موضوع تعبير عن الحضارة العربية
المقدمة: الحضارة العربية تاريخ حافل بالإنجازات
الحضارة العربية حضارةٌ عبقريةٌ وأصيلةٌ، وهي حضارةٌ حافلةٌ بإنجازاتٍ عظيمةٍ قام بها العرب، تروي تاريخًا قام على الابتكار والتطوير للخروج من الظلمات إلى النور، فالمدن المبهرة والمعالم الأثرية تُعبّر عن إبداع العرب في البناء والعمارة من قديم الزمان وحتى اليوم، وفكرهم وأدبهم وشعرهم يُعبر عن ثقافتهم الواسعة، وتعمقهم بالعلوم للخروج بنظرياتٍ جديدةٍ لم يعرفها العالم من قبل.
العرض: الحضارة العربية فكر وفنون وعمارة فريدة
علينا أن نعلم أنّ الحضارة العربية قد عُرفت منذ قديم العصور، فتعود بعض الحضارات إلى ما قبل الميلاد، مثل: الحضارة السومرية التي أوجدت أقدم أبجدية في التاريخ، فكانت في حينها الكتابة المسمارية، وتركت هذه الحضارة أول عمل أدبي قد انتشر في أرجاء العالم وهو ملحمة جلجامش الشهيرة، التي تمت ترجمتها إلى لغاتٍ عديدةٍ.
هناك أيضًا الحضارة البابلية التي تركت آثارها حتى يومنا هذا، فقد بنى البابليون حدائق بابل المعلقة والتي تُعدُّ عملًا عظيمًا وهي إحدى عجائب الدنيا السبعة، واكتشف البابليون الأعداد وعلم الحساب، فتمكنوا من حل معادلات الرياضيات، واهتموا بعلم الأبراج وقاموا بتدريسه، وقسموا السنة إلى اثني عشر شهرًا، والساعة إلى ستين دقيقةٍ، والدقيقة إلى ستين ثانيةٍ.
اعلموا يا أصدقائي أنّ هناك العديد من الحضارات القديمة، مثل: حضارة سبأ وحُمير ومأرب، وكانت حضاراتٍ متقدمةً تركت أثرًا كبيرًا، وكان العرب القدماء يبدعون في علم الفلك ومن خلاله عرفوا مواقع النجوم ليتمكنوا من اختيار الطريق الذي سيسلكونه سواء أكان في البرّ أم في البحر، كما أقاموا السدود وأوجدوا نظام القنوات المائية.
قام العرب القدماء ببناء العديد من المدن والمعالم الأثرية التي لا يسعنا إلا أن ننظر نحوها بدهشةٍ وإعجابٍ وتقديرٍ، فقد أبدعوا رغم قلة الإمكانيات والأدوات والمواد التي يملكونها، فقد قاموا ببناء مدينة البتراء التي نُحتت مبانيها في الصخور، وتضم هذه المدينة الكثير من المواقع الأثرية المذهلة، كما تُعدّ أيضًا من عجائب الدنيا.
عرف العرب القدماء كذلك الطب والعديد من العلوم، وأبدعوا في الشعر في الجاهلية؛ فقد عُرِفوا بفصاحة لسانهم وبلاغتهم وذكائهم، فإن تعرَّض أحدهم لموقفٍ قال فيه أبياتًا من الشعر دون أيّ تحضيرٍ أو تفكيرٍ، بل كان الشعر عندهم فطرةً، وتركوا المعلقات الشعرية الرائعة التي ما زالت تُعدّ رمزًا لإبداعهم وتقدمهم الفكري حتى اليوم.
جاء الإسلام الذي حضَّ على العلم، فازدهرت الحضارة العربية وتطوَّرت في شتى المجالات، وتمَّ إنشاء المدارس والاهتمام بالتعليم ، فدرس العرب مختلف أنواع العلوم، من الطبّ والفيزياء والهندسة والفلسفة، وعملوا على تطوير الكثير من العلوم.
نشأ العديد من الأطباء الذين اهتموا باكتشاف العلاج لجميع الأمراض، حتى الأمراض النفسية التي كان الغرب يظنون أنَّ الذين أصابتهم هذه الأمراض قد دخلت إلى أجسادهم الأرواح الشريرة، فعندما كان الغرب يردّون كل ما عجزوا عن فهمه إلى الخرافات والأساطير كان العرب قد أبدعوا في حلّ تلك المعضلات.
