّقِيها بفؤادي
يذكر الشاعر إنجازات المصريين القدماء، في مجال الفلك؛ ليقول: إنّ من قام بتقييد الفلك قادر على أن يخضع أيًّا كان له، ويؤكد على حرية وطنه وحريته.
إن أبرز الأساليب البلاغية، واللغوية الذي تضمنها هذا المقطع:
- تأكيد إصرار الشاعر على التضحية بنفسه؛ من أجل الوطن: "إنَّنا دُونَ حِمَاكِ أجمعين".
- تكرار؛ يدل على شدة حب الشاعر لوطنه: "لك يا مصر السلامة".
شرح المقطع الرابع
للعُلا أبناءَ مِصْرٍ للعُلا
وبِمِصْرٍ شَرِّفُوا المستقبلا
وَفِدًا لِمِصْرِنا الدُّنيا فلا
نَضَعُ الأَوْطَانَ إِلا أَوْلًا
جَانِبى الأَيْسَرُ قَلْبُه الفُؤَاد
وبِلادِي هِيَ لِي قَلْبِي اليَمِين
لكِ يا مصرُ السَّلامة
وسلامًا يا بلادي
إنْ رَمَى الدهرُ سِهَامَه
أتَّقِيها بفؤادي
يؤكد الشاعر في هذا المقطع على علو أبناء بلده، وأنهم يحملون الوطن في قلوبهم، وينبض بحبهم، ويرسل سلاما لبلاده، ويدعو لها، ويؤكد أنه سيفديه دائمًا بفؤاده.
إن الأساليب البلاغية، واللغوية، التي تتضمنها المقطع الرابع هي:
- استثناء؛ بغرض التوكيد: "فلا نَضَعُ الأَوْطَانَ إِلا أَوْلًا".
- تكرار؛ يدل على شدة حب الشاعر لوطنه: "لك يا مصر السلامة"، "وبِلادِي هِيَ لِي قَلْبِي اليَمِين".
معاني مفردات نشيدة اسلمي يا مصر
تميزت لغة القصيدة، بالبساطة القريبة من القارئ، والتي لرتحمل في طياتها معاني الوفاء، والحب والإخلاص للوطن والأرض، وفيما يلي، بيان لمعاني بعض المفردات التي جاءت في القصيدة:
المفردة | المعنى |
اسْلمي | من السلم: أي الأمان والصلح، خلاف الحرب. |
الفدا | الفداء والتضحية بالنفس والمال وغيره. |
ذي | اسم إشارة للمفردة المؤنّثة القريبة، يرد بـ (ها) التنبيه وبدونها. |
أبدا | دائمًا. |
لن تستكيني | لن تذلي وتخضعي. |
أرجو | آمل. |
عزمي | الوفاء بالعهد. |
الجهاد | قتال العدو. |
السلامة | الأمن. |
الدهر | الزمن، وجمعه: أدهار وأدهر ودهور. |
سهام | الهموم. |
أتقيها | أحذرها وأتجنبها. |
حين | وقت، وهو مدة طالت أو قصرت. |
أَعْيا | أتعب. |
رام | أقام |
أفقه | علمه. |
العلا | الرفعة والشرف. |
الصور الفنية في نشيدة اسلمي يا مصر
احتوت نشيدة اسلمي يا مصر: عدة صور فنية مثلت مواطن جمال، وعبرت عن عاطفة الشاعر الصادقة، في حبه وإخلاصه لوطنه، وفيما يلي نستعرض أبرزها:
- "اسلمي يا مصر"
شبه الشاعر مصر بإنسان يناديه ويدعو له.
- "إن مدت الدنيا يدا"
شبه الشاعر الدنيا إنسانًا يمد يده، ويحاول الاعتداء على وطنه.
- "لك يا مصر السلامة"
شبه الشاعر مصر، إنسانا يناديه، ويدعو له بالسلامة.
- "رمى الدهر سهامه"
شبه الشاعر الدهر إنسانا، يصوّب سهامه ويرميها.
- "ألقيتها بفؤادي"
شبه الشاعر قلبه وفؤاده، بوسيلة يحمي فيها وطنه، وهذا دلالة على استعداد الشاعر للتضحية بنفسه.
- "هرمَ الدَّهرِ الذي أَعْيا الفنا"
شبه الشاعر الهرم، بإنسان أعيا الدهر.
- "وَقْفَةُ الأهرامِ فيما بَيْنَنَا"
شبه الأهرام، بإنسان يقف صامدًا لا يميل، ولا يلين أبدا.
الأفكار الرئيسة في نشيدة اسلمي يا مصر
تتلخص الأفكار الرئيسة في نشيدة: اسلمي يا مصر فيما يلي:
- يدعو الشاعر لمصر، بالسلام والأمان من غدر الأعداء وكيدهم، ويؤكد لها أنه دائمًا فداها، ويداه دائمًا، سباقة للعون والدفاع عنها.
- يتمنى الشاعر لمصر، حاضرا طيبًا ومستقبلًا مشرفًا، ومصر لن تذل ولن تستسلم ولن تخضع، مهما طال الزمن.
- حب مصر، يأتي بعد حب الدين والله.
- سلمت يا مصر من الأعداء، وتحية لك يا بلادي.
- أفديك بروحي، وقلبي ودمي يا مصر؛ إذا أصابك الدهر بمصائب وهموم.
- سلمت يا مصر، في كل وقت وحين.
- ستبقى مصر، شامخة صامدة، لن تميل، ولن تنيل.
مناسبة نشيدة اسلمي يا مصر
تطورت الحركة الوطنية القومية؛ لتتمثل في كيان الزعيم، و القائد المصري سعد زغلول ، فتطورت؛ تبعا لذلك فكرة النشيد القومي الوطني عند الرافعي، فرأى رؤيا في منامه، وأصبح في اليوم التالي، وألف نشيده: "اسلمي يا مصر"، والجدير بالذكر أنّ الرافعي، لم يكن همه أن يجعله نشيدا وطنيًا.
إنما كان القصد، أن يجعله بيانًا رمزيًا على لسان قائد الثورة: سعد زغلول، إذ يقول الرافعي في خطابه، إلى سعد، في جبل طارق: "وما أردت بإظهار نشيدك إلا أن تظهر في كل فرد من الأمة على قدر استعداده، ويبقى اسمك الجليل، مع كل مصري على الدهر؛ ليكون مصدرًا من مصادر إمداده".
يضيف الرافعي في خطابه إلى سعد: "ويقولون: إنه نشيد يقربك من الأجيال الآتية، وأنا أقول: إنهم هم يتقربون به إليك، ويجدون منه الوسيلة؛ لتقبيل اسمك المحبوب، إذ لا يستطيعون مثلنا تقبيل يديك، إنه الرجل الذي خطّ قلم الأزل كتاب نهضته الكريمة، واختاره الله للأمة، كما اختار الأنبياء، ألا إنه نبيّ الفكر والعزيمة."