لماذا سمي التقويم الهجري بهذا الإسم
تعاقب الأيام والسنين
يضم التقويم القمري الأشهر الهجرية التي وضعها العرب وعرفوها، واعتادوا عليها، حيث تبدأ السنة الهجرية بشهر محرّم، صفر، ربيع الأول، ربيع الثاني، جمادى الأولى، جمادى الأخرة، رجب، شعبان، رمضان ، شوال، ذو القعدة، و ذو الحجّة، ويحسم تعداد أيام الأشهر القمرية في التقويم الهجري دورة القمر حول الأرض، قال الله عزّ وجلّ: (هُوَ الَّذي جَعَلَ الشَّمسَ ضِياءً وَالقَمَرَ نورًا وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعلَموا عَدَدَ السِّنينَ وَالحِسابَ)، ويبلغ عدد أيام الأشهر القمرية من تسعةٍ وعشرين يوماً إلى ثلاثين يوماً، ولا يزيد على ذلك، والفرق بين عدد السنة القمرية والسنة الميلادية بزيادة أحد عشر يوماً في السنة الميلادية، ولذلك فإنّ فرصة التقاء السنة الهجرية مع السنة الميلادية منعدمةً في أي يوم من أيامهما، وذلك بسبب الفارق الزمني بينهما، ولكنّ التساؤل القائم عن سبب نسبة السنة القمرية للهجرة النبوية، وما دلالة ذلك؟
سبب تسمية التقويم الهجري بهذا الاسم
ينسب المؤرخون تسمية التقويم الهجري بهذا الاسم للخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذلك بعد أن استشار الصحابة الكرام في تسمية السنة القمرية، ورأيهم حول الحدث الأجدر بنسبته إليها، واستقرّ رأيهم على نسبة السنة القمرية لحدث الهجرة النبوية، وكان بعضهم قد اقترح اعتماد مولد النبي صلّى الله عليه وسلّم، وبعضهم اقترح حدث البعثة النبوية ونزول الوحي، وغير ذلك، وكان اختيار الهجرة النبوية له دلالاتٌ هامةٌ، لعلّ أبرزها هو ضرورة تميّز الأمّة عن غيرها من الأمم، ثمّ بما تحمله مناسبة هجرة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من مكة إلى المدينة من أهميةٍ كبرى في تاريخ السيرة النبوية ، حيث نتج عنها علوّ شأن الإسلام وعزّ المسلمين، وكان قيام دولة للمسلمين من أهم مظاهر ذلك، وأمّا بدء السنة الهجرية بشهر محرم؛ فقد كان المسلمون يلتقون في كلّ سنة بمكة المكرمة، حيث أشهر الحجّ، ثمّ ينصرفون منها في شهر محرّم، كما كان الولاة في الأمصار يجعلون من مناسبة الحجّ فرصة للالتقاء بخليفة المسلمين، ليتشاورون حول قضايا الأمة، وكان من الأسباب المباشرة التي دعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى استعجال الحسم في هذه المسألة في السنة السابعة عشرة من الهجرة أنّ أبا موسى الأشعري كتب إلى عمر يسأله عن الكتب التي تصلهم في الولايات الإسلامية ولا تحمل تأريخاً محدّداً؛ فكان اختيار الهجرة كونها حدثٌ فرّق الله به بين الحقّ والباطل.
سبب تسمية الأشهر الهجرية
جاء عن ابن كثير في تفسيره نقلاً عن الإمام السّخاوي أنّ تسمية الشهور القمرية بأسمائها يرجع إلى عدّة أسباب، وفيما يأتي بيان ذلك:
- شهر محرّم: جاء اسمه من كونه شهراً محرّماً ، وتسميته بمحرّم تأكيداً لحرمته، إذ إنّ العرب كانت تحرمّه عاماً، وتحلّه عاماً آخراً.
- شهر صفر: نسبة إلى خلوّ ديارهم ومساكنهم منهم؛ لخروجهم في الأسفار وغيرها، ويُقال في لغة العرب: صَفِرَتْ الديار؛ إذا خلتْ من سكّانها.
