موضوع عن حقوق المساجد في الإسلام
معنى المسجد
أولت الشريعة الإسلامية المساجد اهتماماً بالغاً؛ فهي بيوت الله -تعالى- على الأرض، وقد شجع رسول الله --صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين على بناء المساجد، ودليل ذلك قوله في الحديث النبوي الشريف: (من بنى مسجدًا للهِ، بنى اللهُ له في الجنةِ مثلَه). إنّ كلمة المسجد كغيرها من الكلمات التي تزخر بها اللغة العربية، ولها معنيان واحدٌ في اللغة، والآخر في الاصطلاح، وفيما يأتي بيانٌ لكلا المعنيين:
- المسجد في اللغة: اسمٌ مفردٌ، وجمعه مساجد، ويراد به: مُصلّى الجماعة، أو مكانٌ يصلّي الناس فيه الصلاة في جماعةٍ، والمسجد الحرام: هو المسجد الذي فيه الكعبة المشرفة، والمسجد النّبوي: هو جامع المدينة المنوّرة، والمسجدان: هما المسجد الحرام، والمسجد النبوي، ويُقال: أدّى الصلاة في المسجد؛ أي بيت الصلاة والعبادة عند المسلمين.
- المسجد في الاصطلاح: هو كلّ مكانٍ جُعل ليؤدي فيه المسلمون الصلوات الخمس جماعةً، وقد يطلق اسم المسجد على ما هو أعمّ من ذلك؛ فيدخل في مسمّاه ما يتخذه الإنسان في بيته ليصلي فيه صلاة النافلة، أو ليصلي فيه الصلاة المفروضة عند عجزه عن صلاتها في المسجد الذي يُقيم الناس فيه صلاة الجماعة ، فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (أُعطيتُ خمساً، لم يُعطَهنَّ أحدٌ قَبلي: نُصِرتُ بالرُّعبِ مَسيرةَ شهرٍ، وجُعِلَتْ لي الأرضُ مسجداً وطَهوراً، فأيُّما رجلٍ من أُمَّتي أدرَكَتْه الصلاةُ فلْيُصلِّ).
حقوق المساجد في الإسلام
إنّ للمساجد على المُسلمين حقوق كثيرةً، ولعلّ من أهمّ ما ينبغي على المسلم أن يؤدّيه من حقٍّ لبيوت الله ما يأتي:
- عدم البيع والشراء، والسؤال عن الضالة داخل المسجد، وذلك لما رواه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه، أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إذا رأيتُم من يبيعَ أو يبتاعُ في المسجدِ فقولوا: لا أربحَ اللهُ تجارتَك، وإذا رأيتُم من ينشُدُ فيه ضالَّةً، فقولوا: لا رَدَّ اللهُ عليك ضالَّتَك).
- المحافظة على نظافة المسجد من الأوساخ والنجاسات، وتنظيف المسجد من النخاعة، وذلك لما رواه الصحابي الجليل أنس بن مالك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: (البُزاقُ في المسجدِ خَطيئةٌ، وكفارتُها دفنُها).
- عدم تناول الطعام الذي له رائحةٌ كريهةٌ، والذي يسبب برائحته الأذى للناس والملائكة ؛ كالثوم، والبصل، وممّا يدلّ على ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (منْ أكل فلا يَقرَبَنَّ مسجِدَنا).
- عدم رفع الصوت داخل المسجد، والتنزّه عن اللغو، والفحش، واللهو، والعبث، واللغط من القول، ودليل ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ألا إنَّ كلَّكم مُناجٍ ربَّهُ فلا يؤذِيَنَّ بعضُكم بعضاً ولا يرفعْ بعضُكم على بعضٍ في القراءةِ أو قالَ في الصَّلاةِ).
- أداء تحية المسجد عند الدخول إليه، وفعلها في كلّ وقتٍ يدخل فيه المسلم إلى المسجد.
- المواظبة على أداء صلاة الجماعة في المسجد.
أهمية المسجد في الإسلام
يعتبر المسجد شعاراً للحياة في المجتمع الإسلامي، وليس أدلّ على ذلك من اهتمام النبي -صلّى الله عليه وسلّم- به، وبنائه للمسجد عند وصوله إلى المدينة المنورة ؛ فالمسجد ليس مكاناً لأداء الصلاة فقط، بل له وظائف أخرى كثيرةٌ، من شأنها تحقيق أهداف الإسلام، ورعاية المصالح الدنيوية، والمصالح الأخروية، وفيما يأتي بيان تلك الأهمية:
- المسجد بيت الله، وهو أشرف الأماكن على وجه الأرض، فإنّ فيه تتنزل الرحمات، فهي أماكنٌ للمنافسة على الخيرات، والطاعات، يذكر فيها اسم الله -تعالى- صباحا ومساء، ودليل ذلك قول الله -تعالى- في القرآن الكريم: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ* رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ).
- المسجد خير الأماكن لتربية المسلمين؛ فإنّها تربي في المسلمين روح الأخوة، والمساواة فيما بينهم؛ فهم يجتمعون في مكانٍ واحدٍ، ويقفون للصلاة في مكانٍ واحدٍ، ويصلّون خلف إمامٍ واحدٍ، فلا فرق بينهم بين الملك والخادم، وبين الرجل العالم وبين الرجل العادي؛ فكلهم أمام الله -تعالى- سواءً، ولا فرق بينهم إلّا بالتقوى.
- المسجد هيئةٌ ولجنةٌ ومؤسسةٌ إسلاميةٌ عظيمةٌ، تتفوق على جميع اللجان والهيئات التي تنشأ في كثير من البلاد، والتي يزعم أصحابها أنّها أفضل مؤسسةٍ لإصلاح المجتمع البشري، أمّا في الواقع فلا يمكن إصلاح المجتمع إلّا من خلال تفعيل دور المساجد في تربية الفرد تربيةً إيمانيةً متكاملةً، تقوم على المحبة والاحترام، والتعاطف والتآخي ، وتدعوهم إلى إحياء روح الإسلام في نفوسهم.
- في حضور المسلم إلى المسجد، وسماعه لما يلقيه الخطيب، واتخاذه قدوةً مع إخوانه المسلمين، تتأكد لديه المبادئ الإسلامية، وتثبت عظمة الإسلام في نفسه، وتثبت لديه معاني المحبة والصفح، والتراحم والتعاطف، فتذوب كلّ معاني الحقد، والضغائن من النفوس.
- المسجد أفضل مكانٍ للتربية على مرّ العصور، وخير مثالٍ على ذلك مسجد النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ فقد كان الصحابة -رضي الله عليهم- يحضرون إلى المسجد، ويتعلّمون من النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كلّ ما يحتاجون إليه، وكلّ ما تحتاج إليه البشرية، فخرج العلماء ، والقادة، الذين حملوا راية الإسلام، ونشروه في مشارق الأرض ومغاربها.
- للمسجد دورٌ مهمٌ في نشر المعارف والعلوم، والثقافة ذات الصبغة الإسلامية ، فالمسجد مركزٌ للعلم ، ومركزٌ لتربية النفس الإنسانية على الحلم والأناة، والرفق ، والبعد عن الشدّة والقسوة.
- المسجد يحثّ المسلم على التقوى ، والتطهر ، ويؤهله إلى الحياة النافعة.
- الحضور إلى المسجد لأداء الصلوات سببٌ في مغفرة الذنوب.