نبذة عن كتاب المفضليات
التعريف بالمفضليات
ظهر عند علماء الأدب والمهتمين بالأدب قديماً تأليفهم في الاختيارات الشعرية وهي قصائد يختارها المؤلف ليفردها في كتابٍ منفرد، والمفضليات: مجموعةٌ من القصائد الطوال التي اختارها المفضّل الضبي ثم كتبها في كتاب، وقد أسماها بالاختيارات، ولكنها اشتهرت بعده حتى صارت تعرف باسمه فسُميت بالمفضليات.
سبب تأليف الكتاب
يروي ابن النديم في كتابه الفهرست أنّ المفضل الضبي خرج مع إبراهيم بن عبد الله الملقب بالنفس الزكية على المنصور، فانتصر المنصور على النفس الزكية وقتله، وعفا عن المفضل الضبي وجعله يؤدِّب ولده المهدي، فاختار المفضل مجموعةً من أجود القصائد ليعلمها للمهدي، وكانت هذه القصائد هي المفضليات، وعددها يقارب المائة وثمانية وعشرون قصيدة، وقد تزيد أو تنقص وهناك اختلاف في ترتيب القصائد حسب رواية الرواة الذين رووا المفضليات عن المفضل. .
أهمية المفضليات
تبع أهمية المفضليات الأولى في كونها الاختيارات الأولى للقصائد الحسان، والتي فتحت الباب للاختيارات من بعدها ك الأصمعيات للأصمعي، وجمهرة أشعار العرب لأبي زيد القرشي، وغيرها كالحماسات التي يعد أول من ألّف فيها الشاعر أبو تمام وهذا من حيث أهميتها المنهجية.
والمفضليات فتحت الباب للشراح لإثراء المكتبة العربية بشروحها، كشرح أبو محمد القاسم بن الأنباري، لثقة العلماء بالمفضل في علمه، وأدبه، وخلقه، وأمانته، وخطوة المفضل هذه فتحت الباب لما يمكن أنّ يُسمى بجمع الأدب الرفيع دون النظر لقائله، أو انتمائه، أو موضوعه، فقبل المفضل كان النقد والجمع يدوران حول أشعار القبيلة أو أهجى بيت، أو أمدح بيت، والمفضل بهذا لفت نظر الرواة والنقاد إلى حقيقة الأدب والنقد، وأنّ النقد الحقيقي يكمن في جودة الأشعار لا لأيِّ اعتبارٍ آخر.
ولثقة النقاد والأدباء بأمانة المفضل العلمية يمكن اعتبار هذه الاختيارات ترجمةً صادقةً للمظاهر الاجتماعية، والثقافية، والتاريخية، واللغوية للبيئة التي قيلت فيها هذه القصائد.
منهج المؤلف في كتابه
اعتمد المفضل الضبي على ذوقه الخاص في اختيار القصائد، ولأنه بحث عن القيمة الأدبية والفنية للنصوص لم يميز بين شاعرٍ مشهورٍ أو آخر مغمورٍ، كما اعتمد على قائل النص أيّ أنه تأكد أنّ القصيدة التي ينقلها منسويةٌ لقائلها الحقيقي وليست منتحلةً عليه.
واعتماداً على هذين المبدأين جاءت اختياراته على صورتها، فلم يهتم بتبويبٍ معين أو ترتيبٍ محدد، فيما ظهر أحياناً اختيارات مجهولة القائل على قلتها، ولكن يمكن القول أنّ المفضل كان يعرف قائلها ولكنه أهمل ذلك لأنّ المقصد من الاختيارات هو القيمة الفنية أو أنه تردد في نسبتها فاختار إبقائها دون أنّ ينسبها لشخصٍ بعينه مع ثقته أنها تنسب للعصر الذي جمعت منه اختياراته.
اقتباس من الكتاب
يقول تأبط شراً:
يا عيد مالك من شوق وإيراق
- ومر طيف على الأهوال طراق
يسري على الأين والحيات محتفيا
- نفسي فداؤك من سار على ساق
إني إذا خلة ضنت بنائلها
- وأمسكت بضعيف الوصل أحذاق
نجوت منها نجائي من بجيلة إذ
- ألقيت ليلة خبت الرهط أرواقي
ثمَّ يسرد القصيدة كاملةً، والقصيدة لها قيمةٌ أدبيةٌ كبيرة تظهر في شرح الشراح لها واهتمامهم بها، فضلاً عن كونها تبين الحياة الاجتماعية السائدة، وتوضح حرباً دارات بين قبيلة بجيلة وتأبط شراً، وزيادةً على ذلك فتأبط شراً من شعراء الصعاليك ، وهذه القصيدة حفظت لنا أسلوب هؤلاء الشعراء وبينته ولا تقتصر أهمية القصيدة على هذه النواحي بل في فيها الكثير، وهذا مثالٌ عن قصيدةٍ واحدة في هذه المختارات.