- شهر ربِيع الأوّل: نسبةً إلى ما كانوا يفعلونه في فصل الربيع، ويسمّى الارتباع، ويُقصد به الإقامة في عمارة الرّبيع، وربيع الآخر مثل ربيع الأوّل في الوصف.
- شهر جُمادى: لأنّ الماء يجمد في أيامه ولياليه، وشهرا جمادى يؤنّثا ويذكّرا؛ فيقال: الأول والأولى، والآخر والآخرة.
- شهر رجب: مأخوذ من التّرجيب؛ أي: التّعظيم.
- شهر شعبان: نسبة إلى تفرّق القبائل وتشعّبها في الغارة.
- شهر رمضان: من شدّة الحرّ، ويُقال: رمضت الفصال؛ أي: أصابها العطش.
- شهر شوّال: شوّال عند العرب نسبةً إلى الإبل عندما تشيل بأذنابها للطّراق.
- شهر ذي القعدة: بفتح القاف وكسرها، نسبةً إلى قعودهم في أيامه عن السفر ولقاء العدوّ.
- شهر الحِجّة: نسبةً إلى إقامتهم مناسك الحجّ في أيامه.
دور المسلمين في إحياء العمل بالتاريخ الهجري
في ظلّ غياب تأريخ كثير من المسلمين على كافّة المستويات للتاريخ الهجري؛ فإنّه يتوجّب الاحساس بواجب الجميع نحو إعادة إحياء العمل بالتاريخ الهجري، واعتماده في كافّة المجالات، ومن وسائل تحقيق ذلك:
- تذكير الناس بأنّ التاريخ الهجري مرتبطٌ بكثير من الأحكام الشرعية، مثل: الزكاة ؛ فحولان الحول شرطٌ في وجوبها، والصيام مرتبطٌ برؤية هلال شهر رمضان، ومناسك الحجّ لها ارتباطٌ وثيقٌ بأشهر شوال، وذي القعدة، وذي الحجّة، كما إنّ عدّة المرأة التي توفي عنها زوجها مرتبطةٌ بالأشهر القمرية من حيث حساب مدّتها.
- التذكير بموعد الولادة بالتاريخ الهجري، وإشاعة ذلك بين الناس، وضرورة ربط مواعيد المناسبات واللقاءات بالتاريخ الهجري.
- إحياء المناسبات والوقائع الدينية؛ مثل: الغزوات وغيرها، وتذكير الناس بمواعيدها وتاريخها الهجري، كما ينبغي استثمار المناسبات التي لها أهميةً خاصةً في تاريخ المسلمين وسيرتهم في تعزيز إحياء التاريخ الهجري، ومن أمثلة ذلك: يوم عاشوراء، وحادثة الإسراء والمعراج، ويوم عرفة ، وقصة تحويل القِبلة .
- إحياء مناسبة الهجرة النبويّة إلى المدينة المنورة ، إذ الهجرة التي ارتبط اسمها بتاريخ السنة القمرية تعدّ مناسبةً غيّرت مجرى التارخ، كما تعدّ علامة فارقة في تاريخ السيرة النبوية؛ فأقيمت دولة الإسلام بقوة تسندها بعد أنْ كانت حقّاً مستباح الحِمى في مكة المكرمة.
- مطالبة الوالدين والمربّين بتناول أهمية التاريخ الهجري بين الأبناء، وزيادة وعيهم حول أهمية التّمسك بهذا التاريخ، وبيان دلالة ارتباطه بحدث الهجرة النبوية الشريفة.
- مطالبة الهيئات الدعوية والتربوية والمؤسسات الحكومية والشركات الخاصة بأنْ تؤسّس تعاملاتها وخططها الزمنية وفق التاريخ الهجري.
- دعوة المؤسسات التعليمية والمدارس إلى اعتماد التاريخ الهجري أساساً في التقويم الزمني للمواعيد الخاصة ببدء الدوام والامتحانات.