مفهوم العقيدة الصحيحة والعقيدة الفاسدة
مفهوم العقيدة الصحيحة
تعريف العقيدة الصحيحة
العقيدةُ لغةً: من العقد وربط الشيء، وهي ما يدينُ به الإنسانُ، ويؤمن به، أمّا العقيدةُ في الاصطلاح الشرعي: فهي الأمور الدينية التي يجبُ على المُسلمِ الإيمانِ بها بقلبه، وتطمئنُ بها نفسه، ويكون هذا الإيمانُ يقيناً لا يتطرّق إليه شكٌّ أو ريب، لِقول الله -تعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا).
وجميعُها أُمورٌ قلبية لا علاقةَ لها بالعمل، كالإيمان بالله والرُسل والملائكة وغير ذلك، وهي أيضاً المُثل العُليا التي يُؤمنُ بها الإنسان، ويُضحّي لأجلها بنفسه وماله، وهناك الكثير من العلماء الذين عرّفوا العقيدة الإسلامية بذكر أركانها؛ فهي الإيمانُ بالله، وملائكته، وكُتبه، ورُسله، واليوم الآخر، والقدر خيرهِ وشره، وأمّا مصادرُ العقيدة الصحيحة؛ فهي القُرآن والسُنة وأقوالُ الصحابة الكِرام؛ لأنّها من الأمور التوقيفيّة التي لا يجوزُ للإنسانِ الاجتهاد فيها.
أهمية العقيدة الصحيحة
فالعقيدةُ الصحيحة هي الأساس الذي يقومُ عليه الإسلام ، وتُقبل معه الأعمال وتكونُ صحيحةً، لِقولهِ -تعالى-: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)، حيث إن الأعمال لا تُقبل إلا إذا كانت خالصةً لله -تعالى-، وخاليةً من الشرك.
لذلك بدأ الرُسلُ بإصلاحِ عقائدِ أقوامهم؛ وكان أول ما دعوا إليه عبادة الله -تعالى- وحده، ونبذ الشرك، وبقيَ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى العقيدةِ الصحيحة، ألا وهي عقيدة التوحيد.
والتوحيد أهمُ شيءٍ في العقيدة؛ وهو توحيدُ وتعظيم الله -تعالى- وإفرادهِ بالعبادة، وتوحيده بأسمائهِ وصفاته، ولأهميّته يُطلقه بعضُ العُلماء على العقيدةِ كاملة، فيقصدون بالتوحيد كلمة العقيدة.
وتكمُن أهمية العقيدة الصحيحة في إصلاح الإنسان واستقامته، من خلال التزامه بما يأمره الله به، واتّصافهِ بالأخلاق الحسنة، وابتعاده عن الأخلاق السيئة، واستشعاره الدائم بمراقبة الله -تعالى- له في جميعِ تحرُّكاته وخُطواته، بالإضافةِ إلى تطهير النفس وتزكيتها من المعاصي والذنوب، ومن خلالها يتقرّب الإنسان إلى ربّه.
خصائص العقيدة الصحيحة
تتميّز العقيدة الصحيحة بمجموعةٍ من الخصائص، ومنها:
- التوقيفية
أي أنها تعتمد على المصادر الصحيحة في تلقّيها، وهي القرآن الكريم، والسُنة الشريفة، وأقوال الصحابة الكِرام.
- الغيبيّة
أي بالتسليم بالأمور الغيبيّة والإيمان بها كما جاء في النُصوص الشرعية، فجميعُ أركان الإيمان غيبية، لا يُمكنُ إدراكُها عن طريق الحس، وقد أثنى الله -تعالى- على المؤمنين بقوله: (الم* ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ).
- الوسطية والتوازن
بحسب ما تقتضيه النُصوص الشرعيّة.
- العقلانية
فهي تُوافق للعقل.
- الفطرية
فهي توافق فطرة الإنسان بسهولتها ووضوحها، وبُعدها عن العسر والتعقيد والغُلوّ والتشديد.
