موضوعات سورة الحشر
موضوعات سورة الحشر
تنوعت موضوعات سورة الحشر إلى سبعة أقسام؛ أذكرها فيما يأتي:
- بدأت السورة الكريمة بموضوع مهم وهو التسبيح
أي كلُّ ما في السموات وما في الأرض ينزه الله -تعالى- ويمجده ويقدسه، فالكون كله بما فيه من إنسان وحيوان، ونبات وجماد شاهد بوحدانية الله وقدرته ، ويوحده وهو العزيز في ملكه، وهذا في الآية الأولى.
- بينت السورة آثار قدرة الله عز وجل
ومظاهر عزته بإخراج اليهود وإجلاءهم من أوطانهم، بعد أن كانوا في الحصون والقلاع في المدينة المنورة، وكانوا يعتقدون أنّ لا أحد يستطيع عليهم، وأنّهم في عزةٍ ومنعة، وإن حصونهم الحصينة تحميهم من بأس الله.
وتدفع عنهم عذابه، فجاءهم عذاب الله، ولم يكن هذا في حسابهم، وألقى في قلوب بني النضير الخوف، ممّا أضعف قوتهم، وسلبهم الأمن والطمأنينة، والذي يبدأ من الآية الثانية حتى الآية الخامسة.
- بينت السورة موضوع الفيء والغنيمة
وذلك من أموال يهود بني النضير؛ فبيّنت الحكمة من تخصيص الفيء بالفقراء، وبيّنت شروطه وأحكامه؛ ليتحقق التعادل بين طبقات المجتمع، ولا يستأثر به الأغنياء مع شدة حاجة الفقراء، الذين تركوا ديارهم وأموالهم ابتغاء مرضاة الله، وهذا يبدأ من الآية السادسة حتى الآية الثامنة.
- تناولت هذه السورة ذكر أصحاب الرسول صلّى الله عليه وسلّم
من خلال الثناء على المهاجرين والأنصار ؛ فالمهاجرون الذين هجروا ديارهم وأوطانهم حبًا لله، والأنصار الذين آثروا إخوانهم المهاجرين؛ بالأموال والديار على أنفسهم رغم فقرهم وحاجتهم، فإيثارهم ليس عن غنى بالمال، ولكنه إيثار عن حاجة وفقر وهذا غاية الإيثار، وهذا من الآية التاسعة والآية العاشرة.
- بيّنت حال المنافقين الأشرار
الذين تحالفوا مع اليهود ضد الإسلام، فضرب لهم أسوأ الأمثال، فمثلتهم بالشيطان الذي يغري الإنسان بالكفر ثم يتخلى عنه، وجاء ذكرهم بعد أن بيّن الله -تعالى- أوصاف المؤمنين الصادقين ، وذكر الفرق بين أصحاب الجنة وأصحاب النار، وجاء هذا من الآية الحادية عشر وحتى الآية السابعة عشر.
- وعظت السورة المؤمنين
وذكرتهم بيوم لقاء الله؛ ذلك اليوم الرهيب الذي لا ينفع الإنسان فيه إلا عمله، فلا ينفعه حسبٌ ولا نسب، ولا يفيدهم الجاه أو المال، وبيّنت الفرق بين أهل الجنة وأهل النار، ومصير السعداء ومصير الأشقياء، وهذا من الآية الثامنة عشر حتى الآية الواحدة والعشرون.
- خُتمت السورة بذكر بعض أسماء الله الحسنى وصفاته العليا
وأنه يتنزه عن صفات النقص، ويتصف بأوصاف الجلال والجمال، وختم السورة بالتسبيح كما بدأها؛ وهذه إشارة إلى أن المقصود الأعظم، هو تنزيه عظمته عما صورته العقول من صفات عجز ونقص، وهذا من الآية الثانية والعشرين حتى نهاية السورة.
التعريف بسورة الحشر
سورة الحشر هي السورة التاسعة والخمسون بحسب الرسم القرآني ، وعدد آياتها أربع وعشرون آية، وهي سورة مدنية تُعنى بجانب التشريع، والمحور الرئيسي الذي تدور عليه السورة هو الحديث عن اليهود الذين نقضوا العهد مع الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- فأجلاهم من المدينة، وكان ابن عباس يُسمي هذه السورة بسورة بني النضير؛ (قُلتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ الحَشْرِ، قالَ: نَزَلَتْ في بَنِي النَّضِيرِ).
ونزلت هذه السورة بعد سورة البيّنة، وبعد غزوة أحد، وقبل غزوة الأحزاب، أي في بداية السنة الرابعة من الهجرة، وتحكي عن قصة غزوة بني النضير، فبعد قدوم النبي -صلى الله عليه وسلّم- إلى المدينة آمن به جمع من المهاجرين والأنصار، وبعد ذلك عقد مع اليهود معاهدات للمعايشة السلمية، إلّا أنهم نقضوا هذه العهود، وانتهت هذه الغزوة بإخراجهم من المدينة وتطهيرهم منها.
سبب نزول السورة
لما نقض يهود بني النضير العهد مع الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أمر الرسول بإخراجهم من ديارهم، وقد كان النفاق كثيرًا بالمدينة، فأرسل المنافقون يخبرونهم أنهم معهم، فنادوا النبي -صلى الله عليه وسلّم-: والله لا نخرج وإن قاتلتنا لنقاتلنك، فأمر النبي أصحابه وحاصرهم، وقطعوا نخيلهم وأحرقوه؛ إهانةً لهم وإرعابًا لقلوبهم، فتحصنت اليهود في بيوتهم وحصونهم، فكفّ الله أيديهم وأيدي المنافقين فلم ينصرهم.
وألقى الله في قلوبهم الرعب، وهدموا البيوت التي هم فيها، ولم يستطيعوا الخروج على النبي -صلى الله عليه وسلّم-، فلما يئسوا مما عندهم سألوا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الذي عرض عليهم قبل ذلك؛ فقاضاهم على أن يجليهم، ولهم أن يتحملوا بما استقلت به الإبل إلا من السلاح فذهبوا، وقد عيروا المسلمين الذين قطعوا الأشجار والنخيل وحرقوه، فأنزل الله -تعالى- هذه السورة.