مبطلات المسح على الخفين
مبطلات المسح على الخفين
الله -سبحانه وتعالى- رحيمٌ بهذه الأمَّة، فقد شَرَعَ لهم من الشَّرائع ما فيه صلاحهم، ويسَّر الله -عزَّ وجل- لهذه الأمَّة بأن جعل لهم رخصاً، ومنها المسح على الخفَّين، ولهذا المسح مبطلاتٌ، وهي فيما يأتي:
الحدث الأكبر
المقصود من ذلك أنَّ المسح على الخفَّين يبطل وتنتهي مدَّته مع وجود الحدث الأكبر، وهو الذي يستدعي الغسل كالجنابة والحيض والنَّفاس، وهذا بالإجماع كما ورد عن الإمام النووي، حيث قال في المجموع: "لا يجزئ المسح على الخف في غسل الجنابة، نص عليه الشافعي، واتفق عليه الأصحاب وغيرهم، ولا أعلم فيه خلافاً لأحد من العلماء، وكذا لا يجزئ مسح الخف في غسل الحيض والنفاس، ولا في الأغسال المسنونة كغسل الجمعة والعيد وأغسال الحج وغيرها، نص عليه الشافعي، واتفق عليه الأصحاب".
انتهاء مدَّة المسح
إذا انتهت المدَّة المسموح بها للمسح؛ بطل بعد ذلك المسح عليهما، وأمَّا المدَّة المسموح بها شرعاً؛ فهي يومٌ وليلةٌ للمقيم، وللمسافر ثلاثة أيَّامٍ بلياليهنَّ المتَّصلة بها، وتبدأ هذه المدَّة من حين يُحدث؛ أي بعد الانتهاء من الحدث بعد أن يكون لبس الخفين، لا من حين وقت المسح أو لبس الخفين.
خلع الخفين أو أحدهما
إذا خلع المكلَّف الخف أو كلاهما، فقد انتفى شرطُ السَّاتر، وبذلك بطل المسح عليهما.
حكم المسح على الخفين وكيفيته
إنَّ المقصود بالمسح من النَّاحية الشرعيَّة هو أن تصيب البلّة -البلل- خفاً تحقّقت فيه الشروط الشرعيَّة المعتبرة في زمنٍ مخصوص، وحكم المسح على الخفين والجوربين هو الجواز والإباحة، فهو رخصةٌ من رخص الشَّارع -عزَّ وجل- تخفيفاً على الأمَّة رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، في السَّفر والإقامة، وهناك أدلَّةٌ كثيرةٌ على جواز المسح منها ما رواه المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-: (كُنْتُ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفَرٍ، فأهْوَيْتُ لأنْزِعَ خُفَّيْهِ، فَقالَ: دَعْهُمَا، فإنِّي أدْخَلْتُهُما طَاهِرَتَيْنِ. فَمَسَحَ عليهمَا).
وكيفيَّة المسح على الخفين تكون بالمسح على ظاهر الخفِّ من الأعلى، فيضع الشَّخص أصابع يده اليمنى على مقدمة خفّ رجله اليمنى، ويضع أصابع يده اليسرى على مقدمة خفّ رجله اليسرى، ويمرّ بهما إلى السَّاق فوق الكعبين، ويباعد بين أصابع يده قليلاً، بحيث يكون المسح عليهما على شكل خطوط.
ماذا أفعل إذا بطل المسح على الخفين؟
إذا بطل المسح على الخفين، وجب على المكلّف الغسل إن كان السبب هو الحدث الأكبر، وإن كان السبب انتهاء المدة فتعدّدت أقوال العلماء في ذلك كما يأتي:
- عليه غسل الرجلين وذلك يكفيه، وهذا مذهب الحنفيَّة، والرَّاجح عند الشَّافعيَّة.
- عليه إعادة الوضوء، وهذا القول عند الحنابلة، والقول القديم في المذهب الشَّافعي.
- لا تبطل طهارته بانتهاء المدَّة، وهذا قول ابن حزم، والرَّاجح عند ابن تيمية.
- يرى المالكيَّة أنَّ المسح غير محدَّدٍ بمدَّةٍ معيَّنة.
أمَّا إذا خلع الخفين أو أحدهما دون أن يحدث، فتعدَّدت آراء العلماء في ذلك كما يأتي:
- يجب على من انخلع خفّه دون أن يحدث غسل القدمين، دون اشتراط الموالاة، وهذا هو قول الحنفيَّة، والقول الجديد للشَّافعيَّة، ورواية عن الإمام أحمد بن حنبل.
- يجب عليه غسل القدمين مباشرةً، حيث إن الموالاةشرط ، فإذا فُقد الشَّرط وجب عليه استكمال الوضوء، وهذا قول المالكيَّة.
- يجب عليه إعادة الوضوء، لفقدان الطَّهارة، وهذا هو القول القديم للشَّافعي، والمشهور من المذهب الحنبلي.
- لا شيء عليه ما لم يُحدِث، بل تبقى طهارته، وهذا هو قول ابن حزم وابن تيمية.
ملخّص المقال: المسح على الخفين جائزٌ في الشَّرع، وله مبطلات وهي: الحدث الأكبر، وانتهاء مدَّة المسح، وخلع الخفَّين أو أحدهما، وكيفيَّة المسح تكون على ظاهر الخفِّ، وإذا بطل المسح على الخفين فهناك أقوالٌ متعدِّدةٌ للعلماء لما يجب فعله على المُكلّف.