نشأة نظرية النشوء والارتقاء وتطورها
نشأة نظرية النشوء والارتقاء وتطورها
تطورت نظرية النشوء والارتقاء على مر الزمن، حيث قام عدد من العماء بدارستها، وفيما يأتي توضيح لتطورها بين مختلف العلماء:
أناكسيماندر وإمبيدوكليس
ظهرت المفاهيم التطورية لأول مرة في الكتابات اليونانية المبكرة؛ مثل أعمال أناكسيماندر وإمبيدوكليس؛ حيث اقترح أناكسيماندر أنّ الحيوانات يُمكن أن تتحول وتطور من نوع إلى آخر، واقترح إمبيدوكليس بأنّها يُمكن أن تتكون من مجموعات مختلفة من أجزاء موجودة مسبقًا، إلا أنّ النظريات التطورية مُنعت لمدة 15 قرنًا، بسبب تأثير الكنيسة الذي رأي النظريات هذه على أنّها تحدٍ للإيمان بالخلق.
بيير لويس مورو دي موبيرتوس
أدى نمو الملاحظة العلمية والتجريب إلى ظهور بعض نظريات التطوّر منذ منتصف القرن الـ16، وعلى الرغم من أن فكرة التقدم البشري كانت مركزية في عصر التنوير في القرن الـ18؛ إلّا أنّها لم تَصب في مفهوم نظرية التطور والارتقاء، فقد اقترح بيير لويس موريو دي موبرتيس نظرية التوليد والانقراض التلقائي للكائنات كجزء من نظريته عن الأصول؛ إلّا أنّه لم يقترح نظرية التطور.
جورج لويس لوكلير وإيراسموس داروين
أخذ جورج لويس لوكلير؛ عالم الطبيعة البارز في ذلك الوقت؛ بعين الاعتبار احتمالية انحدار العديد من أنواع الكائنات الحية من سلف مشترك، وقدّم الطبيب إيراسموس داروين، جد العالم تشارلز داروين، بعض التكهنات التطورية في كتابه زونوميا (Zoonomia) إلا أنّها أيضًا لم يكن لها تأثير حقيقي على نظرية التطور والارتقاء.
كارولوس لينيوس
أظهرت ملاحظات العالم كارولوس لينيوس للاختلافات بين الأنواع ميلًا نحو قدرة الأنواع على التحوّر والتطوّر، ومن الجدير بالذكر أنّ كارولوس لينيوس هو عالم النبات السويدي الذي ابتكر النظام الهرمي لتصنيف النبات والحيوان، الذي لا يزال مستخدمًا حتى اليوم في شكله الحديث.
جان بابتيست لامارك
قدّم عالم الطبيعة الفرنسي جان بابتيست لامارك في أوائل القرن الـ19 نظرية تطورية واضحة عُرِفت لاحقًا باسم "وراثة الخصائص المكتسبة"، وعلى الرغم من أنّها ساهمت في القبول التدريجي للتطور البيولوجي، وفي تحفيز الدراسات اللاحقة؛ إلّا أنّها كانت محط سخرية في ذلك الوقت، وقد دُحضت تمامًا في القرن الـ20.
تشارلز داروين
يُعد تشارلز داروين مؤسس نظرية التطور الحديثة ، حيث نُشرت الطبعة الأولى من كتابه "حول أصل الأنواع" في عام 1859م، ودرس عالم الطبيعة ألفريد والاس أيضًا فكرة الانتقاء الطبيعي بشكل مستقل في ذات الوقت، واختلفت وجهة نظر ألفريد عن وجهة نظر داروين؛ إذ لم يعتقد ألفريد أنّ الانتقاء الطبيعي كان كافياً لتفسير أصل الإنسان؛ بل كان يرى أنّ التدخل الإلهي كان حتميًا.
جريجور مندل
وضع عالم الوراثة جريجور مندل الحلقة المفقودة في نظرية داروين التطورية؛ والتي تتمثل بالفجوات في تفسيرات آلية التطور وأصل الأنواع، إذ أجرى مندل سلسلة طويلة من التجارب على البازلاء في حديقته، صاغ من خلالها المبادئ الأساسية لنظرية الوراثة، والانتقاء الطبيعي.
يتمثل مفهوم الانتقاء الطبيعي في أنّ الاختلافات القابلة للوراثة بين الأفراد تنشأ في الطبيعة ، وأنّ بعضها تُثبت أنها مفيدة في ظل الظروف السائدة وتُساعد على ولادة المزيد من الأبناء وتوريثهم هذه الصفات؛ حيث يُمكن أن يُفسر توارث هذه الصفات وانتقاء الجيّد منها آلية تطور الأنواع.
أغسطس وايزمان
نشر عالم الأحياء الألماني أوغست وايزمان في ثمانينيات القرن الـ19 نظريته في البلازما الجرثومية للدفاع عن الانتقاء الطبيعي، وأصبحت أفكاره معروفة باسم الداروينية الجديدة، وقد أدت إعادة اكتشاف نظرية مندل للوراثة في عام 1900م إلى التركيز على دور الوراثة في التطور.
هوغو دي فريس
اقترح هوغو دي فريس نظرية جديدة للتطور تُعرف باسم الطفرة، والتي تجاهلت الانتقاء الطبيعي، وقد عارضها بشدة علماء الطبيعة، وخاصة علماء الإحصاء الحيوي؛ حيث دافع علماء الإحصاء الحيوي بقيادة كارل بيرسون عن نظرية الانتقاء الطبيعي.
ثيودوسيوس
نشر ثيودوسيوس في عام 1937م بحث "علم الوراثة وأصل الأنواع" والذي جمع بين الانتقاء الطبيعي الدارويني وعلم الوراثة المندلية، وقد دفع هذا علماء الطبيعة وعلماء الأحياء التجريبية إلى فهم العملية بكونها واحدة من التغيرات الجينية في الأنواع.
بحلول عام 1950م، كان قبول نظرية داروين للتطور والارتقاء عن طريق الانتقاء الطبيعي عالميًا بين علماء الأحياء، وهي الآن مقبولة على نطاق واسع في المجتمع، وتُدرّس داخل المدارس، إلا أنّ العديد من الناس لا يزالون يّعارضونها.
تعريف نظرية النشوء والارتقاء
طوّرت جميع الثقافات البشرية تفسيراتها الخاصة لأصل العالم والبشر والمخلوقات الأخرى، وتفرض نظرية التطور في علم الأحياء أنّ الأنواع المختلفة من النباتات، والحيوانات، والكائنات الحية الأخرى على الأرض هي في الأصل أنواع أخرى موجودة مسبقًا، وأنّ الاختلافات المميزة ترجع إلى التعديلات في الأجيال المتعاقبة.
تفترض النظرية أنّ الأفراد الذين يتمتعون بسمات تُمكنّهم من التكيف مع بيئاتهم؛ يعيشون ويبقون لوقت أطول، ويُورثون هذه السمات لأبنائهم، في حين أنّ الأفراد ذوو الصفات الأقل تكيفًا لن ينجون لوقت طويل؛ ولذلك لن يكون بمقدورهم إنجاب أبناء وتوريثهم هذه السمات، ولذلك مع المرور الوقت يتغيّر الأفراد ويتطورون بحيث يمتلكون السمات التي تُساعد على التكيّف.