موقف الإسلام من زواج الأقارب
الزواج في الإسلام
كرم الله -عزّ وجلّ- بني آدم، وخلق الزوجين الذكر والأنثى، وشرع الزواج؛ فقال الله تعالى في كتابه: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، ونظّم أمر الزواج والعلاقة الزوجيّة؛ فبيّن النساء اللواتي يحلّ للرجل الزواج منهنّ، وبيّن المحرّمات من النساء، وذلك في قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا* وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا).
زواج الأقارب في الإسلام
أحلّ الله تعالى الزواج من الأقارب غير المحارم كما جاء في قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ) ، فلم يرد في الإسلام نهيٌ صريحٌ عن الزواج من الأقارب بل بيّن -كما في الآية السابقة- أصنافًا من الأقارب اللواتي يشرع الزواج منهنّ، وجاءت نصوصٌ شرعيَّةٌ موضِّحةً في أنّ لكلٍّ من الرجل والمرأة أن يختار الشريك المناسب له خَلقًا وخُلُقًا، كما أنّ رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- قد تزوّج من قريبته زينب بنت جحش -رضي الله عنها- وهي ابنة عمّته، كما زوَّج -عليه الصلاة والسلام- ابنته فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- من ابن عمه علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه.
ما يُشاع من أحاديث عن زواج الأقارب
إنّ من الناس من يظنّ أن الإسلام نهى عن الزواج من الأقارب؛ لما يشاع بين الناس من بعض الأحاديث التي لم تصحّ نسبتها إلى نبينا الكريم بالأمر بتغريب النكاح، كالقول المنتشر والمنسوب للنبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (غرّبوا النكاح)، وقد ذهب المحدّثون إلى القول بعدم صحّة هذا الحديث، وأنّه لم يثبت عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- شيءٌ في الأمر بتغريب النكاح أو النهي عن زواج الأقارب، وأمّا القول بأنّ الزواج من الأقارب سببٌ لأمراضٍ وراثيَّةٍ تلحق بالذريّة؛ فإنّ كثيرًا من الأطبّاء قد بيّن أنّ ذلك من الأمور المحتملة لكن بنسبٍ ضئيلةٍ وذلك في حال زواج الأقارب بصورةٍ متكرّرةٍ داخل العائلة الواحدة، ولو كان في الزواج من الأقارب ضررٌ مؤكّدٌ وغالبٌ؛ لحرّمه الشرع ولم يُجزه.