الليث بن سعد (فقيه وإمام فارسي)
الليث بن سعد
هو الليث بن سعد بن عبد الرحمن بن عقبة الفهمي القلقشندي، ويُكنى بأبي الحارث، عالم الديار المصرية، ومن أبرز الفقهاء، والأئمة، والمحدثين في ذلك العصر، وقد أسس مذهبًا فقهيًا خاصًا به، حتى قِيل أنّه تفوق في علمه وفقهه على الإمام مالك، إلا أنّ مذهبه هذا قد اندثر بوفاته.
مولد الليث بن سعد
ولد الليث بن سعد في عام 94 هجري، في قرية قلقشندة التابعة لمحافظة القليوبية في مصر، وكانت ولادته في عهد الخلافة الأموية، علمًا أنّ أصول عائلته تعود إلى بلاد فارس.
طلبه العلم
بدأ الليث بن سعد تلقي العلم في مسقط رأسه مصر، فدرس على يد كبار تابعيها، وفي عام 113 هجري رحل إلى مكة بهدف أداء فريضة الحج، وفيها سمع الحديث من كبار علمائها، أمثال "ابن شهاب الزهري، ونافع مولى ابن عمر، وعطاء بن أبي رباح، وابن أبي مُليكة"، إلا أنه لم يكتفِ بذلك فرحل إلى بلاد الشام والعراق طلبًا للمزيد من العلم، حيث التقى هناك بكبار علماء التابعين، وقد أتقن الليث بن سعد العديد من العلوم، حيث برع وبرز في علم الحديث، والفقه، والقرآن، والنحو، والشعر.
مكانة الليث بن سعد العلمية
احتل الليث بن سعد مكانة علمية بارزة بين علماء عصره، الأمر الذي أهله للجلوس للفتوى في مصر، وقد بلغت منزلته العالية الحد الذي جعل ولاة مصر وقضاتها آنذاك يرجعون له دائمًا طلبًا للنصح والمشورة، ويأتمرون بأوامره، ومما يجدر ذكره أنّ الليث بن سعد قد تولى قضاء مصر في عهد الخليفة مروان بن محمد، ونظرًا لهذه المكانة فقد عرض عليه الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور تولي إمارة مصر، إلا أنّ الليث اعتذر عن استلام هذا المنصب.
مذهب الليث بن سعد الفقهي
اتبع الليث بن سعد في مذهبه منهجًا قائمًا على الأخذ من القرآن الكريم، والأحاديث الصحيحة، وإجماع الصحابة، حيث كان يأخذ من أهل الرأي، الأمر الذي جعله يتعارض مع آراء الإمام مالك الفقهية، ولعل ما يدل على ذلك الرسائل التي تبادلها مع الإمام مالك، والتي بيّن فيها مخالفته له في الكثير من المسائل الفقهية، وبعد وفاة الليث بن سعد اندثر مذهبه ولم يعد له وجود، ويُعزى السبب في ذلك إلى تقصير تلاميذه في جمعه ونشره، حيث قال الشافعي عنه "الليث أفقه من مالك، إلا أنّ أصحابه لم يقوموا به"، كما عزى بعض المؤرخين السبب وراء ذلك إلى دخول الشافعي مصر، وانتشار مذهبه الفقهي فيها.
وعلى الرغم من أنّ تلاميذ الليث بن سعد لم يقوموا بتدوين فقهه، إلا أنهم أولوا اهتمامًا شديدًا بأحاديثه، فقاموا بجمعها، وحرصوا على روايتها، والحديث عنها في جميع الأقاليم الإسلامية، الأمر الذي ساهم في انتشارها، ومما يدل على ذلك وجودها في معظم كتب السنة المعروفة.
صفات الليث بن سعد
عُرف الليث بن سعد بشدة كرمه وجوده، فقد قِيل إنه كان يتصدق يوميًا على ثلاثمائة فقير ومسكين، كما روى عنه أبو نعيم الحافظ "كان دخل الليث بن سعد في كل سنة ثمانين ألف دينار، ما أوجب الله عليه زكاة درهم قط"، مما يعني أنه كان يتصدق بجميع أمواله وذلك قبل أن يمر عليها حولًا كاملًا عنده، وتُوجب عليها الزكاة.
مؤلفات الليث بن سعد
ألف الليث بن سعد كتابين معروفين هما:
- كتاب التاريخ: تحدث فيه عن تفاصيل فتح مصر وأفريقيا.
- كتاب المسائل في الفقه: ذكر فيه تفسيره لبعض آيات القرآن الكريم.
وفاة الليث بن سعد
توفي الليث بن سعد في النصف من شهر شعبان من عام 175 هجري، عن عمرٍ ناهز 81 عامًا.