استطاع العرب القدماء معرفة أسباب تلك الأمراض الحقيقية، وذهبوا إلى التفكير بشكلٍ منطقيٍ بما يعترض طريقهم بدلًا من الاستسلام للجهل، ودليلًا على ذلك نرى الكتب التي قام أشهر الأطباء العرب بتأليفها منذ قرونٍ طويلةٍ كانت تُدرَّس بعد ذلك في كبرى الجامعات الغربية، ويتم العمل بها في العمليات الجراحية.
لم تتوقف الحضارة العربية عند مرحلةٍ معينةٍ، بل حافظت على التطور، فاهتم الأطباء بعلم التشريح والطب التجريبي وطب العيون وجراحتها، واكتشف بعضهم عدة أمراض كالحصبة والجدري، وكانوا أول من وصف الدورة الدموية، واخترعوا الأدوات الجراحية، وقام العرب بإنشاء المستشفيات التخصصية ومستشفيات الأمراض النفسية.
إنّني إذ أقول ذلك فلأنّ الحضارة العربية لم تقتصر على علم الطب وتطويره فقط، بل برع العرب في الفلسفة، وتركوا إرثًا كبيرًا من الكتب الغنية بالنظريات الفلسفية التي تعمل على تصحيح النظريات الخاطئة، وقد تُرجمت بعض هذه الكتب في الدول الأوروبية، وتم تطوير علم الجبر والخوارزميات، وعلم الهندسة التحليلية.
اهتم العرب من الجهة الموسيقية بالموسيقا والإيقاع، واخترعوا العديد من الآلات الموسيقية وقاموا بالتعديل على آلاتٍ أخرى، وتطوَّر الأدب فتنوَّعت الموضوعات المستخدمة في الشعر، وأصبح الخط العربي فنًا بديعًا تم استخدامه بطرقٍ مدهشةٍ، وازدهر فن العمارة، حيث بُنيت المساجد الكبيرة والمآذن الطويلة التي تُبين دقَّة العرب في أعمالهم وإبداعهم وذوقهم الفني العالي.
كما بُنيت الأعمدة الجميلة وزُينت بالنقوش العربية، ونلاحظ إتقان هندسة الزخارف الرائعة في المباني، وفن بناء القصور الذي يُعتبر أحد مميزات الحضارة العربية، ومرَّت العديد من العصور، ومضت الكثير من السنوات لكن الحضارة العربية ما زالت حضارةً مميزةً تُحافظ على أصالتها وتزدهر بالتحديث.
إنّ آثار العلماء القدماء موجودة والكتب القيِّمة محفوظة والمدن تروي لأبنائها ولمن يزورها الحكايات التي عاصرتها منذ قيامها، وبينما يُحاول الغرب السيطرة على العرب بأسلحتهم الحديثة وذخيرتهم، نرى العرب قد حاربوهم بالفكر والعلم.
بالرغم من كل التدخلات الخارجية، والمحاولات الكثيرة والمتكررة للغزو الثقافي على البلاد العربية، وطمس هُويتها وهدم حضارتها للسيطرة على شعبها واستنزاف خيراتها وتحويلها إلى مستعمرات، إلا أنّ هذه البلاد بقيت قائمةً مزدهرةً بحضارتها التي امتدت من قبل الميلاد إلى الوقت الحالي، وكأنها تتكلم عن عظمتها وتنوعها لتشمل كل أنواع الفنون والعلوم.
الخاتمة: للحضارة العربية تأثير يتجاوز الآفاق
آخر ما يشار إليه أنَّ الحضارة العربية والإسلامية لم يتوقف تأثيرها على العرب وحسب، بل تركت أثرًا كبيرًا في الحضارات الأخرى على عدة أصعدةٍ، فقد اعتمد الشعب الأوروبي على علم العرب في الطب، وقد قاموا بترجمة العديد من مؤلفات الطب التي كتبها أشهر الأطباء العرب، وتأثرت الحضارة الأوروبية ببعض صفات العرب في الاهتمام بالنظافة.