- الشُموليّة والتكامُل
ببيانها لجميع القضايا الكُبرى التي تشغل الإنسان وتفكيره، كما يتضمّن شمولها لجميعِ أنواع العِبادة ؛ والتي تعني كُلُ ما يُحبه الله -تعالى- ويرضاه من الأفعال والأقوال في الظاهر والباطن، فالعبادات القلبية؛ كالمحبة والخوف والرجاء، والعبادات القولية؛ كالذّكر والتسبيح، وكذلك شُمولها لأُمور الإنسان الدُنيويّة والأُخرويّة، قال الله -تعالى-: (ما فَرَّطنا فِي الكِتابِ مِن شَيءٍ).
- الإقناع بمخاطبة العقل والعاطفة
فأدلّتها واضحة لا ريب فيها.
- المسؤولية
باستشعار المؤمن أهمية المسؤولية المُلقاة عليه بإصلاح نفسه، والرُقيّ بها إلى أعلى الدرجات في الأخلاق الحسنة والمحمودة، والتحلّي بالقيم العُليا، بالإضافة لإصلاح غيره والتأثير به إيجاباً.
مفهوم العقيدة الفاسدة
العقيدة الفاسدة هي الشرك بالله أو إنكاره، فكُلّ ما يُضادُّ ويناقضُ الإيمان به -سبحانه- فهو من العقائد الفاسدة، ويلحق بذلك أيُّ كُفرٍ بأنواع توحيده، أو ارتكاب أحد نواقض الإسلام، ومما يُحدّدُ فساد العقيدة؛ انحراف صاحبها عن منظومة القيم والأخلاق التي أمر بها الله -تعالى-، لِقولهِ -سبحانه-: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشقى)، فكُلما كان الإنسانُ بعيداً عن القيم والأخلاق؛ زاد بُعداً عن العقيدةِ الصحيحة.
ومن
مظاهر الفساد والانحراف في العقيدة
- رفض الوحي كمصدراً للتلقّي في جميعَ شؤون الحياة، وعدم الرِضى به، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّـهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا).،
- زوال الأخلاق وقِيَم الخير، فالفطرة والدين يدعوان إلى الأخلاق وفعل الخيرات، وغير ذلك يُعدُّ من العقيدة الفاسدة.
- الانغماس في الفسق والفُجور، فالمؤمن يردعهُ إيمانه عن الفسق والمعصية والمحرّمات.
أسباب فساد العقيدة
توجد العديد من الأسباب التي تدفع بالإنسان إلى فساد عقيدته، وأهمّها:
- الأسباب المعرفيّة
من خلال اتّباع أصحاب الأفكار المُنحرفة الناتجةُ عن ضُعف بنية عقيدتهم وعدم القدرة على ردّ شُبهات المُضلّلين والمُنحرفين، بالإضافة إلى قصر المعرفة على الأمور الحسّية؛ بإنكار وجود الله -تعالى- والأمور الغيبيّة.
وكذلك توهّم التّضاد بين الدين والعلم؛ بطرح بعض النظريات العلميّة المُناقضة للدين واعتقادِ صحّتها، وتبنّي الإنسان للأحكام الوهميّة المُعتمدةِ على الخيال، والجهل بالدين ومقاصده الناتج عن التقليد الأعمى في العقيدة، والخطأ المنهجي في طريقة التعامل بين العقل والنقل -نصوص الشريعة الثابتة-، وتفسير نصوص الكتاب والسنّة وتأويلها بطريقةٍ فاسدة.
- الأسباب النفسيّة
وهي دوافع داخليّة تدفع الإنسان إلى الانحراف في العقيدة، من خلال تبنّيه تجارب غير صحيحة وقاصرة النتيجة، ومن أهمّ أسبابها؛ الافتقار للتوازن النفسي الذي يتحقّق بالاستعانة بالله والتوفيق منه، ومن الأسباب الأخرى: اتّباعُ الهوى والخُرافات، وإعجاب الإنسان برأيه، والرغبة في الانفلات والتّحرُر من القيود التي تفرضها العقيدة عليه، واتّباع الشهوات.
- الأسباب الاجتماعيّة
من خلال التأثُّر بالبيئة الاجتماعية السائدة، ومن ذلك مُصاحبة أهل الأهواء والضلال ورفقاء السوء، وقد يكون بسبب تفكُّك الأُسَرة وضعف الرقابة منها.