نبذة عن رواية الجني لغازي القصيبي
نبذة عن رواية الجني لغازي القصيبي
صدرت هذه الرواية عام ألفين واثني عشر، على يد الروائي السعودي غازي القصيبي الذي حاول أن يتطرق في عمله الروائي إلى قصص من عالم الجن محاولاً أن يعالج قضية من قضايا اللاوعي الجمعي، التي تعدّ من الأمور المسكوت عنها، لكنها شائعة في مجتمعاتنا العربيّة، فهناك غير قليل من القضايا التي حكم العُرف العام أن لا يتم الحديث بها.
السرد في رواية الجني
يفتتح الكاتب روايته بسردٍ على لسان الشخصية الرئيسة في الرواية، واسمها ضاري ضرغام الضبيع، وقد رمز لها بـ (ض.ض.ض)، وهي شخصية سعودية تعرّف عن نفسها، وتحكي لنا نبذة عن حياتها، فهذا الشخص كان يعمل في شركة استخراج البترول، ومن ثمَّ تحوّل لدراسة علم الإنسان، وحاز على شهادة الدكتوراه من الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثمّ توجّه للتدريس الجامعي.
وبعد ذلك يروي لنا هذا الأستاذ شيئًا عن حياته الشخصية، فيذكر أنّه تزوج أربع زوجات، ويحكي لنا عن زوجاته ابتداءً من الثانية حتى الرابعة، دون أن يتطرق في الحديث عن الأولى، التي ستكون موضوعًا من مواضيع روايته.
وكان السارد يُحدِث قطعًا في سيرورة الأحداث بين حين وآخر ليروي لنا بعض أموره الشخصية، فنراه يتوقف عن سرد أحداث الرواية، ليروي لنا عن موضوع الجن في السعودية لا سيما في منطقة الإحساء ، ويذكر لنا اسم الجنية الكبيرة المشهورة المسماة بأم السعف، فالكاتب يحاول أن يعالج قضية قارّة في اللاوعي الجمعي لا سيما في المجتمع السعوديّ.
الأحداث في رواية الجني
تبدأ الأحداث في هذه الرواية عندما وصل ضاري إلى مطار الدار البيضاء، وهناك يعلن أنّه أول شاب مشرقي يقع في غرام شابة مغربية اسمها فاطمة الزهراء، وبعد يوم واحد يتفقان على الزواج، لكن الأبوين يرفضان الزواج، إلا أنّهما لم ينصاعا لكلام الآباء.
وفي الزيارة الثانية لضاري إلى المغرب يعقد زواجه على فاطمة، لكنه قبل ذلك يكون قد شاهد حلمًا يرى به جدار مقبرة، وبعد الزواج يمرّ هو وفاطمة بجانب ذلك الجدار الذي يتضح أنّه جدار مقبرة الشهداء، وتكشف له زوجه أنها ليست فاطمة وأنّ فاطمة ترقد في الداخل وأعطته ورقة مكتوب عليها عائشة ثلاث مرات، وأخبرته أنه إن أراد رؤيتها عليه حرق هذه الورقة، فهي ليست آدمية.
ومن ثمّ تتأزم أحداث الرواية بعد تمثّل جني اسمه قاديش أمام البطل، ليجلس معه، ويقص عليه قصصًا من عالم الجن، وعن جواز التناسل بين الإنس والجن، وعن تعلم الجن كافة أمور الإنس وتعمقهم بهم.
شخصية الراوي في رواية الجني
كانت شخصية الراوية هي الشخصية الرئيسة في السرد ، وهي التي كانت تسرد لنا الأحداث من منظور الراوي العليم، الذي يحكي لنا سيرته، وما شاهده من أحداث، لكن الجدير بالذكر أنّ هذه الشخصية كانت متخصصة في علم الإنسان، والرواية تسرد أحداثًا متعلقة بالجن وعوالمه.
فلا بد من أن نلاحظ أنّ هناك ترابطاً خفياً بين تخصص الشخصية، وبين الموضوع الروائي، فالكاتب الروائي يحاول أن يروي أحداث روايته الغرائبية على لسان باحث متخصص في علم الإنسان ليعمق حضور الواقعية في خطاب روايته، فالكاتب لعله يريد من المتلقي أن ينشد إلى عالم روايته، ويشعر بشيءٍ من الصدق تجاه أحداثها.
ونرى شخصية ضاري يعاني في الرواية من أزمة نفسية؛ جراء الحدث الذي تعرّض له وهو زواجه من أنثى من عالم الجن، فتحولت حالته إلى حالة من الهيجان الفكري، والمعاناة من أثر الصدمة، والبحث عن حقيقة الأمر والحدث الذي حصل معه، ومن ثم نجد أنّ علاقته بالجني قاديش تستمر فترةً تنتقل بينهما المعارف، وينقل له رسائل الجنية عائشة، وينقل لها رسائله.
الزمن في رواية الجني
تسري أحداث هذه الرواية في زمن استرجاعي، حيث يبدأ السارد بسرد أوضاع حياته الآنية، ثم ينتقل بنا بالعودة بالزمن إلى عام 1963 عندما كان طالبًا جامعيًا في الولايات المتحدة، وكان الكاتب يتنوع باستعمال الأساليب والتقنيات الزمنية، ومن ذلك تسريع السرد، أو إبطاؤه، أو كان يستعمل تقنية الوصف التي يتم تجميد الزمن فيها، ويتحرر من سلطته ليصف لنا أعمق الجزئيات والدلالات.